في قمة العشرين خفف الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج من حدة التوترات بين بلديهما، لكنهما في الوقت ذاته لا يزالان يتنافسان على النفوذ في آسيا وخارجها، ويقدمان حلولا تنافسية حول كيفية معالجة الفقر والحرب في أوكرانيا.
ووصف "شي" الصين بأنها شريك ثابت للمنطقة، رافضا ما وصفه بـ "عقلية الحرب الباردة" للولايات المتحدة في تشكيل تحالفات أمنية، بحسب ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وفي قمة العشرين، تحدث الرئيس الصيني بنبرة عالية عن "مبادرات الصين العالمية" مثل الحزام والطريق لمكافحة الفقر والصراع، بينما ظل غامضا علنا بشأن الحرب الروسية الأوكرانية وتهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النووية.
وقال شي جين بينج في الجلسة الافتتاحية لاجتماع قمة العشرين في بالي بإندونيسيا: "إن رسم خطوط أيديولوجية أو تعزيز سياسات المجموعات ومواجهة الكتل لن يؤدي إلا إلى تقسيم العالم، وإعاقة التنمية العالمية والتقدم البشري".
بايدن يدفع بالأموال لدعم الدول الفقيرة
ومن جهته، كشف الرئيس بايدن عن خطوات جديدة من جانب دول غربية غنية وعد فيها بمئات المليارات من الدولارات لبناء بنية تحتية في دول فقيرة في مسعى ينظر إليه على نطاق واسع على أنه يتعارض مع مبادرة الحزام والطريق الصينية فيما التقى بقادة من إيطاليا وتركيا لحشد الدعم.
وأكد أنه سيتم جمع 20 مليار دولار لمساعدة إندونيسيا في التقليل من استخدام الفحم والاتجاه للطاقات البديلة.
وعلق بايدن قائلا: «أنا مقتنع بأننا يمكننا الخروج من هذه الأزمة سواء الاقتصادية أو الصحية.. سنخرج بأقوى مما كنا عليه»، مضيفا «نركز حاليا على الاستثمار والبنية التحتية، لأن الاستثمارات تسد الحاجيات المحلية ونجد من خلالها موارد جديدة لتحسين حياة الجميع.. لقد أقمنا الكثير من الشراكات لمواجهة مشكلة الأمن الغذائي ومشاكل الاتصال الرقمي وأمن الطاقة والمساواة بين الجنسين».
وتعهد الرئيس الأمريكي بجمع 20 مليار دولار لمساعدة إندونيسيا في التقليل من استخدام الفحم والاتجاه للطاقات البديلة"، مبرزا "كما خصصنا 720 مليون دولار لمؤسسة الألفية في إندونيسيا، والتي ستركز على النقل".
وأردف: «وحول العالم نستثمر في المعادن والتكنولوجيا للانتقال نحو الطاقة الخضراء».
الصين تزاحم أمريكا لحل مشاكل العالم
وأظهرت أجندات الصين والولايات المتحدة في القمة، وهي تجمع لأكبر اقتصادات العالم، كيف تغازل القوتان الدول الأخرى بأولويات مبارزة وبرامج إنفاق، ويمكن أن يفيد هذا التنافس أحيانا القوى المتوسطة - مثل إندونيسيا، الدولة المضيفة- من خلال توليد المنافسة لتقديم المساعدة والدعم، ولكن يمكن أن يتركهم أيضا خائفين من التعرض للضغط بين العمالقة المتصارعين.
وقالت كورتني جيه فونج، الزميلة المشاركة في معهد لوي في سيدني، أستراليا، في إشارة إلى دول جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا: "هذه المجموعة ليست مهتمة باختيار الجانبين". "إنهم يفضلون أن تكتشف هاتان الدولتان ذلك حتى لا يتم سحقهما في المنتصف.”، وفقا لنيويورك تايمز.
ورحلة الرئيس الصيني إلى إندونيسيا هي أول ظهور شخصي له في تجمع عالمي كبير خارج الصين في السنوات الأخيرة، منذ انتشاركورونا، ويبدو أن الرئيس شي، الذي عزز من قوته مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الذي مدد حكمه الشهر الماضي لمدة خمس سنوات أخرى، يستعد لإعادة شحن دبلوماسية الصين، وقال إنه يريد من الصين أن تروج بقوة أكبر لحلولها لمشاكل العالم.
لكن إحجام شي جين بينج عن اتخاذ موقف أكثر وضوحا بشأن أوكرانيا، أو الخوض في المهمة المعقدة المتمثلة في السعي لوقف الحرب، أظهر أيضا الحدود التي تواجهها الصين إذا سعت إلى إزاحة الولايات المتحدة كوسيط قوة عالمي.
واستغل "شي" المنصة العالمية لـ قمة العشرين للترويج لما يسمى بمبادرة الأمن العالمي، وهو اقتراح غامض بدأ في وقت سابق من هذا العام لتقديم حلول للصين للنزاعات والتهديدات الدولية، ويبدو أن الفكرة مدفوعة جزئيا على الأقل بحساسية الحكومة الصينية تجاه الانتقادات بأنها فشلت في الوقوف إلى جانب تقديسها المعلن للسيادة عندما خاضت روسيا حربها مع أوكرانيا
من ناحية أخرى، كان بايدن حريصا على تعزيز القيادة التقليدية للولايات المتحدة، قائلا يوم الاثنين إن الولايات المتحدة "مستعدة أكثر من أي دولة في العالم، اقتصاديا وسياسيا، للتعامل مع الظروف المتغيرة في جميع أنحاء العالم.”
وسعى شي وبايدن إلى تهدئة هذه المخاوف، حيث اجتمعا لمدة ثلاث ساعات تقريبا ووعدا بكبح التوترات التي تسببت في تصاعد العلاقات بين الصين والولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، وكان للرسالة صدى في جنوب شرق آسيا، التي اعتمدت لعقود على علاقة مستقرة بين الصين والولايات المتحدة للحفاظ على ازدهارها.
وفي الأشهر الأخيرة، أعرب كبار المسؤولين عن قلقهم من تدهور العلاقات بين القوى، بيد أن الكثيرين منهم شعروا الآن بالارتياح من نتيجة اجتماع بايدن و"شي".
وختامًا فإن قادة قمة العشرين أعربوا عن مخاوفهم المتزايدة بشأن تصاعد خطر الصراع في العالم.