الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

محمد أبو العلا السلاموني.. المفكرون يرحلون في صمت

الكاتب الراحل محمد
الكاتب الراحل محمد أبو العلا السلاموني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«ياللي أنت عايش حياة بص لها تلقاها.. سبحة هنا وتنفرط بالعمر ما نشوفهاش.. ولا شييء يعطر حياتنا يمد في مداها.. غير سيرة عاشت هنا أكتر صاحبها ما عاش»، هكذا عبر الشاعر فؤاد حداد في أبياته السابقة عن الموت، الذي يجد فيه الأهل والأحبه التعبير عن فاجعة الرحيل، ومن خلاله يتأمل الناس فلسفة الحياة والموت.

وفي صمت وهدوء رحل ابن محافظة دمياط، الكاتب المسرحي محمد أبوالعلا السلاموني «3 يناير 1941- 18 يونيو 2023»، عن عمر ناهز 82 عامًا، أثناء حضوره أحد الاجتماعات الخاصة بالمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية كعضو، مدافعا عن شئون ومجلة المسرح، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

محمد أبو العلا السلاموني علامة مضيئة في تاريخ أبو الفنون

يُعد «السلاموني»، أحد أهم رواد المسرح العربي، الذين تركوا أعمالًا ستبقى علامة مضيئة في تاريخ أبو الفنون، لقد نجح خلال مسيرته الإبداعية أن يخلق لنفسه أسلوبه المميز والمتفرد بين كتاب جيله، كما خلق له علاقات إنسانية مميزة، فكان بمثابة الأب، والمعلم، والصديق لكل من شاركه العمل، ولم يبخل على تلاميذه شيئًا.

شغلته قضايا الوطن ومناهضة هموم الإنسان، فجعلته يسطرها في عدد كبير من النصوص المسرحية الشهيرة، التي بلغت أكثر من 40 نصا، حيث قدمت بعضها على خشبة مسرح الدولة منها على سبيل المثال وليس الحصر: «مآذن المحروسة»، و«الثأر ورحلة العذاب»، و«ديوان البقر»، و«المليم بأربعة»، و«رجل القلعة»، و«بحبك يا مجرم»، و«تحت التهديد»، و«ست الحسن» وغيرها، فقد مثلت أعماله مصر في العديد من المهرجانات الدولية داخل مصر وخارجها، بالإضافة إلى عدد من الأعمال الدرامية التليفزيونية، وغيرها من المؤلفات، التي رسخت في وجدان الناس، وقد أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب أربعة مجلدات تضم أعماله الكاملة.

شغل «السلاموني» العديد من المناصب الإدارية منها: المدير العام للمسرح، ومستشارًا بالهيئة العامة لقصور الثقافة، ورئيسًا لتحرير سلسلة «نصوص مسرحية» حتى عام 2012، وعضو لجان تحكيم جوائز الدولة التشجيعية، والتفوق، والتقديرية بالمجلس الأعلى للثقافة، وغيرها، وبفضل إنتاجه الغزير ودوره البازر في نهضة المسرح جعلته يتوج بالعديد من الجوائز والتكريمات منها: جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2018، وجائزة التفوق في الفنون عام 2012، وجائزة الدولة التشجيعية في الفنون عام 1984، ووسام الدولة في العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1986، وغيرها، كما كرمه المهرجان القومي للمسرح المصري عام 2018، ومهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 2019، وغيرها من التكريمات، لقد رحل جسد السلاموني لكن تظل أعماله خالدة وحاضرة في أذهان الجميع.

مثقفون يدونون فى دفتر عزاء الكاتب محمد أبو العلا السلامونى

أعرب مجموعة من المثقفين، عن أحزانهم برحيل الكاتب المسرحي محمد أبو العلا السلاموني، الذي يعد أحد أهم أعمدة المسرح العربي، وأبرز مبدعي جيل السبعينيات.

وزيرة الثقافة: المسرح فقد أحد أهم مبدعيه

قالت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، إن الثقافة العربية فقدت أحد أهم مبدعيها، فهو روائي وكاتب مسرحي أثرى الحياة المسرحية بأكثر من ٤٠ نصًا مسرحيًا خالدًا على مدار تاريخه الطويل، والذي استمر عطاؤه خلاله حتى اللحظات الأخيرة من عمره، ليرحل تاركًا إرثًا مسرحيًا وأدبيًا خالدًا.

