تعمل الحكومة الصومالية على مواجهة خطر تمدد حركة الشباب الإرهابية، وذلك باتخاذ إجراءات صارمة لمحاصرة ذلك الانتشار سواء على الناحية الإعلامية أو التمدد الميداني من خلال إلحاق عدة هزائم للحركة المرتبطة بتنظيم القاعدة في أماكن تمركزها بالبلاد.
حظر نشر
أعلنت الحكومة الصومالية الفيدرالية، السبت 8 أكتوبر 2022، فرضها حظرًا على نشر أخبار حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، في وسائل الإعلام المحلية والمنصات الرقمية، وذلك استجابة للقرارات التي اتخذتها وزارة الإعلام لتقويض نفوذ الحركة الإعلامي والميداني وسط البلاد وجنوبها.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده اليوم نائب وزير الإعلام الصومالي عبدالرحمن يوسف العدالة، قال فيه إن البلاد تخوض حربًا ضد حركة الشباب منذ الأسابيع الماضية، وإن الجيش الصومالي حقق تقدمًا عسكريًّا في جبهات القتال في أكثر من إقليم، لكن الحكومة الفيدرالية استحدثت حربًا إعلامية جديدة لمواجهة هذه الحركة إعلاميًّا.
وأشار إلى أن الحكومة الفيدرالية تحظر اعتبارًا من اليوم نشر أخبار حركة الشباب وأفكارها المتطرفة في وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي.
وكشف عن حظر 40 منصة رقمية في «فيسبوك» و«تويتر» كانت تابعة للحركة، ولا تزال الجهود جارية لحظر جميع أشكال برامج الدعاية الإخبارية التابعة لها، ونفذ هذا القرار بناء على أوامر من النيابة العامة، والقيادات العليا في الدولة.
وأوضح أن كل منصة رقمية تبث أخبارًا لحركة الشباب ستوقفها وزارة الإعلام، وأن وقف هذه ااجراءات حظر النشر ليست له علاقة بصون الحريات الصحفية التي يكفلها الدستور الصومالي، بل يأتي في إطار حصار المناهج الفكرية المتطرفة للحركة الإرهابية اعلاميًّا.
وتأتي هذه الخطوة من وزارة الإعلام بعد انتشار منصات رقمية كثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي تنقل أخبار حركة الشباب وتبث أفلامها التي تتضمن عمليات الحركة العسكرية ضد الجيش الصومالي، وذلك في خضم حرب عسكرية طاحنة بين الجيش الصومالي وميليشيات مسلحة عشائرية من جهة ومسلحي حركة الشباب من جهة ثانية في مناطق متفرقة بوسط البلاد.
مرصد الأزهر يثمن الإجراء
من جانبه، ثمن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف هذا الإجراء الذي نادى به المرصد أكثر من مرة في تقاريره الدورية، مؤكدًا خطورة الآلة الإعلامية التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية في بث سمومها وترويج أفكارها المتطرفة وإقناع الناس بها، خاصة الشباب، من خلال خلط الجيد بالسيء والتلاعب بتفسير الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية الشريفة من أجل التدليس وتوصيل مفاهيمهم المغلوطة، إضافة إلى خلق صورة ذهنية ذات تأثير مزدوج قادرة على الجذب والإرهاب في الوقت ذاته، كما يتطلع المرصد إلى تحقيق نتائج هذا الإجراء رغم تأخره، لحجب أفكار هذه الحركة عن المجتمع وخاصة الشباب.
وفي 2021، حذرت دراسة من تحديات العالم الرقمي الذي تستغله الجماعات المتطرفة لترويج أفكارها واستقطاب الشباب وتمويل عملياته في ظل اتجاه عالمي لتشديد التشريعات المكافحة للإرهاب.
وبحسب دراسة لـ«المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب»، مقره ألمانيا، فإن مخاطر التنظيمات المتطرفة، على الأمن الدولي ومن ضمنها الأمن الرقمي السيبراني قد تصاعدت خلال السنوات الأخيرة، فلم تعد تقنيات الإرهاب كسابق عهدها، ما يعني أن أجهزة الاستخبارات في سباق مع «الذكاء الاصطناعي» وتحديات العالم الرقمي الذي تستغله الجماعات المتطرفة، في عالم ربما غير منظور للمواطن العادي وهي الشبكة المظلمة والعميقة.
وأوضحت أن التنظيمات المتطرفة أدركت مبكرًا أهمية شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي واعتبرتها منفذًا مأمونًا لنشر وتنفيذ مشروعها الأيديولوجي بعد إقرارها بفشل عمل التنظيمات السرية والتجنيد المباشر في ظل الهجمة الأمنية الدولية والتنظيم الإقليمي.
وقالت إن العالم الرقمي وأدواته المتطورة والآمنة عزز قدرة التنظيمات الإرهابية وبخاصة «داعش» على ترويج أفكاره المتطرفة واستقطاب الشباب ليكونوا جزءًا من مخطط «الذئاب المنفردة» بسهولة لتنفيذ العمليات الإرهابية من غرفهم، خاصة مع استخدام تطبيقات وشبكات غير مراقبة أمنيًّا مثل؛ «تليجرام» و"ديب ويب".
وتقوم الجماعات الإرهابية بتصنيف مواقع التواصل وفق استخدامها المناسب، حيث تنشط على فيسبوك لاستدراج الشباب بطرق غير مباشرة، أما تويتر، فيستخدم لنشر الأخبار الترويجية للأفكار المتطرفة، وتليجرام للمساهمة في نشر أدبيات التنظيم وكتاباته وروابط تقاريره المصورة والمرئية، لترويج نجاحات مزيفة، في حين يستغل يوتيوب لتمكين مشاركيه من تحميل الفيديوهات قبل الحذف، حيث إن نظام المراقبة الخاص بالموقع يتم بعد رفع الفيديوهات عليه.