قرار تاريخى، اتخذته الحكومة المصرية، تمثل فى السماح للمصريين العاملين فى الخارج باستيراد سيارات من الخارج معفاة من الضرائب والجمارك مقابل وديعة دولارية، يتم تحويلها إلى حساب البنك الأهلى تسترد بعد ٥ سنوات دون عائد.
ولاقت المبادرة ترحيبا كبيرا من المغتربين فى الخارج، حيث تمكن من استيراد سيارات بأسعار أقل من الموجودة فى السوق المصرى حاليا، خاصة فى ظل ارتفاع الأسعار بطريقة غير مسبوقة، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة وصلت إلى ٢٥٪، وفقا لتصريحات الخبراء.
وتستهدف الحكومة، من قانون منح بعض التيسيرات للمصريين المقيمين فى الخارج، جذب المزيد من التحويلات، لزيادة موارد النقد الأجنبى للبلاد، ورغبة فى تحقيق الاستفادة القصوى من تلك التحويلات سواءً بالنسبة للدولة وللمصريين المقيمين بالخارج.
وبحسب بيانات البنك المركزى المصرى، فقد بلغت تحويلات المصريين بالخارج ٣١.٩ مليار دولار خلال السنة المالية ٢٠٢١/٢٠٢٢ مقابل ٣١.٤ مليار دولار خلال السنة المالية ٢٠٢٠/٢٠٢١ بنسبة نمو ١.٦٪.
وانخفض حجم مبيعات السيارات فى مصر ليصل إلى ١٤٨.٥ ألف سيارة خلال الفترة من يناير إلى أغسطس من عام ٢٠٢٢ مقابل ١٨٦.٣ ألف سيارة خلال الفترة المماثلة من العام الماضى بنسبة تراجع ٢٠٪، وفقا لبيانات مجلس معلومات سوق السيارات المصرية «الأميك».
وحسب قانون استيراد سيارات المصريين بالخارج، فقد تم إعفاء السيارات الكهربائية من الجمارك، بينما يتم دفع جمارك على جميع السيارات الأخرى المستوردة، وتختلف القيمة الدولة المستحقة، حسب السعة اللترية، وكذلك سيتم دفع ضريبة القيمة المضافة ١٤٪، وضريبة الجدول ورسوم التنمية.
وتعفى جميع السيارات المستوردة من الرسوم الجمركية، من دول الاتحاد الأوروبى وفقا لاتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية، ودول المغرب، والأردن، وتونس، وفقا لاتفاقية أغادير، ودول سويسرا، والنرويج، وآيسلاندا، وليختنشتاين، وفقا لاتفاقية رابطة التجارة الحرة الأوروبية، و المملكة المتحدة وتركيا، وفقا لتفاقية منطقة التجارة الحرة، بينما تقوم بدفع ضريبة القيمة المضافة ورسوم الجدول والتنمية.
أما السيارات المستوردة من دول الخليج وآسيا وباقى دول العالم خارج دول الاتفاقيات، فإنها تدفع رسوم جمارك وضرائب معا.
تواصلت«البوابة نيوز »، مع خبراء ومصنعى السيارات فى مصر، لمناقشة ومعرفة فوائد وسلبيات قانون استيراد سيارات المصريين بالخارج بدون جمارك، حيث يرى اللواء حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات، والمدير التنفيذى السابق لرابطة مصنعى السيارات فى مصر، أنه فرصة جيدة للمغتربين فى الخارج للحصول على سيارة معفاة من الرسوم الضريبية والجمركية، مقابل وديعة دولارية فى ظل الأزمة العالمية وزيادة التضخم وتراجع الإنتاج عالميا، وقلة المعروض من السيارات فى مصر، مما تسبب فى زيادة الأسعار بطريقة غير مسبوقة.
وأضاف مصطفى لـ«البوابة»، أن عدد المصريين المقيمين فى الخارج يصل إلى نحو ١٠ ملايين مغترب، منهم ٤.٥ مليون فى بالدول الخليجية، ومليون و٦٠٠ ألف مصرى مقيم فى الأردن، لافتا إلى أن هؤلاء المغتربين لم يستفادوا من المبادرة مثل المقيمين فى أوروبا، التى تتمتع باتفاقية «زيرو جمارك»، عكس دول الخليج التى لا تربطها مع مصر هذه اتفاقيات الإعفاء الجمركى.
