ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في عددها الصادر، اليوم السبت، أن أفق الأزمة في أوكرانيا لا يحمل حتى الآن أي نهاية قريبة، بل أضحت معه أوكرانيا، بعد مرور 100 يوم منذ بدء العمليات الروسية، بمثابة شعلة دموية ورقعة مدمرة في قلب أوروبا، ما قد يكبد العالم مزيدا من الخسائر والتكاليف الاقتصادية.
وقالت الصحيفة - في مستهل تقرير لها نشرته عبر موقعها الرسمي - إن أكبر صراع بين الدول الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية شهد تقلبات كبيرة في مجراه بنحو عكس عدم القدرة على التنبؤ بنتائجه أو نهايته؛ حيث أدى فشل روسيا في شن حرب خاطفة مبكرة إلى تغذية الثقة لدى الأوكرانيين بالفوز قبل أن تنحسر مع تركيز روسيا قوتها النارية على إحراز تقدم أضيق ومحدود.
وسلطت الصحيفة الضوء على تقدم القوات الروسية أمس الجمعة خلف قصف مدفعي ثقيل في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، حيث تمكنت من تحقيق مكاسب بطيئة لكنها ثابتة، مما أدى إلى فرار عشرات الآلاف من المدنيين باتجاه الغرب.
من جانبه، أحيا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ذكرى مرور 100 يوم على بدء العمليات العسكرية برسالة فيديو حزينة تعلوها نبرات كبرياء وتحد، قال فيها: إن القوات المسلحة الأوكرانية متواجدة في كل مكان، والأهم من ذلك، شعبنا. لقد كنا ندافع عن بلدنا منذ 100 يوم بالفعل. وسيكون النصر لنا! المجد لأوكرانيا".
أما في خارج حدود المعركة، فإن العديد من الحكومات الغربية تخشى من أن يلوح في الأفق مأزق جديد، فوفقا للأمم المتحدة، غادر حوالي 6.9 مليون أوكراني البلاد منذ بدء الأزمة؛ واستقبلت بولندا وحدها 3.7 مليون، ورغم عودة البعض إلى ديارهم. نزح ملايين الأوكرانيين داخليا بسبب الهجوم الروسي، الذي دمر مدنا في شرق أوكرانيا، بما في ذلك ماريوبول، حيث قتل ما لا يقل عن 22 ألفا من السكان خلال أسابيع الحصار الروسي، وفقا لمسئولين محليين تحدثوا إلى "وول ستريت جورنال".
وأبرزت الصحيفة أن المحققين الأوكران والدوليين يعكفون على جمع أدلة حول ارتكاب جرائم حرب محتملة في المناطق التي قتلت فيها القوات الروسية وأساءت معاملة المدنيين، كما اتهمت كييف موسكو بترحيل أعداد كبيرة من الأوكرانيين قسرا إلى روسيا، بينهم العديد من الأطفال. وقال زيلينسكي أمس الأول "إن روسيا تسيطر الآن على 20% من أراضي بلاده، بينما أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن مشكلة كييف - وحكومات أوروبا الغربية التي تقترح وقف إطلاق النار - تكمن في أن روسيا استولت بالفعل على الكثير من المناطق الصناعية في شرق أوكرانيا ومساحات شاسعة من أراضيها الزراعية الخصبة، بينما تمنع وصول أوكرانيا إلى البحر، وهو أمر ضروري للتصدير.
وأضافت "أن هذا الأمر يهدد بترك أوكرانيا كدولة تعيش على المساعدات الغربية، فيما قدر مسئولون في كييف أن بلادهم تحتاج إلى ما يقرب من 5 مليارات دولار شهريا لتغطية الخدمات الحكومية الأساسية والحفاظ على أداء اقتصادها المنهك، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية والتسليح".
في غضون ذلك، تابعت "وول ستريت" أن روسيا تواجه هي الأخرى ركودا عميقا هذا العام بسبب العقوبات الغربية وتآكل إمكاناتها الاقتصادية، حتى أصبح يلوح في الأفق حرب استنزاف طويلة يمكن أن تلتهم بشكل مطرد موارد كلا البلدين، واعتبرت: أن المخاطر التي تحدق بالمجتمع الدولي حاليا أكبر من أن تتراجع أوكرانيا أو روسيا عن حرب أصبحت تهدد ركيزتين مقبولتين منذ زمن طويل في النظام العالمي؛ الأولى تخص مبدأ أنه لا يمكن ضم الأراضي بالقوة، والأخيرة حقيقة أن البحار هي مياه عامة يحق لسفن جميع الدول أن تبحر فيها بأمان.
واختتمت الصحيفة الأمريكية تقريرها بقول: إنه علاوة على ما سبق، تسببت أزمة أوكرانيا في جعل العالم أفقر، فبعد رفع أسعار الغذاء والطاقة، أدى ذلك إلى تعقيد جهود التعافي العالمي المضطرب من تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، كما تسببت الاضطرابات في مجالي الطاقة والإمدادات الغذائية في جعل جزء كبير من العالم أمام مواجهة تكيف اقتصادي طويل الأمد ومكلف.