قال الدكتور عدنان سلوم، خبير الفنون المسرحية، ومشرف مشروع المسرح وفنون العرض في مؤسسات ربع قرن، إن تأسيس أجيال مثقفة تبدع في كافة المجالات يتطلب المزيد من البرامج الثقافية المتنوعة التي تعزز قدراتهم، وتسهم في تنشئة أجيال لا تكتفي بالحلم والتمني، وإنما تذهب إلى أبعد من ذلك، إلى الإعداد والتخطيط الجيد لتحقيق الأحلام والأهداف، وانطلاقاً من دورها الريادي ورؤيتها "شريك مجتمعي في بناء أجيال واعية ومؤثرة"، واستهدافاً لبناء شخصية منتسبيها وتعزيز حضورهم المجتمعي، أطلقت مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، مشروعها التكاملي "المسرح وفنون العرض"، الذي سيستمر على مدار العام الجاري 2022، محدثاً نقلة نوعية في مهارات منتسبيها وتواصلهم مع الآخر بما يتواكب مع معطيات ومتطلبات روح العصر.
وتابع: أن مشروع المسرح وفنون العرض يعد مشروعاً إبداعياً تدريبياً يستهدف منتسبي مؤسسات ربع قرن "أطفال الشارقة، ناشئة الشارقة، سجايا فتيات الشارقة والشارقة لتطوير القدرات – تطوير"، بمختلف فئاتهم العمرية من 6 إلى 31 عاماً لتوفير مساحات حرة يعبّرون من خلالها عن ذاتهم بمواهبهم وإبداعاتهم من خلال جملة من البرامج في تخصصات المسرح المختلفة.
وأضاف سلوم، أن المشروع يهدف إلى بناء الشخصية الإنسانية معرفياً ومهارياً ووجدانياً من خلال اللباقة وحسن التعامل مع الآخر، وتمكين المشاركين من إجادة اللغة العربية الفصحى، وإيصال الخبرات والمعارف بطرق مختلفة، إضافة إلى تنمية مهارات قوة الملاحظة والتذوق الحسي والنقد البنّاء، وتنمية شخصيتهم القيادية والعمل بروح الفريق، فضلاً عن تعزيز قدراتهم على إيصال رسالتهم للجمهور.
وعن آليات تنفيذ المشروع أضاف سلوم قائلاً: "بداية نستقبل المنتسب في أطفال الشارقة منذ نعومة أظفاره، والمقبل علينا بغية الاستمتاع واللعب، فنجاري احتياجاته وميوله باللعب معه نزولاً إلى مستوياته الفكرية ونذهب بألعابه إلى تركيبة العملية المسرحية والتي ترتكز في هذه المرحلة من 6 إلى 12عاماً، على فكرة اللعب الدرامي والدراما الإبداعية، وجميعها ألعاب تنظم معارف الطفل وتخيلاته، فنقوم بضبطها وتأطيرها ضمن منظومة تذهب به إلى آفاق أرحب لاكتساب العديد من المعارف والخبرات والمهارات التي تمكنه من التعريف بنفسه وتخيل الأفكار، وتجاوز مرحلة الخجل والارتباك إلى الثقة بالنفس والقدرة على صياغة الأفكار والتعبير عنها، وهو ما يلاقي استحسان أولياء الأمور بتلمس التغيّر الإيجابي في شخصية أبنائهم.
وواصل: ما أن يتم الطفل عامه الثاني عشر فيلتحق بناشئة الشارقة لفئة البنين وسجايا فتيات الشارقة للبنات في الأعمار من 13إلى 18عاماً، لخوض مستويات أخرى من التدريب تتوافق مع أعمارهم وتناسب ميولهم، وصولاً إلى مرحلة الشباب من 19 إلى 31 عاماً مع مؤسسة الشارقة لتطوير القدرات، وذلك في منظومة عمل متكاملة تتيح الفرصة في التعامل مع مختلف الثقافات، مع التمسك بقيم وعادات وتقاليد المجتمع الإماراتي بفكر ريادي بنّاء يقوده أبناء إمارة الشارقة.
