الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

فرانسيس ماتيو في حواره لـ«لو ديالوج»: «كوبا.. الوطن والحياة» يوضح معاناة الحياة اليومية تنهك المواطنين.. و3% من السكان هاجروا للخارج

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فرانسيس ماتيو.. من كبار الصحفيين، نشر كتابًا بعنوان «كوبا.. الوطن والحياة» الذى يرسم فيه صورة مجتمع وصل إلى آخر قدرته على التحمل وشعب لم يعد بإمكانه تحمل النقص فى الموارد.. ولم يصبح الكوبيون مؤمنين بأن الحصار الأمريكى المبرر والسبب لمعاناتهم، وكسروا حاجز الخوف بالنزول للتظاهر بكثافة وبصورة سلمية فى الشوارع.. لا شك أن القمع العنيف لهذه التظاهرات أسكت مؤقتًا هذا الغضب المكبوت؛ لكن إلى متى؟ نظرة تحليلية لهذا النظام فى نهاية أيامه.

«لو ديالوج»: ما هى الحالة العامة لسكان كوبا اليوم؟
فرانسيس ماتيو: ما نلاحظه اليوم ظاهريًا فى هافانا، هو شعور بالقدر، وبأنه تم سحقهم بسبب ثقل الصعوبات اليومية، فعليك الانتظار لساعات طويلة لشراء المواد الغذائية الأساسية دون التأكد من وجودها فى الأساس أو امتلاك القدرة المالية لشرائها بسبب التضخم المتسارع. هذا الشعور بالتهميش واللامبالاة والذى يفسره أيضًا الانهاك المرتبط بجميع الصعوبات اليومية الأخرى، وانقطاع التيار الكهربائى الذى يمكن أن يستمر لساعات أو حتى لأيام. أو نستطيع القول بأنه حالة من الإحباط مرتبطة مباشرة باستحالة القدرة على السفر إلى الخارج، بسبب نقص الوسائل أو الحصول على التصاريح اللازمة لذلك. إنه نوع من الكآبة، وكأن الأمور لن تتغير أبدًا، وكأن البلاد ستبقى مجمدة إلى الأبد فى هذه الحالة من البؤس. لكن هذا يعد ظاهريًا فقط، لأنه منذ مظاهرات ١١ و١٢ يوليو ٢٠٢١، لم يهدأ الغضب أبدًا.. بل أود أن أقول إن الشعور بالعداء تجاه الحكومة العسكرية لميجيل دياز كانيل - رجل راؤول كاسترو - قد ازداد بشكل ملحوظ.. إنه حالة من الغضب لم يتم التعبير عنها اليوم لأن الناس منغمسون فى هذه الصعوبات اليومية التى وصفتها.
«لو ديالوج»: مظاهرات ١١ و١٢ يوليو ٢٠٢١ هى نقطة البداية لكتابك لوصف واقع المجتمع الكوبى الحالى من خلال سلسلة من اللوحات؛ لكن ماذا حدث بالضبط فى يوليو ٢٠٢١؟
فرانسيس ماتيو: فى ١١ و١٢ يوليو، ولأول مرة منذ تولى كاسترو السلطة عام ١٩٥٩، نزل آلاف الكوبيين بشكل عفوى إلى شوارع عشرات البلدات فى الجزيرة للاحتجاج السلمى على الانتهاكات والحرمان وتكرار انقطاع الكهرباء وكل مشاكل الدولة المفلسة. وترد حكومة ميجيل دياز كانيل على هذه الاحتجاجات بقمع عنيف ينتهى فى غضون أيام قليلة بسجن ألف شخص ناهيك عن مئات المدانين الذين تم تقييدهم عبر فرض الإقامة الجبرية عليهم.

 



