في كل عام في ذكرى ميلادي، أقف.. أتأمَّل.. أنظر إلى أحداث العام والأعوام والأشخاص والأحداث التي مرَّت قبل أن أَستقبل عامًا جديدًا، لا أُنكر أنني في هذا اليوم أحاول لَثْم جراحي وتجاوز أحزاني، وتخطي خيبات الأمل التي تعرضت إليها، وأدون ما تعلمته في العام الماضي من أخطائي، فكلما زادت سنوات العمر قلَّتْ فرص الأخطاء. ولأنني أدرك تمامًا أنه وإن عشت قدْر ما مضى لن يكون ذلك بنفس عنفوان شبابي وحيويتي وطاقتي؛ ولأن بعض الأيام والأشخاص والأحداث كانت قاسية معي.
نعم، قاسية بالقدْر الذي جعلني أقرِّر فيما هو آتٍ اعتزال ما يؤذيني سواء كانوا أشخاصا أو أماكن. قرَّرتُ في عامي الجديد أن أتخلَّى عن كل الأمور التي لا تُريحني، وأن أُحِبَّ نفسي أكثر؛ لأنني أدركتُ أنها تستحق ذلك، تستحق قدرًا من فيض الحب الذي كنت أمنحه لمن حولي وأبخل به على نفسي؛ لأنني أدركتُ أنه لو لم تُعطِ نفسَك الحب لن تستطيع أن تمنحه، وستظل طيلة الوقت تنتقص من قَدْرِك، وستظل تطلب الحب والاهتمام ولن تناله.
أُدرك تمامًا أنه بات لزامًا عليَّ أن أفكر أكثر في مستقبلي وفي أبنائي؛ لأن العطاء الزائد يسيء الآخرون فهمه، وأن الفضل يتحول مع الوقت إلى فرْض وواجب وليس منحًا وعطاء من قلب يعطي الحب دون حسابات فتختل معادلة الحب.
ها أنا وبعد هذه السنوات أُدرك صِدق مقولة: "اهتم بمَن يهتم بك، أما البقية فرد التحية يكفي". وأن من مبدأ إكرام الذات، أنه لا حنينَ لمَن لا يحن. أنا الآن أكتب أهدافي بمنطقية وعقل لأُحوِّلها إلى أماني وأُعطي نفسي قدْرا من الحب لأحول المستحيل إلى ممكن والأحلام إلى واقع؛ لذا وفي عامي الجديد قررتُ أنا أعتزل ما يؤذيني وأن أحب نفسي، ففي حب النفس حياة لما حولها، فإذا قويت هذه النفس أذلَّت الدنيا، وإذا ضعفت أذلتها الدنيا، أنت مُلزم أخلاقيًّا بالاعتناء بنفسك، يجب أن تعتني بنفسك وتكون جيدًا مع نفسك بنفس الطريقة التي تعتني بها وتساعد وتكون جيدًا مع شخص تحبه وتقدره.
ولا أنسى أن أشكر مَن كانوا هنا.. مَن كانوا دائمًا معي.. فشكرًا لمَن جبَر خاطرنا.. شكرًا لمَن كان له دور في حياتي.. شكرًا لأصحاب الكلمة الحلوة.. شكرًا لمن رَبَت على قلوبنا.. شكرًا لمَن أعطانا نصيحة من القلب. كل عام وأنا بخير.. وحتمًا سأكون بخير.. أحترم نفسي وأُصر على ذلك من الآخرين.