وتابع: أن مشروع المسرح وفنون العرض يشمل برامج تخصصية بمستويات متعددة ومراحل منهجية ليس الهدف منها أن ينجز المنتسبون عروضاً مسرحية وإنما اكتساب كل المهارات التي من الممكن تعلمها والمرور بالمحطات التدريبية المختلفة، بالإضافة إلى برنامج تدريب فني يرتكز على مجموعة من الورش الإبداعية العلمية في كل أشكال وتخصصات الفنون المسرحية ومراحل بناء العرض، وتُقدم على مدار العام تحت شعار " لنجعل المسرح مدرسة للأخلاق والحرية"، وفق مستويات حرفية ممنهجة بالترابط مع الفئة العمرية، ويهدف البرنامج إلى استثمار مواهب وطاقات المشاركين لتوظيفها في صياغة الشخصية الوطنية بشكل إيجابي مستنداً على القدرة على التعبير، وقبول الآخر.
ويتضمن برنامج فنون العرائس، ورش متخصصة في فنون العرائس وخيال الظل والراوي، للراغبين من منتسبي مؤسسات ربع قرن، وبالتعاون مع المؤسسات المختصة ومدربين من ذوي الكفاءة والخبرة، ويهدف البرنامج الذي يحمل شعار "المستقبل لفنون العرائس"، إلى تعريف المنتسبين بأشكال جديدة من فنون العرض وتنمية مهاراتهم في هذه التخصصات، وصولاً إلى شخصية مبدعة حاضرة، ومجموعة من العروض الفنية.
ويأتي برنامج ربع قرن لقياديّ المسرح تحت شعار "صناعة قائد غد"، وذلك لتدريب خريجي ناشئة الشارقة وسجايا فتيات الشارقة المتميزين في المسرح وفنون العرض وتأهيلهم ليكونوا مدربي المستقبل في المؤسسات التي تخرجوا منها، عبر ورش تخصصية في إعداد شخصية القائد المسرحي، ومبادئ القيادة المسرحية، والإبداع فيها، وذلك وفي رؤية متكاملة لاستدامة التعلم ونقل معارفهم ومهاراتهم المكتسبة لأقرانهم.
مسرح الفرجان
مشروع مسرحي مجتمعي يعمل على التفاعل مع سكان الفرجان "الأحياء" المختلفة في مدن إمارة الشارقة، من خلال ورش تخصصية منوّعة للكشف عن المواهب المسرحية وتوجيهها، ويقام المشروع تحت شعار "أسرة تُحب المسرح"، بهدف نشر ثقافة المسرح في فرجان إمارة الشارقة، وتتمثل شروط المشاركة فيه، أن يكون المشارك من قاطني فرجان إمارة الشارقة، وأن يشكل فريقاً من أحد فرجان الإمارة، إضافة إلى ملء الاستمارة الإلكترونية، وتقديم النص المقترح لاعتماده، ويُفضل أن يكون النص مكتوباً باللغة العربية الفصحى، وأن تكون أحداثه من وقائع تاريخية أو من واقع الفريج، وتُقبل كافة أشكال المسرح ومختلف الفئات العمرية، ولا تزال الفرصة متاحة لغاية 31 أغسطس لتقديم النص للاعتماد وتشكيل الفريق وإعداد ملف المشاركة في المشروع.
أما مسابقة الكتابة المسرحية
أطلقت "ربع قرن" مبادرة في الكتابة الإبداعية بعنوان "مسابقة الكتابة المسرحية" تحمل شعار "شركاء في صنع المحتوى المناسب لمسرحنا"، وهي مسابقة موجهة للموهوبين والمبدعين من المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، لإطلاق العنان لأفكارهم وإبداعاتهم في نصوص مسرحية تناقش اهتمامات وتطلعات الفئات المستهدفة في مؤسسات ربع قرن، وفق مجموعة من الشروط من أهمها أن يُعَبّر موضوع النص عن رؤى إحدى الفئات العمرية المستهدفة، ويواكب طموحهم للمستقبل، وأن يكون أبطاله ضمن الفئة ذاتها، وتتيح ربع قرن فرصة المشاركة في المسابقة عبر المواقع الإلكترونية لمؤسساتها وصفحاتها الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، وتعبئة الاستمارة الإلكترونية وإرفاق النص وفقاً للشروط المحددة، إضافة إلى صورة الهوية الإماراتية من الجهتين، ونسخة من السيرة الذاتية المختصرة، والتعهد والتنازل بعد توقيعه من المشارك.