حسين حمودة: نصوصه نهض أغلبها على معرفة واسعة بفن المسرح

وقال الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب بجامعة القاهرة، إنه مبدع وإنسان طيب ينضم إلى قافلة الراحلين الجميلة، لم نكن، خلال سنوات، قريبين تمامًا، حضر بعض الرسائل الجامعية التي تم إنجازها عن مسرحياته، في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وكنت مشاركًا في مناقشتها، كنا نتبادل التحيات والسلامات والمودة العابرة، لكن اقترابنا الأكبر تحقق قبل حوالي شهرين، وخلال يومين، أثناء مشاركتنا في تحكيم مسابقة «إبداع» التي تنظمها وزارة الشباب والرياضة لطلاب الجامعات في مجالات إبداعية وفنية متعددة، والتي تنتهي بلقاءات مصوّرة مع الطلاب بمدينة الشباب بالإسكندرية.

وتابع: لقد جمعتنا بداية الرحلة في «ميكروباص» صغير أتى لينقل المحكّمين الذين يسكنون في مدينة 6 أكتوبر إلى الإسكندرية، وكنا أربعة: الفنانة فردوس عبدالحميد، وهو، والفنان محمود الحديني، وأنا، خلال الطريق، ثم خلال اليومين التاليين، كان تقاربنا قد اكتمل لطفه، ودماثته، وآراؤه العميقة، كانت غالبة في نقاشاتنا الجانبية، هو وأنا ولا أعرف لماذا، ومن غير مناسبة، قال لي إنه أصبح أخيرا يشعر بالاطمئنان والراحة بعد رحلة حياة شاقة.. الأبناء تزوجوا، وأصبح يقضي وقتا طيبا مع زوجته دون قلق أو خوف من المستقبل.

وواصل: على الغداء، وكان سمكا، لفتت طريقته الدقيقة المتأنية، في التعامل مع السمكة بطبقه، انتباه الفنانة فردوس عبدالحميد.. فقالت له إنه أفضل من رأته يأكل السمك"، وإنه يتعامل مع السمكة «بطريقة مبدعة»، فضحك هو وقال إن «التفسير المزدوج» لهذا هو «إن أنا من دمياط».

وبعد أن انتهينا من التحكيم، في مجالينا، وفي نهاية لقاءاتنا، تبادلنا أرقام الموبايل، وقال لي إنه سيكون سعيدا إذا جمعتنا المكالمات، وربما الزيارات، خصوصا أننا لسنا بعيدين، وأن عنده في هذه الفترة من حياته وقت فراغ طويلا، وها هو يرحل دون أن نتكلم أو نتزاور، ودون أن يبقى له وقت فراغ طويل أو قصير.

وأكد حمودة، نصوصه المسرحية التي نهضت في أغلبها على معرفة واسعة، وإدراك عميق بفن المسرح، وأدواره الثقافية المتعددة التي قام بها، وظل يقوم بها حتى اللحظات الأخيرة، وحضوره الممتد الدمث الجميل الذي شهده كل من اقترب منه، ولو من بعيد، كلها مما سيبقيه بيننا رغم رحيله.

عبدالرازق حسين: أنهى حياته مدافعًا عمّا يؤمن به

وقال الناقد عبدالرازق حسين، رئيس تحرير مجلة المسرح بالمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، إن الكاتب محمد أبوالعلا السلاموني، توفي بعد أقل من عشر دقائق من بدء الاجتماع الذى طالب به، فى الواحدة والنصف ظهر الأحد 18 يونيو الجاري، فقد حضر إلى مقر المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، للاجتماع  مع  مجلس الإداره لمناقشة مصير مجلة «المسرح»، وهل يتوقف إصدارها الورقى وتتحول إلى الإصدار الإلكترونى، وبدأ يتحدث بحماس وانفعال شاب فى العشرينات من العمر، قائلا: إنه يرفض تماما تحويل هذا الإصدار إلى إلكترونى.

وتابع: أثناء الحديث أشار «السلاموني» إلى ما يصدر عن كافة الدول العربية من مجلات متخصصه فى المسرح.

وأوضح حسين، أنه السلاموني تحدث أيضا عن أهمية تكامل الأجهزة التابعة للثقافة، وفجأة بدأ يتنفس بصعوبة ويفقد الوعى وسط ذهول ودهشة وصدمة الحاضرين، ذلك المشهد المأساوى كان فوق طاقة احتمال الجميع، إلى شاء القدر أن تنتهى حياته وهو يدافع عن ما يؤمن به.
هشام عطوة: تمتع بسيرة إبداعية كبيرة فى المسرح والدراما

