تولي الدولة المصرية اهتمامًا كبيرا بتعميق العلاقات مع الدول الأفريقية في السنوات الأخيرة، ولعل هذا ما ظهر جليًا في الزيارات المكثفة التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لدول القارة، كما خرجت العديد من المبادرات الاقتصادية والسياسية، وكذلك القرارات المهمة مثل الإعلان عن إقامة المنطقة الحرة الإفريقية أثناء رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي في 2019، بالإضافة إلى دعم مصر لجهود التنمية في القارة، عبر الشراكة في تنفيذ مشروعات البنية التحتية في القارة، ومؤخرًا طالبت مصر خلال رئاستها لمؤتمر المناخ بتعويض القارة الإفريقية عن الأضرار التي تسببت فيها التغيرات المناخية والتي تسببت فيها الدول المتقدمة.
ووصل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم إلى العاصمة الكينية نيروبي، وذلك للمشاركة في الدورة الخامسة من قمة منتصف العام التنسيقية التابعة للاتحاد الأفريقي، حيث يلقى الرئيس السيسي كلمة يستعرض خلالها خطة مصر فى ظل ترأسها الحالي للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإفريقية للتنمية "النيباد"، كما سيلقى الرئيس كلمة بصفته الرئيس الحالي لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ أمام جلسة البيئة والتغيرات المناخية لاستعراض الجهود المصرية فى مواجهة تأثيرات التغيرات المناخية على دول القارة الأفريقية.
القمة التنسيقية الأفريقية في نيروبي
وصرح المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن القمة التنسيقية الأفريقية تم استحداثها عام ٢٠١٩ تحت الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي، اتصالًا بجهود الإصلاح المؤسسي للاتحاد، وفي إطار محور تقسيم العمل والمهام بين مفوضية الاتحاد الأفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية، فضلًا عن تعزيز مسار التكامل الإقليمي بين دول القارة، خاصةً ما يتعلق بالتكامل الاقتصادي، والذي تعد أبرز خطواته إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية تحت الرئاسة المصرية عام ٢٠١٩.
وتشارك مصر فى قمة الاتحاد الإفريقى للتجمعات الاقتصادية فى 16 يوليو الحالى بكينيا تحت شعار الإسراع فى تطبيق اتفاقية التجارة الإفريقية القارية الحرة كما تعقد اجتماعاتها التحضيرية يومى 13 و14 يوليو على المستوى الوزارى.
ومن المنتظر أيضًا أن يعقد الرئيس مباحثات مع شقيقه الرئيس الكيني "ويليام روتو"، بهدف بحث آليات تعزيز أوجه التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين، وكيفية التعامل مع مشاغل القارة الأفريقية، فضلًا عن مناقشة مستجدات القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وسبل التعاون لبلورة أطر العمل الأفريقي المشترك بهدف دفع عملية التنمية وتعزيز الاندماج في القارة.
وستشهد القمة مشاركة عدد من التجمعات الاقتصادية الممثلة للمناطق الجغرافية المختلفة فى القارة السمراء ومنها (الإيكواس- الكوميسا- الساديك وتجمع النيباد الذى تتولى مصر رئاسته حاليا
ومن المقرر أن تبحث القمة العقبات التى تواجه تطبيق منطقة التجارة الإفريقية القارية الحرة والعمل بشكل جماعى على تسريع وتيرة الاندماج القارى وصولا إلى السوق الإفريقية المشتركة بالإضافة إلى التغيرات المناخية والاقتصاد الأزرق.
ومن جانبها قالت كانايو أوانى نائبة رئيس البنك الإفريقى للاستيراد والتصدير أفريكسيم بنك، إن اتفاقية التجارة الإفريقية القارية الحرة تعد العمود الفقرى للتغلب على العقبات التى تواجه التبادل التجارى فى القارة وأن مهمتهم دعم تنفيذ اتفاقية التجارة الإفريقية الحرة والسعى لدخولها حيز التنفيذ.
التكامل الاقتصادي فكرة أفريقية خالصة
وفي هذا الشأن، قال الدكتور محمود عنبر، أستاذ الاقتصاد، إن التكامل الاقتصادي فكرة افريقية خالصة، وظهرت قبل الاتحاد الأوروبي وكافة التكتلات الاقتصادية العالمية، إلا أن هناك تحديات تعوق التكامل الاقتصادي الإفريقي، وهي وجود العديد من التجمعات الاقتصادية في القارة الإفريقية، بالإضافة إلى ازدواجية انضمام العديد من الدول الإفريقية للعديد من التجمعات.
وأضاف "عنبر" ان القمة التنسيقية هي إحدى مخرجات الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي في 2019، مشددا على أن الدولة المصرية تحمل على عاتقها أهمية التكامل السياسي والاقتصادي في إفريقيا ولهذا تدعم مصر عملية مكافحة الإرهاب في إفريقيا، وكذلك العمل على دعم الدول الإفريقية الباحثة عن النهضة والتنمية الاقتصادية من خلال دعم مشروعات البنية التحتية في إفريقيا.
وأكد الخبير الاقتصادي أن تحقيق التكامل بين دول القارة الإفريقية من شأنه أن يضاعف التبادل التجاري بين الدول الإفريقية أضعافا مضاعفة، لأنه في الوقت الحالي التبادل التجاري بين الدول الإفريقية ضعيفة جدا بالمقارنة بينا لتبادل التجاري بين إفريقيا والصين على سبيل المثال.
ولفت "عنبر" إلى أن المعوقات الأمنية والسياسية هي السبب الرئيس في عدم إتمام التكامل التجاري بين الدول الإفريقية، ولا تزال العديد من الدول الإفريقية لديها ولاء للدول الاستعمارية ولا تزال مسيطر عليها اقتصاديُا من قبل فرنسا، ومن أبرز الأمثلة بعض الدول الإفريقية لا تزال تحكمها علاقات اقتصادية وسياسية مع فرنسا أكثر من علاقاتها مع أي دولة إفريقية أخرى، ولا تزال تستخدم الفرانك الفرنسي على الرغم من تخلي فرنسا نفسها عن الفرانك أمام العملة الأوروبية الموحدة وهي اليورو.
من جهته، قال السفير أحمد حجاج، الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الإفريقية سابقًا، إن مشاركة الرئيس السيسي في قمة نيروبي يأتي استكمالا للجهود المصرية التي بدأت منذ عام 2019، أثناء رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، وكذلك جهود مصر في قمة المناخ COP27، والتي خرجت بالعديد من القرارات الخاصة بتعويض الدول الإفريقية عن التأثيرات السلبية وأضرار التغيرات المناخية على القارة الإفريقية.
وأضاف "حجاج" أن منطقة التجارة الحرة كانت نتاج لرئاسة مصر للاتحاد الإفريقية، وهذه المنطقة أتاحت للصادرات المصرية الدخول بقوة في بلدان المنطقة، وزادت بالفعل الصادرات المصرية بشكل كبير مع الدول الإفريقية، لذا يجب الاهتمام بشكل أكبر بتعزيز التبادل التجاري مع الدول الإفريقية وبخاصة دول شرق إفريقيا، وهي دول تجارية من الطراز الأول.