الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

يحيى الطاهر عبدالله.. إبداع لا يموت

الكاتب يحيى الطاهر
الكاتب يحيى الطاهر عبدالله
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يظل الكاتب الراحل يحيى الطاهر عبدالله، أحد كُتّاب القصة القصيرة المحترفين، ومن أبرز مُبدعي جيل الستينيات، والقاص الوحيد في العالم الذي يحفظ قصصه المُدوّنة، فقد ولد في 30 أبريل 1938، في قرية الكرنك مركز الأقصر بمحافظة قنا، لأب كان شيخًا معممًا يُدرّس في إحدى المدارس الابتدائية، وحين انتقل "يحيى" إلى مدينة قنا تعرف على المُبدعين أمل دنقل، وعبدالرحمن الأبنودي عام 1951، واللذين سبقاه في الذهاب إلى محافظة القاهرة بعد ذلك، لاستكمال مسيرتهم الإبداعية.

ويملك يحيى الطاهر عبدالله إنجازًا إبداعيًا أصيلًا، ينحاز فيها إلى أهل بلدته، بداية من مجموعته القصصية الأولى "ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالا"، مرورا بـ"الدف والصندوق"، و"حكايات للأمير حتى ينام"، وغيرها، وصولا إلى روايته الشهيرة "الطوق والإسورة" عن عادات وتقاليد الصعيد، وغيرها من الأعمال التي لاقت استحسانا كبيرا.

وفي التاسع من أبريل عام 1981، رحل يحيى الطاهر، إثر حادث تصادم بطريق القاهرة الواحات، وترك نجلته الدكتورة أسماء يحيى الطاهر عبدالله، التي رعتها السيدة عطيات الأبنودي، لتصبح رمزا لوالديها، فكتب فيها العديد من القصائد والمؤلفات، منها: الشاعر الراحل أمل دنقل قصيدة بعنوان: "الجنوبي" قائلا: ليت أسماء تعرف أن أباها صعد/ لم يمت / هل يموت الذي كان يحيا/ كأن الحياة أبد/ وكأن الشراب نفد/ وكأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد/ عاش منتصبًا، بينما/ ينحني القلب يبحث عما فقد.

ليت أسماء تعرف أن أباها الذي/ حفظ الحب والأصدقاء تصاويره/ وهو يضحك/ وهو يفكر/ وهو يفتش عما يقيم الأود.

ليت أسماء تعرف أن البنات الجميلات/ خبأنه بين أوراقهن/ وعلمنه أن يسير/ ولا يلتقي بأحد....... لذا تعيش أسماء على ذكرى والدها الكاتب يحيى الطاهر عبد الله، ونحن لا ننسى كتابنا ومبدعينا العظماء والمُلهمين.

"الطوق والإسورة"

تُعد إحدى روايات يحيى الطاهر عبدالله، الأكثر شهرة وبروزا كبيرا، التي شكلت فيها مجموعة من القصص القصيرة رواية مهمة، يرى البعض أنها تمكنت من وضع قارئها فى مجتمع تلتقى فيه كل من الأعراف، والتقاليد، والضغائن العائلية، والعواطف والمشاعر الإنسانية الأساسية، وتتفاعل كلها لتصبح جزءًا من هذه الرواية الشهيرة.

وقد أطلق المركز القومي للترجمة برئاسة الدكتورة كرمة سامي باكورة ترجماته عن العربية ضمن مشروع الترجمة عن اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية، وكانت هذه الرواية من بين الأعمال المترجمة إلى اللغة الروسية.

وقالت الدكتورة كرمة سامي مدير المركز القومي للترجمة، إن مشروع الترجمة العكسية يتخذ مسارا يتوازى مع هذا المشروع، الذي أنشأه الدكتور الراحل جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق في العام 1995 وأفضل أن يطلق على هذا الملف "المشروع القومي للترجمة عن اللغة العربية"، فبجانب إثراء ثقافتنا بما يترجم من اللغات الأجنبية نبدأ نحن فى نقل معارفنا للآخر.

وأضافت: ونؤكد حضورنا وفق اختياراتنا نحن لتقويض نظرة الناشر الغربى الاستشراقية لمجتمعاتنا، والذى يفرض بها علينا اختياراته لما يترجم من أعمالنا، فجاء اختيار الرواية لأنها تعكس جوهر الشخصية المصرية بكل ثرائها وتنوعها في ريف مصر وصعيدها.

فيلم الطوق والإسورة

"الطوق والإسورة" من الرواية للسينما والمسرح

"الطوق والإسورة" قصة تناولها المخرج خيري بشارة في عمل سينمائي عام 1986، سيناريو وحوار عبد الرحمن الأبنودى، والذي حقق نجاحا كبيرا، تحكى عن قصة أقيمت في أقصى صعيد مصر في فترة الثلاثينيات من القرن الماضى وتحديدا عام 1933 في قرية الكرنك بالأقصر، تعيش "حزينة" مع زوجها "بخيت البشاري" المشلول والمصاب بالسل، وابنتهما "فهيمة"، التي تأمل أن يعود ابنها "مصطفى" الغائب والذي نزح إلى السودان بحثًا عن لقمة العيش، فيتزوج الحداد "الجبالى" من "فهيمة" بعد وفاة أبيها.

