كورين لوباج سياسية ومحامية فرنسية وهى متخصصة فى حماية البيئة وعملت وزيرة للبيئة فى حكومات آلان جوبيه بين 1995-1997 وعضو البرلمان الأوروبى بين عامى 2009 و2014. وتترأس حزب COP21 الذى تأسس فى فرنسا عام 1996. الكاتب الصحفى الكبير ألكسندر ديل فال أجرى معها الحوار التالى لموقع «لو ديالوج":
أوضحت كورين لوباج، وزير البيئة الفرنسية الأسبق، أن الاستثمارات فى الطاقة المتجددة أصبحت أكبر منها فى الوقود الأحفورى، وأن الانخفاض الكبير فى تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يمكن أن يصل بالكهرباء إلى أسعار تنافسية؛ مشيرة إلى أنه «ما زال أمامنا الكثير للتحول إلى الطاقة النظيفة». وقالت وزير البيئة الفرنسية الأسبق، فى حكومات آلان جوبيه بين 1995-1997، فى حوار خاص مع موقع «لو ديالوج»، إن الجهود التى تبذلها أوروبا كبيرة على المستوى المالى والتنظيمى والصناعى، وإن الضغط من ألمانيا بتصنيع نوع مختلف من المركبات الحرارية التى تعمل بالوقود الكربونى يفتح باب النقاش؛ معترفة بأننا «تراجعنا بسبب استيراد المصادر اللازمة للصناعة خاصة من الصين».
وأضافت «لوباج»، المتخصصة فى حماية البيئة، أنه «مع حلول 2030- 2035 لا يمكننا إزالة الكربون إلا باستخدام الطاقات المتجددة»، وتابعت: أنا ضد الطاقة النووية لأسباب اقتصادية ومالية وعملية، لأن الطاقة النووية لن تكون قادرة على المنافسة فى مواجهة الطاقات المتجددة؛ معتبرة أن تصنيف الطاقة النووية كطاقة انتقالية يمكن تفسيره سياسيًا. وأشارت «لوباج»، عضو البرلمان الأوروبى بين عامى 2009 و2014، إلى أن «العدالة المناخية ثورة عالمية وهناك 2000 قضية بعضها صدر فيها حكم لصالحها»، وقد شرفنى أن أدافع عن أول قضية للعدالة المناخية ضد الحكومة الفرنسية؛ حيث رفعتُ قضية المناخ الأولى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مارس 2023 وآمل أن أحصل على قرار بحلول نهاية العام. مزيد من التفاصيل فى نص الحوار التالى:
■ بصفتك ناشطًة فى مجال البيئة عضو سابق فى البرلمان الأوروبى وملتزمًة بالدفاع عن الديمقراطية الليبرالية؛ كيف تعتقدين أن الاتحاد الأوروبى قادر على التوفيق بين فرض عقوبات صارمة ضد روسيا وذلك من أجل دعم أوكرانيا – هذه العقوبات تضمنت العودة إلى واردات الفحم والغاز الصخرى ثم ترشيد الطاقة– وبين تحقيق الأهداف المناخية بعد اتفاق باريس ومؤتمرات متعددة الأطراف (كوب)؟
- قد تبدو المعادلة مستحيلة على المدى القصير، ولكن على المدى القصير فقط؛ لقد فرض الوضع الأوكرانى سياسة الرصانة (انخفاض استهلاك الطاقة بنسبة ١٠٪ او اكثر فى فرنسا عام ٢٠٢٢) وأدى ذلك إلى تطوير الطاقات المتجددة وللمرة الأول فى عام ٢٠٢٢ على مستوى العالم أصبحت الاستثمارات فى الطاقات المتجددة أكبر من الاستثمارات فى الوقود الأحفورى.
وتعتبر هذه الزيادة الكبيرة فى حصة الطاقات المتجددة فى كثير من البلاد خاصة أوروبا ضامنًا طويل الأجل لأستقلالية الطاقة كما أن الانخفاض الكبير فى تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح واستمرار هذا الانخفاض السنوات المقبلة يمكن أن يصل بالكهرباء بأسعار تنافسية وبالفعل هذا لا يعنى أن كل شيء مهيأ لتحقيق أهدافنا المناخية ولكنه يعد أمر يدعو إلى التفاؤل.
■ ماذا عن شرم الشيخ والدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف؟
- بعد أن شاركت فى عشرات المؤتمرات تعلمت أن أشعر بخيبة أمل بشكل منتظم مع بعض الأستثناءات.. ولكن طالما أن بلدان الشمال والدول الغنية لم تطرح الأموال الضرورية لتمويل انتقال بلدان الجنوب وللتكيف وللتعويض فسوف تدور مؤتمرات الأطراف فى حلقة مفرغة.