وقال المخرج هشام عطوة، رئيس الهيئة، إن الراحل تمتع بسيرة إبداعية كبيرة في المسرح المصري والدراما التلفزيونية، ويعد أحد أعمدته بما قدمه من أعمال عديدة مخلدة في الذاكرة، كما تمتع بقدراته الإدارية عبر تدرجه في العديد من المناصب ومنها إدارة المسرح، ورئاسة تحرير سلسلة «نصوص مسرحية» بقصور الثقافة.
إبراهيم الحسينى: صاحب المواجهات العنيفة مع التيارات الظلامية

وقال الكاتب المسرحي إبراهيم الحسيني، إنه حزن كبير بسبب فقد أحد أعلام الكتابة المسرحية في مصر والوطن العربي؛ التنويري، ممتلك المشروع الكتابي المؤثر؛ الذي يستمد جذوره من التاريخ والتراث وصاحب المواجهات العنيفة مع «التيارات الظلامية».

وتابع: أنه ليس وداعا يا أستاذ محمد أبو العلا السلاموني، فالوداع لمن يرحل أما أنت فستظل شامخا وعفيا بمسرحك الذي سطرته يداك؛ لن يؤثر الغياب الجسدي على وجودك الدائم بيننا وداخل حركة وذاكرة المسرح المصري، داعيا «لك الرحمة وللأهل ولنا جميعا الصبر وألم الفراق».

«ابن دانيال والأمير وصال» و«جهاد الفواحش».. جرس إنذار بالخطر والحذر

يُعد «ابن دانيال والأمير وصال» و«جهاد الفواحش» من أبرز نصوص السلاموني المسرحية، الصادرة مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهما مسرحيتان تستكملان سلسلة أعماله، التي تتناول خلالها الكاتب الواقع الثقافي والتراثي في مواجهة ظواهر التطرف والتخلف والعنف والإرهاب.

تمثل المسرحية الأولى كوميدية شعبية عن «ابن دانيال»، التي تكشف زيف دعاوي عودة الخلافة بعد سقوطها في بغداد في لعبة "طيف الخيال"، حيث تعري المسرحية موقف النخبة الثقافية التي تتجاهل فنون العرض والفرجة الشعبية لصالح فنون القول واللغة في لعبة «غريب وعجيب».

أما «جهاد الفواحش» فهي كوميديا سوداء، تتناول ما يسمى بجهاد النكاح لترويج فكرة الفريضة الغائبة عن الغزو والعنف والجهاد، التي تتبناها الجماعات المتطرفة لتغرر بالشباب المراهقن وتورطه في العمليات الإرهابية والانتحارية تحت وطأة هاجس الجنس والهوس بالجواري والسبايا والإغراء بالحور العين، لتدفعه دفعا نحو الموت اللذيد.

ابن دانيال والأمير وصال.. تراث المسرح الذي ظلمته النخبة
في القرن السابع الهجري لقد عاصر ابن دانيال أكبر محنتين قوميتين مرت بها المنطقة العربية، أولها: المحنة السياسية إثر السقوط المروع للخلافة العباسية في بغداد على أيدي همجية جحافل التتار، وثانيها: المحنة الثقافية التي تمثلت في همجية التطرف الديني ضد الفنون والثقافة على أيدي فقهاء السلطة المملوكية المستبدة في مصر، ومن خلالهما انكشفت حقيقة المحنة الحضارية الأكبر المتمثلة في تخلف المنطقة واستمرارها في ظلمات العصور الوسطى والاستبداد بعد غلق باب الاجتهاد الديني وحرق كتب المعتزلةن وابن رشد، وانتشار السلفية الرجعية على يد ابن تيمية وتلامذته، في حين ينطلق بقية العالم نحو عصر النهضة والتقدم والعصور الحديثة.

وقد استطاع ابن دانيال من خلال فن «خيال الظل» أن يتناول تلك المحنتين بطريقة مبتكرة وغير مباشرة، حين كتب وعرض بابة «طيف الخيال» عن الأمير وصال معبرا عنه بوسيلة ساخرة عن خدعة استعادة حكم الخلافة العباسية في القاهرة بعد سقوطها في بغداد، كما كتب وعرض بابة «عجيب وغريب» معبرًا أيضا عن فنون وظواهر الفرجة الشعبية، التي صدرت الفرمانات المملوكة والفتاوي الفقهية بتجريمها ومعاقبة ممارستها.