ولأنه عاجز جنسيا فإنها تتأخر في الإنجاب فتلجأ أمها إلى المعبد ليباركها الشيخ هارون ويختلط الإيمان بالفساد، ويأتى الحل على يد حارس المعبد نفسه، وتنجب المولودة "فرحانة" التي لا يعترف بها الأب لعلمه بعجزه جنسيا، تمرض "فهيمة" وتموت لعلاجها بشكل بدائي، تمر السنين وتسعى "فرحانة" الحفيدة مع جدتها "حزينة" لكسب قوتها، وتحمل "فرحانة" سفاحا، ويعود خالها "مصطفى" بعد سفره الطويل، ويحاول تغيير مفاهيم أهل القرية دون جدوى، حتى تموت فرحانة قتيلة على يد ابن عمتها.

شارك في بطولة الفيلم كل من: عزت العلايلي، وشريهان، وفردوس عبدالحميد، وأحمد عبدالعزيز، وعبدالله محمود، وأحمد بدير، وإخراج خيري بشارة.

مسرحية الطوق والإسورة

مسرحية حاصدة للجوائز

تواصل الرواية نجاحها أدبيا وفنيًا، حيث قدمت على خشبة المسرح أيضا للمخرج ناصر عبدالمنعم، دراماتورج الدكتور سامح مهران، للمرة الأولى في الدورة الثامنة لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى عام 1996، وحصل مخرجها ناصر عبدالمنعم على جائزة أفضل إخراج في المسابقة الرسمية للمهرجان، وهى الجائزة الأولى لمصر في هذا المهرجان.

كما تم إعادة إنتاج العرض في 2018، ضمن الاحتفال باليوبيل الفضى لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبى، وشارك ضمن العروض المتنافسة على جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى بمهرجان المسرح العربى، الذى نظمته الهيئة العربية للمسرح في يناير 2019، وحصل على جائزة أفضل مسرحية عربية، لتصبح أول جائزة لعرض مصري في المهرجان العربي، وتم عرضها بهذه المناسبة كعرض الافتتاح في أيام الشارقة المسرحية بدولة الإمارات، وجائزة أفضل عرض متكامل من مهرجان أيام قرطاج المسرحية 2019.

يصطحب المخرج ناصر عبد المنعم الجمهور في رحلة لإحدى مناطق صعيد مصر، يرصد خلالها معاناة إحدى الأسر الفقيرة، التي تُعاني الفقر والحرمان حتى تقع ضحية الخيالات الشعبية والخرافات، كما يشارك الجمهور أيضا في التنقل بين أحداث المسرحية حتى تجعله في تفكير دائم بالحالة التى وصلنا لها وتتوالى الأحداث.

العرض من إنتاج فرقة الطليعة المسرحية التابعة للبيت الفنى للمسرح، ويشارك في بطولته كل من: فاطمة محمد على، ومحمود الزيات، ومارتينا عادل، وأحمد طارق، وأشرف شكرى، وشريف القزاز، وشبراوى محمد، ومحمد حسيب، وسارة عادل، ونورهان أبو سريع، وسارة مصطفى، ونائل علي، غناء كرم مراد، عازف الربابة إبراهيم القط وفرقته، ديكور محيى فهمى، أزياء الراحلة نعيمة عجمي، رؤية موسيقية جمال رشاد، نحت أسامة عبدالمنعم. 

وفي 29 يوليو 2020، أعلن المخرج ناصر عبدالمنعم، عقب انتهاء الليلة الثانية للعرض المسرحي "الطوق والإسورة"، بالمسرح المكشوف بدار الأوبرا، انتهاء التليفزيون المصري من تصوير وتوثيق العرض، وذلك بعد سنوات عديدة من عمر المسرحية، وليالي عرض يصعب حصرها داخل مصر وخارجها.

مسرحية  الطوق والإسورة لفرقة فرسان الشرق

قالب فني جديد برؤية معاصرة

في حين قدمت فرقة فرسان الشرق للتراث، بقيادة الدكتور عصام عزت، التابعة لدار الأوبرا المصرية، هذا العرض على مسرح الجمهورية في العاشر من نوفمبر 2021، حاول خلالها مخرج العمل ممدوح حسن تجسيد هذا العرض الملحمي على المسرح الاستعراضى، لكن في قالب فني جديد يمتزج فيه الرقص الحديث بالفن الشعبي الفلكلوري لينسج لنا عمل فنى فريد يختلف عن الأعمال الاستعراضية، التي قدمت من قبل وتحمل فى طياتها قصص ملحمية تناولتها السينما من قبل.

واستطاع المخرج أيضا التعبير عن الأحداث الدرامية للعرض من خلال الحركة والاعتماد على فن البانتومايم في توصيل المضمون الدرامي ومن خلال الاستعراضات الشعبية التى يجيدها أعضاء فرقة الفرسان، لتقديم وجبة دسمة للمتفرج حتى استطاع إحياء التراث الشعبي المصري من ذاكرة الماضي ليتعرف عليه جيل الشباب الحالى، الذي يجب أن يتعرف على ماضيه لمواصلة مسيرة المستقبل من الإبداع والتألق.

شارك في بطولة العمل أعضاء فرقة فرسان الشرق للتراث، إضاءة مهندس ياسر شعلان، ديكور مهندس أحمد عبدالله، وإخراج ممدوح حسن.

مسرحية الطوق والإسورة