سلطت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، اليوم الثلاثاء، الضوء على تداعيات التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا،حيث تسبب في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتشريد ملايين آخرين، ووقعت خسائر بمليارات الدولارات للمدن والبنية التحتية الحيوية بالإضافة إلى نشوب حرب دبلوماسية بين الحكومات حول صادرات الحبوب الأوكرانية.
وأوضحت الصحيفة في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني إن الأزمة الأوكرانية كان لها آثار متتالية دراماتيكية حول العالم أيضًا، حيث الحصار المفروض على موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، فضلًا عن العقوبات الغربية على الصادرات الروسية، إلى ارتفاع الأسعار في أماكن بعيدة عن منطقة الصراع.
وأفادت بقولها "ففي البلدان الأفقر في آسيا وأفريقيا، ارتفعت تكلفة المواد الغذائية الأساسية مثل القمح وزيت الطهي وخلقت سلالات جديدة للمجتمعات الأقل قدرة على تحمل تكاليفها، وفي القرن الأفريقي وحده، قد يعاني ما يصل إلى 20 مليون شخص من الجوع هذا العام وسط نقص في الغذاء وامتداد فترة الجفاف."
وأضافت الصحيفة أن الحكومات الأجنبية تكافح الآن من أجل خيارات للإفراج عن إمدادات أوكرانيا الهائلة من المنتجات الزراعية، وخاصة القمح خاصة بعد قول مسئولين الأوكرانيين إن حوالي 20 مليون طن من الحبوب محاصرون داخل البلاد، حيث أغلقت روسيا الموانئ التي لا تزال في أيدي الأوكرانيين كما قصفت المنشآت الأوكرانية التي تخزن الحبوب.
وأشارت إلى أنه من خلال القنوات الدبلوماسية المختلفة، يستكشف المسئولون الأوكرانيون إمكانية نقل شحنة الحبوب عبر القطار، إلى موانئ بعيدة على بحر البلطيق، وكذلك رومانيا المجاورة، لكن لا تزال هناك مشاكل لوجستية كبيرة، بما في ذلك ما إذا كانت هذه الموانئ لديها القدرة على استيعاب الأعباء المتزايدة بشكل فعال.
وأوضحت أن "أوكرانيا وروسيا وليتوانيا وغيرها من الأعضاء السابقين في الاتحاد السوفيتي تستخدم المعيار الروسي لمقياس السكك الحديدية، حيث تستخدم بولندا ورومانيا ومعظم دول أوروبا مقياسًا أضيق لنقل الحبوب عبر تلك الحدود، ويجب تغيير إما الهياكل السفلية لعربات السكك الحديدية أو نقل البضائع إلى قطارات جديدة.
ولفتت الصحيفة إلى تقارير روسية أمس بشأن خطة روسية تركية ناشئة لتخفيف الحصار عن ميناء أوديسا الرئيسي على البحر الأسود حيث ستساعد السفن التركية في إزالة الألغام قبالة سواحل المدينة وتضمن مرورًا آمنًا لسفن الشحن الأوكرانية التي تنقل الحبوب عبر مضيق البوسفور باتجاه موانئ البحر الأبيض المتوسط.
ومع ذلك، أعرب المسؤولون الأوكرانيون عن تحفظات شديدة بشأن الخطة موضوع البحث حيث قال تاراس كاتشكا، نائب وزير الاقتصاد الأوكراني: "بالتوصل إلى هذا الاتفاق، تسعى روسيا إلى نقل المسؤولية إلى أوكرانيا عن تعطل الإمدادات، لكن تظل الحقيقة أن أزمة الغذاء هي من صنع روسيا وحدها".
وتابعت الصحيفة أن حكومات دول أفريقية أعربت عن أسفها خاصة أنه على الرغم من أنها بعيدة عن المسرح، هم ضحايا هذه الأزمة على المستوى الاقتصادي، موضحة إنه بين عامي 2018 و2020، استوردت إفريقيا حوالي 44 في المائة من قمحها من روسيا وأوكرانيا، ومنذ الاضطرابات الأخيرة، ارتفعت أسعار القمح بنحو 45 في المائة، وفقا لبنك التنمية الأفريقي.
ونوهت الصحيفة بأن غالبية الدول الأفريقية في الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت على إدانة التدخل الروسي في أوكرانيا، ولكن في وقت تتصاعد فيه الأزمة الاقتصادية، لا يهم البلدان البعيدة عن الصراع كيف يتلقون طعامهم ومن يرسلونه، فهم يرون من الضرورة القصوى أن تساعد الحكومات الغربية في تسهيل تصدير الحبوب الأوكرانية، ولكن أيضًا أن تكون روسيا قادرة على تصدير الأسمدة والمنتجات الغذائية، ولكن بشكل أساسي الحبوب.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد أعلن في وقت مبكر من يوم 24 فبراير الماضي القيام بعملية عسكرية في أوكرانيا بسبب دونباس ثم تحولت إلى أزمة عسكرية بين البلدين.