■ ماذا تتوقعين من مؤتمر الأطراف فى دورته الثامنة والعشرين المقرر عقدها فى دبى بالإمارات العربية المتحدة؟
- ربما تفاجئنا الدورة الثامنة والعشرون لمؤتمر الأطراف فى دبى بأخبار جيدة فيما يخص التمويل والالتزام بالتخلص من الهيدروكربونات.
■ هل خطة أوروبا (ريباور اوروبا) Repower Europe التى تتبع خطة «Fit for ٥٥» قابلة للاستمرار؟ وهل سنتمكن من تحقيق الأهداف؟
- لا شك أن الجهود التى تبذلها أوروبا كبيرة على المستوى المالى وعلى المستوى التنظيمى والصناعى. وهذا هدف طموح للغاية فقد تم صياغته بشكل شامل بحيث تعمل كل الاليات وتسير فى نفس الاتجاه: التصنيف، قواعد المحاسبة الجديدة والمحاسبة الإضافية، والتمويل الأخضر، وحماية الطبيعة، والجهد الصناعى، والتبسيط لقواعد الطاقات المتجددة وغير ذلك، ولكن ما زال أمامنا الكثير حتى يكون هذا الانتقال عادلًا بمعنى أن يكون لدى جميع مواطنى أوروبا الوسائل والرغبة فى الدخول فى المرحلة الانتقالية ويعنى أيضًا أن يكون الخيال والمستقبل موضوعا محوريا.
لقد تراجعنا بسبب استيراد المصادر اللازمة للصناعة خاصة من الصين. وتعمل أوروبا على الاستثمار فى البطاريات وأشباه الموصلات والاقتصاد الدوار مما يسمح باستعادة المواد الخام النادرة فى إعادة التصنيع. وهذا الأمر قد يتطلب بعض الوقت وجهد مضاعف والولايات المتحدة مثالًا يحتذى به فى قانون بايدن الذى يدعم الشركات الأمريكية.
كل ذلك يمكن أن يتحقق من خلال ضريبة الكربون ويمكن لاوروبا ان تكون قادرة على إعادة التوازن للشروط الاقتصادية الخاصة بصناعتها. وفيما يتعلق بالمركبات الحرارية فإن الضغط من ألمانيا بتصنيع نوع مختلف من المركبات الحرارية التى تعمل بالوقود الكربونى يفتح باب النقاش وعموما فإن قضية المركبات الحرارية ليست قضية طاقة ولكنها مشكلة صحية أيضًا بسبب تلوث الهواء الذى تسببه هذه المركبات؛ لذلك فإن التخلص منها ضرورى رغم ان جميعنا يعلم انها ما زالت تستخدم فى كثير من البلاد.
■ عارض بعض أصحاب المصانع فى أوروبا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وطلبوا عدم التقيد بهذا المطلب، هل سيتعين على المفوضية الاستسلام؟
- لقد أجبت بالفعل فيما سبق على جزء من هذا السؤال وعلينا توقع فترة انتقالية للمركبات الحرارية التى تعمل بالوقود الحرارى فقط، لكن مع حلول عام ٢٠٣٥ لا أعتقد أن هذا السؤال سيكون له معنى خاصة أن الهيدروجين سيكون قد تم تطويره مع مصادر أخرى للطاقة.
هل يمكننا تعميم الطاقة الشمسية الكهروضوئية فى أوروبا دون الاعتماد على الشركات الصينية المصنعة للألواح الكهروضوئية.. لا نملك اى خيار؛ فمع حلول عام ٢٠٣٠ - ٢٠٣٥ لا يمكننا إزالة الكربون إلا باستخدام الطاقات المتجددة كما أن إعادة التصنيع فى أوروبا خاصة تصنيع الألواح الشمسية وتوربينات الرياح الأكثر إنتاجية يعد امرا ضروريا ونحن نعرف ثمن التبعية وتظل الحقيقة أنه أثناء تحضيرنا وتشييدنا لصناعة أوروبية تنافسية، علينا استيرادها من حيث تتوفر وبسعر تنافسي؛ ولكنها مرحلة مؤقتة.
