الخميس 24 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

الإخوان والسلفيون.. حلفاء الأمس .. أعداء اليوم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
· المد الشيعي يدفع علاقات الإخوان والسلفيين للنفق المظلم
· رموز سلفية تتهم الرئيس وجماعته بتشجيع البدع وتسهيل الشرك
· التقارب مع إيران والشيعة أطلق رصاصة الرحمة على تقاربهما
· برهامي وفريد يعتبران الإخوان خارج عقيدة أهل السنة والجماعة
· صراعات الطرفين قديمة وتأييد السلفيين لـ“,”أبو الفتوح“,” أعاد علاقاتهما للمربع الأول
· وثيقة الأخونة أشعلت غضب الشاطر ودفعت مرسي لإقالة علم الدين

إعداد- عمر الكومي
من يلحظ تاريخ العلاقة بين الإخوان المسلمين والدعوة السلفية، يتأكد له أن هذه العلاقة لم تستقم يومًا على قناة، وشهدت موجات شد وجذب منذ بدئها، فرموز الدعوة السلفية لا ينسون أبدًا قيام عشرات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين بطرد الدكتور ياسر برهامي من أحد مساجد الإسكندرية وإلقائه بطريقة مزرية في الشارع ، وهي واقعة، على رمزيتها، تكشف التباس العلاقة بين الطرفين، ورفض الإخوان لتنامي نفوذ التيار السلفي الوليد لها، بعد أن استمرت هيمنتها على المشهد الإسلامي في مصر لمدة تربو على سبعين عامًا.
وامتازت العلاقة بين الطرفين لمدة طويلة بالبرود والتوتر، ففي الوقت الذي كان فيه رموز جماعة الإخوان المسلمين ضيوفا دائمين على سجون مبارك وضحايا للمحاكمات العسكرية، كان دعاة الدعوة السلفية يرددون دائما أن الجماعة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بمذهب أهل السنة والجماعة، بل أصبحوا يرددون فتاوى الألباني وفوزان الفوزان وابن العثيمين التي تعتبر الإخوان من ضمن 72 شعبة في النار، بل حرص السلفيون على النأي بأنفسهم عن الإخوان رغبة في تفادي غضب أمن الدولة وأجهزة مبارك.
§ تمدد سلفي
ظل التوتر مسيطرًا على علاقات الطرفين لأكثر من عقدين، على وقع تملل إخواني من تمدد سلفي في صفوف أبناء الجماعة الذين عابوا عليها انغماسها في العمل السياسي وتجاهلها للعمل الدعوي، وهو ما ركز عليه السلفيون لاكتساب أرضية في صفوف هؤلاء الشباب الذين تحولوا لشوكة في حلقها لدرجة مفارقتهم لها بعد سقوط النظام سواء بتأسيس أحزاب وتيارات منشقة عن الجماعة أو الانضمام لحزب النور والدعوة السلفية.
غير أن ثورة الخامس والعشرين من يناير مثلت مرحلة مهمة في تاريخ علاقة الإخوان والسلفيين، فقد اصطف الطرفان بشكل مبكر ومثير لتمرير استفتاء التاسع عشر من شهر مارس، وهو التوافق الذي استمر لفترة طويلة كلل خلالها باصطفاف إخواني سلفي في مليونية التاسع والعشرين من شهر يوليو التي عرفت إعلاميا بجمعة “,”قندهار“,” وهو ما تكرر خلال استحقاقات سياسية مهمة منها انتخابات الرئاسة وتمرير الدستور ومحاولات إسقاط حكم مرسي.
§ توتر وضربة قاضية
إلا أن شهر العسل الإخواني السلفي لم يستمر طويلا بحسب الدكتور يسري العزباوي، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، حيث عاد التوتر ليطل برأسه مجددا مع بدء المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب المنحل بصدور فتوى من الدكتور ياسر برهامي يحرم فيها التصويت في الدوائر التي لم يقدم فيها حزب النور مرشحين أو الدوائر التي تتصدر شخصيات علمانية أو ليبرالية قوائمها، وهو ما اعتبره الإخوان موجها ضدهم لاسيما أن قوائمهم تضمنت شخصيات قبطية وناصرية ويسارية مثل أمين إسكندر وكمال أبو عيطة وسعد عبود في ظل تحالفهم السابق مع حزب الكرامة.