«لو ديالوج»: كيف يتم تنظيم المعارضة ضد حكومة ميجيل دياز كانيل؟
فرانسيس ماتيو: رد الفعل الرئيسى فى الجزيرة هو الهروب حيث أصبحت مغادرة كوبا أولوية بالنسبة لأولئك الذين يمكنهم المغادرة، لأنهم يستطيعون تحمل تكلفة تذكرة ذهاب فقط - بشكل عام إلى نيكاراجوا «باب الخروج» الرئيسى أو لأنهم يحظون بدعم أقاربهم الذين لديهم حياة مستقرة بالفعل فى أماكن أخرى بالخارج. فى الحقيقة، تعيش كوبا حاليًا حالة نفى على نطاق غير مسبوق، حيث غادر حوالى ٣٠٠ ألف كوبى الجزيرة العام الماضى، وهو ما يمثل نحو ٣٪ من السكان! كما تستخدم الحكومة هذا السباق للهجرة من خلال تشجيع رحيل المتظاهرين. فى حين، تخضع الأصوات المعارضة المتبقية لرقابة صارمة. 
«لو ديالوج»: ذكرت فى كتابك إنكار بعض المثقفين والإعلاميين فى فرنسا لقسوة الديكتاتورية الكوبية؛ كيف يتم التعبير عن هذا الإنكار؟
فرانسيس ماتيو: بعيدًا عن سياسة حجب الحقيقة عن الشعب، يعود ذلك جزئيًا إلى دعاية كاسترو التى اعتمدت لفترة طويلة على مقولات الصحة والتعليم للجميع. وبالنسبة لمسألة إنكار بعض المثقفين والإعلاميين فى فرنسا ما يحدث فى كوبا، من الضرورى أن ننظر إلى «الكتائب الطبية» التى قامت الدولة الكوبية بإرسالها للخارج خاصة وقت انتشار الوباء. فى الحقيقة، تحت غطاء المساعدات الإنسانية، يقوم النظام الكوبى بعمل عجيب! لأن كوبا تدفع ما بين ٣٠٠٠ و٥٠٠٠ دولار شهريًا لكل معاون طبي، وتصادر ٧٥٪ إلى ٩٠٪ من رواتب هؤلاء الأطباء والممرضات، حتى عودتهم إلى كوبا لتجنب هروبهم. فى الواقع، من خلال إطلاق مسمى الألوية الطبية الكوبية عليها؛ لذا فإن فرنسا وإيطاليا تشارك فى «شكل من أشكال العبودية الحديثة»، على حد تعبير النائبة التشيكية ديتا شارانزوفا. إضافة إلى ذلك فلقد تقدمت منظمة هيومان رايتس ووتش بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية لإدانة هذه الألوية الطبية الخاضعة للمراقبة.
«لو ديالوج»: ماذا يمثل الحظر الأمريكى اليوم فى ظل هذه الأوضاع؟
فرانسيس ماتيو: الحصار الذى تفرضه الولايات المتحدة منذ ستين عامًا، لم يعد يبرر الوضع الخطير للغاية فى كوبا. لقد أصبح هذا الحصار فى الواقع الذريعة الرئيسية لنخبة صغيرة للبقاء فى السلطة بفضل الشرطة والجيش. علاوة على ذلك، فإن المصدر الرئيسى للدخل فى كوبا اليوم يأتى من «الريميسا»، أى الأموال والبضائع التى يرسلها الكوبيون المغتربون، وخاصة أولئك الذين يعيشون فى الولايات المتحدة، وخاصة فى ميامي. السبب الحقيقى لبؤس الشعب الكوبى هو جشع هذه الطبقة من الحكام الذين دمروا بالكامل الطاقات الإنتاجية للبلاد من خلال التهامهم المكاسب المالية على مدى عقود حيث تلقت كوبا ١١٥ مليار دولار بين عامى ١٩٦٢ و١٩٨٩ من الاتحاد السوفيتى، وهو ما يعادل ثمانية أضعاف خطة مارشال، لدولة كان تعداد سكانها فى ذلك الوقت أقل من ١٠ ملايين! وبعد انهيار الكتلة السوفيتية، تم إنقاذ نظام كاسترو بمساعدة هوجو شافيز الفنزويلى والبترول الفنزويلى، وأيضًا بدعم من البرازيل «دى لولا»، ثم الصين. وتسعى الحكومة الكوبية اليوم للحصول على دعم مالى من روسيا وإيران وتركيا على وجه الخصوص. هذه هى الطريقة التى استخدمها أولئك الذين يحكمون كوبا اليوم أنفسهم وذلك بتنصيب أنفسهم على أنهم «العدو الأفضل للولايات المتحدة». فى غضون ذلك، ذهب ٢٨٣١٨٩ كوبيًا إلى المنفى فى الولايات المتحدة العام الماضي: بمعدل ٧٧٥ لاجئًا فى اليوم! وهو ما يوضح الكثير من تطلعات الشعب الكوبي.
«لو ديالوج»: كيف ترى مستقبل كوبا؟
فرانسيس ماتيو: الفقر والتمييز والقمع والرقابة. كوبا تعانى من نفس الشرور التى تسببت فى سقوط وهروب فولجنسيو باتيستا فى عام ١٩٥٩، بالإضافة إلى انهيار اقتصادى كارثى اليوم. ومن المحتمل أن تنتج من تلك الأسباب نفس التأثيرات التى حدثت فى الماضي. يبقى أن نرى كيف سيحدث هذا التغيير، الذى يبدو لا مفر منه، وماذا ستكون عواقب عجز السنوات الأخيرة. إن الشعور بالظلم هو الذى يجعلنا للأسف لا نستطيع استبعاد تصفية الحسابات والعنف فى حالة الاحتجاجات الجماهيرية إذا وقعت مجددا.
لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:

https://www.ledialogue.fr/