وتابع خبير السيارات:«المقيمين فى دول الخليج مطلوب منهم دفع القيمة الدولارية، ولكن لم يتمتعوا بمزايا الدول التى بينها وبين مصر اتفاقيات تجارة حرة والتى تنص على تطبيق الإعفاء الجمركي».
وأوضح مصطفى، أن المباردة تشترط على المواطن المغترب أن يمتلك قيمة الوديعة المستحقة عن السيارة فى حسابه البنكى فى الخارج قبل ثلاثة شهور من تاريخ نشر القرار فى الجريدة الرسمية، لافتا إلى أن هذا الشرط سيكون عائقا أمام الكثير من المواطنين العاملين بالخارج.
وأكد المدير التنفيذى السابق لرابطة مصنعى السيارات، أن غالبية المقيمين فى دول الخليج، حسباتهم البنكية لا تكون بها المبالغ الكافية للودائع الدولارية بسبب تحويلاتهم بغرض شراء وحدات سكنية أو بهدف الاستثمار فى المشاريع التجارية.
وتابع مصطفى، أن هناك عددا قليل من المغتربين الذين سيكون مبلغ الودائع موجودة فى حساباتهم وبالتالى هم الذين يستفيدون من المبادرة، وهذا قد يؤثر على حجم العائد الدولارى المتوقع والداخل إلى خزينة الدولة، لافتا إلى أن هذا الشرط سيؤثر على أعداد المستفيدين من المبادرة.
وأشار خبير السيارات، إلى أن هذه المبادرة ستقوم بتحريك الجمود الذى تعانى منه سوق السيارات المصرية حاليا، حيث البعض سوف يستورد بغض التجارة والبيع فى مصر والاستفادة من فارق السعر، والبعض الأخر يستورد بهدف الاستعمال الشخصى، فيما سيقوم آخرون باستيراد السيارات الفارهة والاستفادة من فارق الأسعار بين الخارج ومصر.
وتوقع مصطفى، أن يتم استيراد من ٢٠٠ إلى ٣٠٠ ألف سيارة من الخارج، خلال فترة مباردة استيراد سيارات المصريين بالخارج، مستبعدا زيادة الأعداد عن ذلك بسبب بعض الشروط التى ستكون عائقا أمام الكثير من المغتربين.
وحول مدى استفادة الوكلاء فى الخليج من هذه المباردة، يرى خبير السيارات، أنه قد يسعى بعض الوكلاء فى الخليح للاستفادة من المبادرة عن طريق تقديم عروض مميزة مثل تحمل شحن السيارات من الخارج إلى مصر، للحصول على جزء من «الكعكة» ومساعدة المصريين بالخارج.
وهذا حدث بالفعل خلال الأيام الماضية، حيث أعلن وكيل سيارات بيجو فى دولة الكويت عن عروض ترويجية للمصريين المقيمين فى دولته، تمثل فى توفير فرصة شراء سيارة من الكويت بدون مصاريف شحن.
ويتوقع مصطفى، تزايد أعداد السيارات المستوردة من الخليج عن التوقعات الحالية، فى حال وجود عروض مميزة للمصرين المقيمن فى الخارج من الوكلاء فى الدول الخليجة، لافتا إلى أن السيارات فى الخليج أرخص بكثير من السوق المصرية.
وعن رؤيته فى زيادة الأسعار فى السوق المصرى بعد تحرير سعر الصرف، يقول خبير السيارات، إن الأسعار وصلت إلى حد الجنون وما زالت تتزايد، ولن يكون هناك حل لوقف مسلسل الزيادات إلا بتوافر السيارات فى مصر، وهذا سيحدث عند إلغاء العمل بالاعتمادات المستندية والعودة إلى مستندات التحصيل مرة أخرى، والإفراج عن السيارات المتراكمة فى الجمارك.
وفى هذا السياق، قال المهندس خالد سعد، الأمين العام لرابطة مصنعى السيارات، وأحد وكلاء السيارات فى مصر، إن المبادرة تراعى المواطنين المقيمين فى الخارج والدولة المصرية والوكلاء فى مصر، فالجميع سيسفتيد منها.