وكشفت بابة «طيف الخيال والأمير وصال» عن زيف قدسية الحكم في نظام الخلافة، الذي حاول فقهاء السلطة أن يجعلوه أصلا من أصول الدين، وهكذا ظلت لعبة أو خدعة الخلافة مستمرة طوال حكم المماليك في المنطقة فيما يقرب من ثلاثة قرون من الاستبداد والتخلف، إلى أن جاء الغزو العثماني والإطاحة بالدولية المملوكية ليكملوا المزيد من من التخلف والاستبداد حتى قام كمال أتاتورك بإسقاط الخلافة العثمانية في تركيا 1923، تلك كانت الخدعة الكبرى لنظام الخلافة الذي كان مجرد ذريعة منذ أحداث الفتنة الكبرى في القرن الأول الهجري للوصول إلى الحكم باسم الدين، البريء منها، في حين يكمل الشيخ علي عبدالرازق الدور الثقافي والسياسي، الذي سبقه ابن دانيال حين كشف خدعة قدسية الحكم في بابة طيف الخيال والأمير وصال بعد سقوط الخلافة في بغداد.

أما المحنة الثانية التي عاصرها ابن دانيال وعبر عنها في بابة «عجيب وغريب»، فهي المحنة الثقافية التي هددت فنون الفرجة الشعبية تحت زعم أنها بدعة وضلالة، واستطاع ابن دانيال أن يتجنب أسلوب المباشرة في عرض خدعة الحكم بنظام الخلافة في بابة «طيف الخيال» بحكاية الأمير وصال ليأمن بطش الفقهاء والسلطة المملوكية، فقد فعل ذلك في عرض "عجيب وغريب" خصوصا في شخصية الواعظ الفقية الذي يسميه «عجيب الدين»، حيث حاول تقديمه ضمن فنون الفرجة الشعبية من ألاعيب وشعوذات في صورة نقدية ساخرةمع ما يقرب من 27 لعبة وشخصية، حتى لا يتهم بمعارضة قرارات السلطة وفتاوي الفقهاء بتحريم هذه الفنون، لذا فقد ظلت النخبة تنظر لهذا الفن نظرة دونية ويعبرونه خطر يهدد كيانها، لكن العودة لتراث فنون العرض والفرجة واستلهامها وتوظيفها لخدمة قضايا وهموم الواقع سيساعد على نهضة الحركة المسرحية.

جهاد الفواحش.. دراما الخلافة بين هاجس الجنس والخرافة
استلهم المؤلف هذه الدراما العجيبة باسم «جهاد الفواحش في زمن الدواعش» في صورة كوميدية سوداء، تعبيرا عن سقطة العقل العربي في براثن الهاجس والهوس الجنسي، الذي بدأ تاريخه مع الفتنة الكبرى القديمة حتى الفتنة الكبرى الحديثة، فتنة الفوضى الخلاقة التي نعيشها الآن، ولربما في المستقبل منبها ومحذرا من هذه الخرافة التي تدعى بالخلافة، التي تعتنقها كل جماعات الإسلام السياسي سواء من السنة أو الشيعة، إذ إن كلا منهما يعتنق هذه الخرافة التي كانت سببا في الخراب والدمار في تاريخ الإسلام والمسلمين.

وكانت خرافة الخلافة هي سبب الداء والبلاء في نمو واستمرار الفكر السلفي الإرهابي، سواء كان سنيًا أو شيعيًا، فالقضاء على هذه الخرافة لن يأتي إلا بنهضة فكرية وثقافية تخرجنا من نفق هذا العالم الخرافي مثلما خرجت أوروبا من العصور الوسطى إلى عصر النهضة، حيث صنعت قطيعة بين الفكر الميتافيزيقي المطلق والفكر الواقعي المستنير، وبين فكر الحكم باسم الدين والحكم باسم الشعب، فعلى النخبة من المفكرين والمبدعين أن تدرك أن أوروبا خرجت من نفق العصور الوسطى المظلمة على أيدى طليعة من المثقفين والمفكرين رعاة مبدعي الفنون والآداب في إيطاليا أولا ومنها انطلقوا إلى بقية أوروبا، وهو للأسف ما لم ينتبه إليه معظم النخبة في بلادنا حتى الآن، هكذا يشير لنا المؤلف إلى أجراس إنذار الخطر والحذر في أعماله، الذي يحلم بتجسيدها على خشبة المسرح.

ديوان البقر.. وتحديد المصير

إحدى أعمال الكاتب المسرحي محمد أبو العلا السلاموني الناجحة، التي أخرجها كرم مطاوع في العام 1995، على خشبة مسرح الهناجر، ومن بطولة الفنانين: عبدالرحمن أبو زهرة، واحمد حلاوة، وعايدة فهمي، وناهد رشدي، وماجد الكدواني، وعاصم نجاتي، موسيقى وألحان جمال سلامة، استعراضات وليد عوني، وهو نص مأخوذ من كتاب الأغاني للأصفهاني، يتناول حكاية منسوبة لفترة زمنية سيطرت فيها جماعات التطرف على المجتمع، حاولت فيها إلغاء العقول وخلق مجتمع قطيعي كأنه مجموعة من الأبقار، وذلك تحت ادعاء اتقاء نار جهنم.

