أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن علم أصول الفقه من العلوم الحافظة لكتاب الله عز وجل، حيث يقول سبحانه: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ".
وأضاف: الحفظ ليس مقصورًا على حفظ ألفاظ القرآن فقط، وإنما يشمل طريقة الفهم والاستنباط، وأن علم أصول الفقه هو: "معرفة دلائل الفقه إجمالا وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد منها"، وأنه ظهر بداية في كلام الصحابة والتابعين الأوائل وكان حاضرًا في أذهانهم، كما جاء فيما فهموه من القرآن والسنة واستنبطوه من أحكام، حتى صاغه الإمام الشافعي في كتابه "الرسالة"، حيث سطر فيه المنهج الفكري لعلم أصول الفقه، وتكلم فيه عن الأوامر، والنواهي، والبيان، والخبر، والنسخ، وحكم العلة المنصوصة من القياس، وأكد الإمام الخطيب البغدادي في كتابه "الفقيه والمتفقه" أن كل ما ذكره الإمام الشافعي في كتابه موافق لما فعله وكان عليه الصحابة الكرام، وجاء بعد ذلك العلماء وألفوا فيه المصنفات.
وتابع: موضوع علم أصول الفقه هو: أدلة الفقه الكلية، وأحوالها الموصلة إلى الأحكام، وصفات المجتهد، وأدلة الفقه الإجمالية هي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس وهو عين الاجتهاد، وهذه هي الأصول الأساسية المتفق عليها عند جمهور الفقهاء، وهناك أدلة أخرى استنبطها العلماء ومنها: الاستصحاب، والاستحسان، والمصالح المرسلة، والعرف، وعمل أهل المدينة، وقول الصحابي.
وأشار مفتي الجمهورية السابق، إلى أن علم أصول الفقه أداة لازمة للعلماء والمجتهدين لفهم مستجدات الأمور التي يتعرض لها المسلمون في كل عصر ومصر، فهو الخطوة الأولى لبيان الواقع والربط بينه وبين علوم الشرع، لأن إدراك الواقع جزء من الاجتهاد، والفتوى مبنية على إدراك النص وإدراك الواقع وكيفية الربط بينهما عن طريق مراعاة الضوابط الشرعية والمصالح المرعية.
جاء ذلك خلال محاضرات اليوم الثامن للدورة العلمية المتقدمة المتخصصة وتضم 18 عالمًا من كبار علماء الهند، وعمداء كلياتها، وأساتذة جامعاتها، ورؤساء مؤسساتها الدينية والثقافية بأكاديمية الأوقاف الدولية بمدينة السادس من أكتوبر، حيث عقدت المحاضرة الأولى للدكتور علي جمعة، بعنوان: "قضايا أصولية"، وذلك في إطار الدور الريادي لجمهورية مصر العربية، ودور وزارة الأوقاف في نشر الفكر الوسطي المستنير داخل مصر وخارجها.
وفي ختام المحاضرة أهدى كبار علماء الهند، وعمداء كلياتها، وأساتذة جامعاتها، ورؤساء مؤسساتها الدينية والثقافية للدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق درع جامعة الثقافة السنية بدولة الهند.