وأوضح العزباوي، أن هذه الجولة ونتائج الانتخابات عموما، كرست انزعاجًا إخوانيًا من الظهور اللافت للسلفيين وقدرتهم مع نهاية المراحل الثلاثة على الفوز بنسبة 25% من مقاعد البرلمان رغم أن تشكيل حزب النور لم يمر على تأسيسه إلا عدة أشهر، ولا يملك خبرات سياسية توازي قدرات الجماعة على مدى 80 عاما لاسيما في مجال العمل السياسي.
ولكن- والكلام مازال للعزباوي- لم يستطع الإخوان الدخول في مواجهة علنية مع حزب النور، نظرًا لحاجتهم لفصيل سياسي قوي وقادر على الحشد في مواجهة المجلس العسكري السابق والقوى المناوئة لهم، مما دفعهم للاستمرار في التواصل مع السلفيين وعدم إغلاق النوافذ معهم، استعدادا لمعركة الانتخابات التي دفعت الجماعة بمرشح لها هو المهندس خيرت الشاطر في آخر لحظة قبل أن يستبعد من قبل اللجنة العليا للانتخابات، ويحل الدكتور مرسي محله.
إلا أن هذا التودد- وبحسب العزباوي- لم يستمر طويلاً، حيث سدد السلفيون ضربة قاسية للإخوان، عقب إعلان الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور دعمهم للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وهو تطور أسهم في خلط الأوراق وإعادة التوتر القديم بينهما للمربع الأول، ولم يفلح تأييد السلفيين للدكتور مرسي في جولة الإعادة أمام الفريق أحمد شفيق في إذابة الجليد بين الطرفين، لاسيما أن أطرافًا فاعلة داخل جماعة الإخوان شككت في تأييد النور لمرسي، بل قدمت روايات على صفقة أبرمها سلفيون مع الفريق شفيق مقابل دعمه في جولة الإعادة.
§ رد الصاع صاعين
وزاد دعم أبو الفتوح في المرحلة الأولى والشكوك حول اللقاءات مع الفريق شفيق من توتر الإخوان؛ بل ودفعهم لمحاولة النيل من النور ولم يغفر للأخير تأييد مجموعات منهم لمرسي خلال جولة الإعادة؛ بل حاولت الرد عليه باستبعادهم من جميع المناصب الرفيعة وعدم تنفيذ الوعود التي قطعتها الجماعة للسلفيين حول تخصيص كوته مناصب لهم سواء داخل مؤسسة الرئاسة أو مجلس الوزراء، حيث خلا تشكيل حكومة هشام قنديل الأولى من أي وزير سلفي؛ بل إن الإخوان وذرًا للرماد في العيون عرضوا منصب وزير الدولة لشئون البيئة على خالد علم الدين، وهو ما رفضه الحزب وهو ما تكرر بشكل كربوني في التعديل الأخير.

ولم تكتف جماعة الإخوان باستبعاد السلفيين من التشكيلة الوزارية؛ بل دعمت تمردًا داخل حزب النور بدأ باختيار الدكتور عماد الدين عبدالغفور، مساعدًا لرئيس الجمهورية للتواصل المجتمعي، رغم أن الأخير لم يكن مرشح الحزب لهذا المنصب، وهو ما اعتبر دعمًا لعبدالغفور، الذي كان منغمسًا في صراع سياسي مع الرجل القوي في الدعوة والحزب ياسر برهامي، أسفر في النهاية عن انشقاق عبدالغفور وتأسيسه حزب الوطن في أكبر انشقاق داخل الدعوة السلفية منذ تأسيسها في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وهو انشقاق حظى بدعم ورعاية المهندس خيرت الشاطر، وما يطلقون عليه رجل الجماعة داخل الدعوة السلفية الدكتور سعيد عبدالعظيم .
§ اتهامات بالأخونة
ووصلت المواجهة الساخنة مداها بين الطرفين، حيث حاولت الدعوة السلفية والنور الرد على إزكاء الإخوان الفتنة داخل حزب النور، وهو ما تحقق خلال لقاء للرئيس مرسي بالدكتور يونس مخيون الذي سلم الرئيس وثيقة تتضمن نجاح الجماعة في تنفيذ مخطط الأخونة، عبر زرع أكثر من 13 ألف إخواني في جميع مؤسسات الدولة المختلفة، وهو الأمر الذي أزعج الجماعة بشدة، ودفعها للرد بقوة على هذه الخطوة عبر صدور قرار رئاسي بإقالة الدكتور خالد علم الدين، مستشار الرئيس لشئون البيئة، بشكل أزعج حزب النور بشدة، وأجبره على الرد على هذه الخطوة بطرح مبادرة للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، وهي المبادرة التي اعتبرها الإخوان وقطاع عريض من الإسلاميين استجابة للشروط التي وضعتها جبهة الإنقاذ وفي مقدمتها إقالة حكومة قنديل، وإبعاد النائب العام الحالي، وتشكيل حكومة تكنوقراط، وتحقيق توافق حول قانون الانتخابات.
