في منتصف شهر يونيو الماضي، أعلن الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ والنظم الخبيرة بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، عن تأخر موسم الشتاء وتأثيره على معدلات حجم الثمار للفواكه الصيفية الرئيسية، مشيرا إلى أن هذا التأخير يعني أن معظم الفواكه الصيفية مثل المانجو والرمان والليمون والزيتون والعنب والتين والكمثرى لا تزال في مرحلة التحجيم، وهي المرحلة التي يزداد فيها حجم الثمار.
وأوضح الدكتور فهيم أن زيادة حجم الثمار يتطلب اتخاذ احتياطات مشددة من قبل المزارعين والمهتمين بالزراعة، حيث يجب ضمان زيادة حجم الثمار بطريقة متجانسة ومستقرة داخل الثمرة نفسها، وهذا يهدف إلى تجنب حدوث تشققات أو مشاكل في جلد الثمار، مما يؤثر على جودتها وقابليتها للتسويق.
وأشار إلى تأخر موسم الشتاء قد يكون نتيجة لتغيرات مناخية، وهذا يعد تحديًا لقطاع الزراعة، فالفواكه الصيفية تعتمد على فصل الشتاء لتحقيق نمو صحي ومنتج، وتأخره يؤثر على التوقيت الزمني للعمليات الزراعية ويؤدي إلى تحديات جديدة للمزارعين، وتشهد هذه الظروف التي تتطلب حذرًا فائقًا واهتمامًا متزايدًا بالزراعة وإدارة الثروة الزراعية، حيث يجب على المزارعين والمهتمين بالزراعة أن يكونوا على استعداد لتنفيذ تقنيات وإجراءات خاصة لتعزيز حجم الثمار وضمان جودتها، لذا يُنصح بمراقبة النباتات بشكل مستمر، وتوفير العناية اللازمة لتعزيز نموها وتطويرها بشكل صحي.
بالإضافة إلى ذلك، مراعاة توفير العناصر الغذائية الضرورية للنباتات، مثل الماء والأسمدة المناسبة، وتوفير ظروف مناسبة للنمو، مثل درجات الحرارة المناسبة والإضاءة الكافية. يمكن أيضًا استخدام تقنيات الري المتقدمة مثل الري بالتنقيط لضمان توافر الماء بكميات مناسبة للنباتات.
ومن أهم أسباب تأخر محصول المانجو وهي الظروف الجوية وذلك لأن الرياح القوية والعواصف من العوامل الطبيعية التي يمكن أن تتسبب في خسائر كبيرة للمحاصيل، وبالنظر إلى تأخر موسم الشتاء واستمرار ارتفاع درجات الحرارة، فإنه يمكن أن يحدث تراجع في معدلات عقد الثمار والتحجيم. ويشير الدكتور محمد فهيم إلى ظاهرة يُطلق عليها "تنفس الظلام في النبات"، وهي تعني أن النبات يستهلك المادة التي يتم تخزينها في الثمرة لتنفسه خلال الليل، ويحدث ذلك بسبب ارتفاع درجة حرارة الليل بشكل خاص. وبالتالي، يمكن أن ينخفض معدل التحجيم الطبيعي للثمار.
تعتبر زراعة المانجو والبطيخ جزءًا هامًا من القطاع الزراعي في مصر وتسهم في توفير فرص العمل وتعزيز الاقتصاد الزراعي للبلاد، فالمانجو من الفواكه الاستوائية الشهيرة ولها إقبال كبير في السوق المصرية والعالمية، وتتركز زراعتها في مصر بشكل رئيسي في محافظة الإسماعيلية، ويبدأ موسم الإنتاج الرئيسي للمانجو في منتصف يوليو ويستمر حتى نهاية أغسطس، وتصل مساحتها إلى حوالي 300 ألف فدان، حيث يتم زراعة المانجو في مصر للاستهلاك المحلي والتصدير، وتعد مصر واحدة من أكبر المصدرين للمانجو في العالم، حيث بلغت إجمالي الصادرات الزراعية خلال الفترة من أول يناير 2022 وحتى 14 سبتمبر 2022 حوالي 4 ملايين و700 ألف و732 طنا، وبحسب إحصائية أعلنها مركز التعبئة والإحصاء إجمالي صادرات مصر من المانجو حقق مليون دولار عام 2021.