جائزة الإبداع المسرحي
وجاءت جائزة الإبداع المسرحي لتشجع على المشاهدة والتذوق والقراءة المسرحية وتحليلها والبحث والاطلاع وكتابة أفكار مسرحية مختلفة، وفازت هاجر يوسف من الشارقة لتطوير القدرات، وفاطمة علي من سجايا فتيات الشارقة، وإسماعيل عمر من ناشئة الشارقة بجائزة الإبداع المسرحي فئة المشاهدة المسرحية، وانفردت عائشة جبريل من سجايا فتيات الشارقة بالجائزة في فئة الكتابة المسرحية، فيما حصد جائزة القراءة المسرحية كل من مريم السلامي من سجايا فتيات الشارقة، وهمام خلف من ناشئة الشارقة، وليلى السلامي من أطفال الشارقة، أما جائزة القراءة المسرحية فكانت من نصيب نورة النقبي وهدى اليماحي من أطفال الشارقة.
وبعد إنجاز المستوى الأول والثاني، كشفت مؤسسة ربع قرن عن أبرز نتاجاتهما في موسم الحصاد نصف السنوي لمشروعها التكاملي "المسرح وفنون العرض 2022"، والتي تمثلت في تقديم (12) عرضاً فنياً منوعاً، حيث قدم أطفال الشارقة مسرحيات "إمبراطورية الفئران" و "مليحة زهرة البستان" و"مدينة الإنسان"، فيما قدم ناشئة الشارقة "الحصاد" و "باب النجاح" و "شرف التحدي" و "ليلة القبض على شرشبيل" إضافة إلى "جعلوني مجرماً" و "ثلاث شمعات لحلم بعيد"، وقدمت سجايا فتيات الشارقة مسرحيتي "خراريف" و "الفريج 2022".
وأظهرت العروض مدى قدرة المنتسبين على تطبيق مهاراتهم المكتسبة من ورش عمل المستوى الثاني للبرنامجين بعد مجموعة من الورش في مستوى الاستكشاف والمستوى الأول خلال الربع الأول وبلغ عددها (27 ورشة في مجال المسرح والعرائس) لتأتي مجموعة من الورش في الربع الثاني والتي تمثلت في (12) ورشة أساسية لـ (12) مدرباً أكاديمياً في مراحل الإنجاز يرافقهم (39) مدرباً بورش تخصصية مكملة أقيمت في (12) محطة تدريبية إضافة إلى (12) ورشة في المستوى الأول من البرامج لباقي المحطات التدريبية وعددها (12) أيضاً، واستقطبت هذه البرامج بكافة ورشهم ما يزيد عن (600) منتسب من مؤسسات ربع قرن، توزعوا في مجموعات تدريبية لاستكشاف أساسيات المسرح ومراحل بناء وإنجاز العرض المسرحي، والتعرف على المهام والمهن الموازية لفريق الأداء والتمثيل من حيث الديكور والأزياء والإكسسوار والإضاءة والموسيقى وأهم التقنيات المستخدمة والمهام المساعدة الأخرى من مساعد المدرب والمخرج، وفسح المجال للمنتسبين في اختيار المهمة التي يرغبون في القيام بها، علاوة على أشكال وأساسيات وتاريخ فنون العرائس، وكيفية صناعة العرض العرائسي، باعتبارها أهم ميزة لهذا الفن عن الفنون المسرحية الأخرى، من حيث تصميم الشخصيات العرائسية وتصنيعها ومن ثم تحريكها لتقديم العرض المطلوب.
ولا يزال العمل مستمر في مؤسسة ربع قرن، بهدف تنمية شخصية منتسبي مؤسساتها وذلك من خلال التعمق في الجانب الإبداعي لتمكينهم من القدرة على تشكيل الحيز الأكبر في الحراك المسرحي والممارسة المسرحية بإمارة الشارقة.