■ أنتِ تعارضين استخدام الطاقة النووية، هل تشعرين بخيبة أمل أو صدمة لأن الاتحاد الأوروبى انتهى بإعلان هذه الطاقة على أنها طاقة انتقالية؟
- أنا ضد الطاقة النووية ليس لأسباب أيديولوجية ولكن لأسباب اقتصادية ومالية وعملية؛ فأنا على قناعة تامة بأن الطاقة النووية لن تكون قادرة على المنافسة فى مواجهة الطاقات المتجددة والتى تنخفض تكلفتها باستمراروالتى يمكن أن تقترن اليوم بآليات فعالة لتخزين الكهرباء.
وفى الحقيقة، الموقف الفرنسى الفريد من نوعه فى أوروبا الغربية هو بالنسبة لى حدث تاريخي؛ فهو موقف أيديولوجى اتخذه الجنرال ديجول والرئيس بومبيدو قبل أكثر من ٥٠ عامًا عندما كانت الطاقة النووية هى الطاقة الوحيدة التى من المحتمل أن تمنحنا استقلالًا خاصا (يجب أن نكون منطقيين لأن فرنسا لم تعد تنتج اليورانيوم لفترة طويلة).
ولكن اليوم يأتى هذا الاستقلال من الرياح والشمدس والكتلة الحيوية وبأسعار أكثر تنافسية.. أعتقد أن تصنيف الطاقة النووية كطاقة انتقالية يمكن تفسيره سياسيًا ولكن ليس له أى مبرر قانونى وأنتظر باهتمام كبير موقف محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبى حول هذا الملف.
■ تطالبين وتقولين دائما: «معركتى هى الدفاع عن البيئة بالقانون»، فهل ربحت قضيتك بالفعل؟ وهل يمكن أن نصل إلى نتيجة من خلال هذا النهج؟
- العدالة المناخية هى ثورة عالمية وهناك اكثر من ٢٠٠٠ قضيه فى العالم بعضها صدر فيها حكم قضائى لصالحها واستطاعت إرغام الدول مثل بلجيكا وهولندا وفرنسا على بذل المزيد من الجهد لبحث تغير المناخ والاستثمار فى مجال مكافحة التلوث كما فى باكستان ونيجيريا وهولندا.
وقد شرفنى أن أدافع عن أول قضية للعدالة المناخية ضد الحكومة الفرنسية وفزت أمام مجلس الدولة لمدينة جراند سينث التى كانت تشتكى من العواقب التى قد تترتب على عدم كفاءة سياسة المناخ الفرنسية. وقد صدر ثلاثة أحكام مؤيدة الزمت الحكومة الفرنسية باتخاذ تدابير جديدة فى هذا النهج ووفقا للقرار الصادر فى ١٠ مايو ٢٠٢٣ لا يأمر مجلس الدولة فقط الحكومة باتخاذ «إجراءات جديدة» بحلول ٣٠ يونيو ٢٠٢٤ ولكنه ألزم السلطة التنفيذية أيضًا بإرسال «تقرير مفصل عن هذه الإجراءات ومدى فعاليتها اعتبارًا من ٣١ ديسمبر إلى المؤسسة. وقد رفعتُ قضية المناخ الأولى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فى مارس ٢٠٢٣ وآمل أن أحصل على قرار بحلول نهاية العام.. لابد من مواجهة الحكومات التى وقعت فريسة لمصالح متناقضة والتى تتعهد بالتزامات لا تستطيع أن تفى بها فأنا أؤمن بسلطة القانون والقضاة وقدرتهما على بناءً طلب المجتمع المدنى والانخراط فى معركة الكواكب الكبرى: الحفاظ على الحياة على أرضنا.
■ هل يمكن أن تخبرينا عن المزيد من التقدم الذى حققه مشروعك الطموح «الإعلان العالمى لحقوق الإنسان» الخاص بالبيئة، الذى أطلقه فى عام ٢٠١٥ زوجك محامى البيئة كريستيان هوجلو؟
- لقد تم صياغة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بناء على طلب رئيس الجمهورية فرانسوا هولاند كما أن الجمعية التى أتشرف برئاستها هى الآن عضو في Ecosoc ولها موقع استشارى لدى الأمم المتحدة. وقد تمت ترجمته إلى ٤٠ لغة ولها موقع على الإنترنت (droitshomme.org).
ووقعت على هذه الصياغة العديد من السلطات العامة والمدن الكبرى وأكبر اتحاد للمدن UCLG ورابطة البرلمانيين المتوسطيين و٨٠ منظمة غير حكومية وحوالى ٥٠ معهدا وجامعة ومدرسة كبرى بما فى ذلك Science-po، وكذلك الشركات. وهدفنا اليوم هو عرضه على الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى يمكن مناقشة هذا الملف.