وأضاف سعد لـ«البوابة»، أنها سمحت للمواطن المغترب باستيراد سيارات سواء مستعملة أو جديدة معفاة من الجمارك، وكذلك ستدعم ميزانية الدولة من خلال زيادة حصيلة التحويلات الدولارية، أما الوكلاء، فقد سمحت المبادرة لهم بالبيع للمغترب مقابل تحويل الوديعة الدولارية وثمن السيارة.
ولتوضيح كيفية استفادة الوكلاء فى مصر من المبادرة، يقول«سعد":«بعض الوكلاء لديهم سيارات فى المناطق الحرة وبالتالى يحق لهم بيع هذه السيارات للمغترب، باعتبارها سيارات مصدرة من الدولة التى يقيم فيها المغترب، وينطبق عليها نفس الشروط سواء فى دول الخليج أو الاتحاد الأوروبي».
واستكمل قائلا:«لو الوكيل عنده منطقة حرة فى الإسكندرية على سبيل المثال، يمكن استيراد سيارات وإدخالها مناطق حرة فتعتبر سيارات خارج مصر، طالما لم يتم دفع جماركها والإفراج عنها، وبالتالى فمن حق الوكيل إعادة تصديرها أو إدخالها البلاد بسداد الجمارك، ومن هنا يمكن للمغترب شراء هذه السيارات من الوكيل، ويقوم بتحويل ثمن السيارة للوكيل المحلى، وكذلك تحويل القيمة الدولار المستحقة عنها على حساب البنك الأهلى، وبالتالى سيستفيد الوكيل».
وتابع:«لو مصرى عايش فى أوروبا بدل ما يستورد سيارة من الخارج ممكن تشتريها من المنطقة الحرة من الوكيل، زيها زى برة، هنا معفى وهناك معفى زيرو جمارك، ومن المميزات أن العربية موجودة فى مصر ومفيش مخاطر نقل وفى صيانة وضمان».
وذكر الأمين العام لرابطة مصنعى السيارات، أن بعض الشركات فى مصر ستقدم باقات لضمان السيارات وخدمات ما بعد البيع التى سيتم استيرادها من الخارج، نظرا لأن جميع السيارات المستوردة ستكون خارج الضمان، وهذا سيكون عائقا أمام المواطنين.
ومن جهة أخرى، يقول منتصر زيتون، عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن توقعات البعض باستيراد مليون سيارة، خلال مدة مبادرة سيارات المصريين بالخارج، أمر مستبعد تماما.
وتوقع زيتون خلال حديثه لـ«البوابة»، أن يتم استيراد نحو ٥٠ ألف سيارة كحد أقصى، وذلك لعدة أسباب أبرزها اختلاف المواصفات عن السوق المصرية، وعدم تمتع دول الخليج بإعفاء جمركى كامل، مثل دول الاتحاد الأوروبى، وقيمة الوديعة الدولارية ستكون عائق للبعض، فليس جميع المغتربين يحتفظون بالأموال فى الخارج، بل يتم تحويلها إلى مصر لشراء وحدات سكنية أو الاستثمار فى المشاريع التجارية، علاوة على ارتفاع أسعار بعض الطرازات فى الأسواق الخليجية.
وأكد عضو شعبة السيارات، أن أسعار بعض الطرازات فى دول الخليح، مرتفعة ويوجد ما يسمى بالأوفر برايس عليها مثل السوق المصرية، قائلا:» أسعار بعض السيارات بقيمة الأوفر والجمارك، مثل كيا سبورتاج تساوى قيمتها فى مصر، وبالتالى لن يستفيد المغترب باستيراد مثل هذه السيارات، ويجب حسب المبالغ والرسوم أولا قبل اتخاذ القرار».
وحول فارق الأسعار بين دول الخليج والسوق المصرية، يقول زيتون، أن أسعار السيارات المستعملة و«كسر الزيرو» الموجودة فى دول الخليج، أرخص من المتاحة فى مصر بنحو ٣٠٪، بينما يبلغ فارق الأسعار فى الجديد نحو ٥٪، أما السيارات المستعملة المستوردة فى أوروبا، سيكون فارق السعر نحو ٢٥٪ مقارنة بالسوق المصرية.