وأخذ الصراع بين الطرفين بعدًا جديدًا بشن السلفيين حرب فتاوى على الإخوان، بدأها الشيخ ياسر برهامي حين اعتبر أن الرئيس “,”مرسي“,” ليس ولي أمر شرعيا، فالولي الشرعي فقهيًا هو من تجب على المسلمين طاعته بأوامر من الله.. فلا يجوز خلعه من منصبه إلا بواسطة أهل الحل والعقد، ردت عليه جماعة الإخوان عبر فتوى مضادة أصدرها الدكتور عبدا لرحمن البر، عضو مكتب الإرشاد ومفتي الإخوان، بالقول “,”إن الرئيس مرسي ولي أمر شرعي ولاه الله على أمور المواطنين الذين انتخبوه رئيسا وأصبح مسئولا عنهم“,”.
وتابع، أن مرسي بانتخاب المواطنين إياه، أصبحت له بيعة شرعية، ولا يجوز الخروج عليه، لكن يجوز معارضته وتوجيه النصيحة له دون أن يتطرق للرد على الفتوى بشكل مباشر بشكل يكشف عن عدم رغبة الإخوان في مقارعة السلفيين عقديا، انطلاقًا من عدم اهتمامهم بالدعوة الإسلامية وافتقادهم للكوادر في هذا المجال.
§ طوفان شيعي
ورغم ما أثارته هذه الفتوى من جدل فإن الأجواء هدأت قليلا بين الطرفين بفعل دخول وسط إسلاميين على خط الأزمة وفي مقدمتهم الجماعة الإسلامية لجمع الطرفين على كلمة سواء حتى فوجئ الجميع بخطوات تقارب بين النظام المصري ونظيره الإيراني توج بتفاهمات تفتح أبواب مصر أمام 10ملايين سائح إيراني، وتوافق بين نظام مرسي وطهران حول الملف السوري، وهو تقارب اعتبره السلفيون كسرًا إخوانيًا لقواعد اللعبة ينم عن تجاهل إخواني تام للمخاطر التي يشكلها الشيعة على الهوية السنية لمصر وصلت لتأكيد الشيخ ياسر برهامي أن الإخوان يقيمون الدنيا ولا يقعدونها لو كفر أحد حسن البنا ولكنهم لا يكترثون بمن يكفر صحابة النبي أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ليل نهار.
وفتح الخلاف على التمدد الشيعي الطريق أمام حرب فتاوى أشعلها رموز الدعوة السلفية ضد جماعة الإخوان المسلمين، كان أبرزها الدكتور أحمد فريد، عضو مجلس أمناء الدعوة السلفية، الذي اتهم الإخوان صراحة بأنهم لا ينتمون لمذهب أهل السنة والجماعة، منتقدا فتح الرئيس مرسي أبواب مصر السنية أمام الغزو الشيعي، لافتًا إلى أنه كان من الأولى أن تكون التحالفات مع السعودية والإمارات وقطر والسودان بدلاً من الذهاب إلى روسيا ثم إيران الذين يقاتلون إخواننا بسوريا، بل إن الدكتور برهامي شاطر فريد القول: إن العلاقات مع الشيعة شرك بالله وهو ما يكشف البون الشاسع بين الطرفين في التعامل مع الخطر الشيعي عقائديًا.
§ شرك وبدع
وتزامن مع موقف أحمد فريد، تأكيد الدكتور ياسر برهامي في معرض رده على سؤال على موقع أنا السلفي بتحريم الصلاة خلف إمام يحض على البدع والفسق ولا يتبنى نهج أهل السنة والجماعة في إشارة غير مباشرة للإخوان الذين يصفهم السلفيون بأصحاب البدع وهي فتاوى تنسجم مع التراث السلفي الذي يشير لقطيعة بين جماعة الإخوان وخواص أهل العلم، وافتقار نشاطهم الدعوة إلى التوحيد وإنكار الشرك والبدع.