وفي العام 2017، عهد المخرج محمد دسوقي، مدير مركز الهناجر للفنون آنذاك، لإعادة تقديم العمل مرة أخرى من إخرج ناصر عبد المنعم، ومن بطولة الفنان سامي مغاوري، وآخرون.
وقال المخرج المسرحي ناصر عبدالمنعم، إنه أجرى عدة بروفات للمسرحية، التي كان من المقرر عرضها في منتصف نوفمبر من نفس العام، لكن توقف العمل بسبب نقص ميزانية الخدمات، فكانت هناك عدة محاولات للانتهاء من تلك الصعوبات والتعثرات التي لاحقة العمل.
وتابع عبدالمنعم، أن بطل المسرحية الفنان سامي مغاوري، كان مسافرا إلى المغرب أثناء فترة توقف العرض، لكن تفاجأت بمطالبة تغيره، فمن أدبيات العمل الفني أن تقام المسرحية بنفس فنانيها، مؤكدا أنه وعود تلو الأخرى بشأن الانتهاء من تلك الصعوبات التي تواجه العمل، حتى انتهت علاقته به تماما.
وأشار عبدالمنعم، إلى أنه وقع اختيار المخرج محمد فاضل لإخراج المسرحية بأبطال آخرين، لكن توقف أيضا، فهناك أقاويل بأن العمل سوف يقدم من خلال جهة إنتاجية أخرى ممثلة في البيت الفني للمسرح، وحتى الآن لم يحدد مصيره، فهل سيقدم من جديد أم يظل في طي النسيان.    

المسرح وثورة ٢٣ يوليو

يرى الكاتب المسرحي محمد أبوالعلا السلاموني، أن ثورة ٢٣ يوليو كان لها فضل كبير على فن المسرح، خاصة مسرح الستينيات الذى نتج عن هذه الثورة، التى اتجهت فى مجالات متخصصة فى السياسة، والاقتصاد، والفن، والثقافة وغيرها، بل ويكفي أنها كانت سببا في إنشاء وزارة الثقافة المصرية التى أعطت دفعة قوية للفنون والآداب بشكل عام، إضافة إلى مجلس الفنون والآداب الذى يطلق عليه حاليا المجلس الأعلى للثقافة، وكذلك مصلحة الفنون التى يديرها الكاتب يحيى حقى، وظهر بها الفنون الشعبية وتراثها الشعبي، فهذه الثورة أعطت دفعة قوية للفنون.

وكان المسرح القومي يترأسه أحد رجال الثورة وهو أحمد حمروش، الذي استطاع بقيادته الحكيمه وإستراتيجيته الإدارية حل كافة الخلافات القائمة بين الفنانين وبعضها في ذلك الوقت، مؤكدا أن المشكلة الحقيقة للمسرح تقع فى ضعف إدارته، والإدارة الحكيمة هى أساس تنظيم العمل الفني، ودائما رجل الجيش يمتلكون رؤية واستراتيجية جيدة، لأنهم يدرسونها فى كلياتهم العسكرية، فقد استطاع الدكتور ثروت عكاشة بفضل استراتيجيته الحكيمة أن يبدع ويضع أساسا للبنية التحتية لوزارة الثقافة آنذاك.

ويشير إلى أن سبب نجاح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، أنه كان معلما فى الكلية الحربية، ولديه رؤية استراتيجية ناجحة تؤدى إلى التقدم، حيث ازدهر فى عهده كل المجالات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والفنية، وقد شهد عهد الظابط أحمد حمروش نهضة مسرحية كبيرة، دعا خلالها الكتاب المصريين من بينهم: محمود تيمور، ونعمان عاشور، وسعد الدين وهبة، وغيرهم بعمل مسرحى شهريا يختلف عن الآخر وهذا ما جعل المسرح يزدهر فى عهده.

وعندما تولى الفنان محمود الحدينى قيادة المسرح طلب منه عرض مسرحى بعنوان "الثأر ورحلة العذاب" فى فترة السبعينيات وأخرجه عبدالرحيم الزرقاني، وهي عن امرئ القيس، فكان المسرح يقدم فى تلك الفترة ١٢ عرضا مسرحيا يقدم شهريا طوال العام، مؤكدا أن مديري المسارح فى فترة الستينيات وما بعدها كان النص المسرحى من أهم أولوياتهم وهذا ما نفتقده في الوقت الراهن.