وفي هذا السياق قال حسين ابو صدام، نقيب الفلاحين، أن المانجو لم تتأخر عن موعدها ولكن الاستعجال في طلبها يرجع لانها ملكة الفواكة، لافتا ان المواطنين في هذا الموعد من كل عام تظن انها تأخرت ولكن الموعد الاساسي لمحصول المانجو هو شهر اغسطس القادم، وان المانجو المتواجدة بالاسواق "مانجو من انحاء الصعيد" لانها تنضج مبكرا واخرى مخزنة من العام السابق، لكن المانجو الاسماعيلية مثل الفونس والعويس والسكرية وغيرها تنضج في موسمها الأساسي خلال الشهر القادم.
وتابع في تصريحات خاصة، تأثر محصول المانجو بالتغيرات المناخية التي حدثت وسقط منها ثمار كثير لذلك اثر على الانتاجية بنسبة تصل الى 30% لذلك سيكون الانتاج قليل هذا العام ولكن اذا زاد الطلب المحلي على المنتج مع زيادة سعرها يتربت على ذلك عدم التصدير الكميات المصدرة كل عام، مؤكدا ان المانجو تصدر اذا كان سعر التصدير اغلى من السعر المحلي.
وتوقع ان تكون الاسعار في السوق المحلي مرتفعة بالنسبة للأصناف سالفة الذكر، مشيرا أن المُصدر ينظر دائما الى المكاسب الاقتصادية، لكن الحكومة اذا رات ان التصدير يؤثر على السوق المحلي سيوقف تصديرها لعدم تعطيش السوق، لافتا أن مصر لديها اكتفاء ذاتي من المانجو ويتم تصديرها وكذلك جميع الخضروات والفواكهه ولكن هذا العام لها ظروف استثنائية نظرا للتغيرات المناخية، ومن المتوقع ان تصل اسعار الاصناف الجيدة من المانجو الى 50 جنيها والأصناف النادرة الى 80 جنيها.
وأكمل أما عن المساحة المنزرعة من محصول المانجو تم زراعة 310 ألف فدان من المانجو، وينتج فدان المانجو حسب عمر الشجرة ويترواح ل 10 طن، وهناك 280 ألف فدان اشجار مثمرة وهذا رقم كبير لذلك التصدير السنوي يصل الى 30 الف طن ومن المتوقع أن يقل التصدير ولكن لن يتأثر السوق المحلي.
ومن جانبه قال محمد محمود عبد الرحيم، باحث اقتصادي، وفقًا للأرقام الرسمية فقد بلغت صادرات مصر الزراعية حوالى أكثر من 6.4 مليون طن من المنتجات الزراعية عام2022 فيما بلغت صادرات المانجو الطازجة في مصر حوالي 76 ألف طن تقريبًا، وبشكل عام تصدير الحاصلات الزراعية يجب أن يقوم على فكرة الاستدامة بداية من ترشيد استهلاك المياة الي استخدام الاسمدة بشكل علمي مدروس وبعيدا عن المواد الضارة في الزراعة وبالتالي عندما تزيد جودة المنتجات الزراعية بشكل عام والمانجو بشكل خاص يسهل تصديرها، فهناك شروط اساسية لتصدير الحاصلات الزراعية أن تكون خالية من الآفات المرضية والحشرية.
وتابع انه يجب توعية المصدر بشروط التسليم والدفع ودراسة السوق المستورد بشكل كافي مع الأخذ في الاعتبار ضمان الجودة والمواصفات حسب السوق المستورد، ويمكن القول انه في كثير من الأوقات تفشل كثير من صفقات التصدير وخصوصًا في الحاصلات الزراعية لعدم الالتزام بمعايير الجودة والمواصفات.
وأكمل إنتاج المانجو هذا العام ليس في أفضل حالاته وذلك بسبب التغيرات المناخية الكبيرة الأمر الذي تسبب في تبكير عملية عقد الثمار عن موعدها بأسابيع وفق بعض المزارعين فأن العاصفة في شهر مايو تسببت في خسائر كبيرة للمزارعين وبالتالي مع انخفاض المحصول يتسبب ذلك في زيادة الأسعار، وبالتالي اقترح انشاء صندوق لمخاطر التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية لتعويض المزارعين عن الاضرار المادية الكبيرة.
واعتقد انه لا يمكن القول في المطلق أن التصدير قد يؤثر على السوق المحلي في سوق المانجو لان هناك مواصفات ومعايير صارمة في الكثير من الدول لتصدير المانجو وبالتالي ليس كل محصول مؤهل للتصدير.