وتكشف حرب الفتاوى المشتعلة بين الإخوان المسلمين ومن قبلها تصاعد الخلافات السياسية كيف تدهورت العلاقة بينهم وصعوبة عودتها لمستوى التحالف والشراكة السياسية التي راهن السلفيون من خلالها للحصول على مكافأة بتخصيص كوتة وزارية لـ“,”النور“,” بل إن السعي للحصول على هذه المنافع حينذاك دفع الرجل القوي في الدعوة السلفية الدكتور ياسر برهامي لمخالفة قناعاته الشرعية حينما وصف فوائد قرض صندوق النقد الدولي بـ “,”المصاريف الإدارية “,”إلا أن هذا الغزل لم يرقق قلب الإخوان أو يدفعهم لتغيير نزعتهم الإقصائية تجاه السلفيين.
§ علاقة مصالح
ويصف الدكتور عمار علي حسن، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، العلاقة بين الطرفين في حرب الفتاوى المشتعلة من جانب السلفيين ضد الإخوان، وتصاعد الخلافات السياسية بينهم بأنها علاقة مصالحة متبادلة التي لا يظهر للدين ولا العقيدة ولا الشريعة فيها أي تأثير في كثير من الأحيان، فالسلفيون وخصوصا المدرسة السلفية في الإسكندرية يرون تقليديا أن الإخوان أهل بدع ولا علاقة لهم من قريب أو بعيد بأهل السنة والجماعة، بل إنهم يضعون الإخوان والصوفية في خانة واحدة، وكلنا يعرف الأبواب المفتوحة، بحسب وجهة نظر السلفيين بين التشيع والتصوف.
وتابع غير أن جملة من الاستحقاقات السياسية والرغبة في الحصول على نصيب من كعكة مبارك، قد جمع الطرفين خلال هذه الاستحقاقات التي قد توافق حينا تعاليم الإسلام، وأخرى تخالفها بشكل صارخ، مما يكشف كيف لعبت المصالح دورا كبيرا في غض الطرف عن أي محرمات عقدية.
ولكن يبدو- والكلام مازال لعمار- أن علاقة الود هذه كانت من طرف واحد فقط، حيث رفض الإخوان أن يتعاملوا مع السلفيين معاملة الند، فهم يعتبرون أنفسهم الحركة الأم التي ينبغي للجميع السير خلفهم، وهو ما رفضه السلفيون الذين يرون أنفسهم الأكثر عددا والأقوى انتشارا وقدرة على الحشد وإن كانوا يقرون بضعف خبرتهم في المجال السياسي ولو مؤقتًا.
وتابع عمار، إلا أن مرحلة التعاون والشراكة بين الإخوان والدعوة السلفية لم تخلُ من منغصات، لاسيما خلال الجمعية التأسيسية، حيث رفض الإخوان الاستجابة لمطالب عديدة لحزب النور، منها ضرورة تغيير كلمة مبادئ الشريعة الإسلامية لأحكام وفرض الزكاة بقانون وإلزام الأقباط بالجزية، وعدم التعاطي مع مطالب السلفيين بتأسيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، غير أن حالة الاحتقان السياسي والخلافات داخل التأسيسية أقنعت السلفيين بعدم تفجير الموقف مع الإخوان والرهان على مراعاة الإخوان لتضحيات السلفيين عند تقسيم الغنائم.
§ مسألة مبدأ
حديث الدكتور عمار عن تطلع الحزب السلفي للحصول على كوته من المناصب الرفيعة مكافأة له على ما وصف بالتضحيات لدعم مرسي وتمديد الدستور لم يجد أذانا صاغية لدى الدكتور نادر بكار، مساعد رئيس حزب النور لشئون الإعلام، الذي اعتبر أن مساندة الدكتور مرسي كانت بدون شروط أو مقايضات، بل كانت مسألة مبدأ باعتباره الأقرب لدينا ولمشروعنا، فنحن كنا نرفض أي عودة للنظام السابق.
وتابع، لكن دعمنا لمرسي لم يكن “,”شيك على بياض“,” أو التحاقا تاما بالإخوان، إنما احتفظنا بحقنا في التقييم، وذكرنا لدى تشكيل حكومة قنديل، أن لدينا كفاءات لهذه الوزارة التي كان ينبغي تشكيلها على المحاصصة الحزبية، ويتطلب من كل حزب أن يقدم كفاءته لها بحيث تكون حكومة ائتلاف وطني، وأن يثبت كل حزب كفاءته بناء على حصته وهو ما قوبل برفض غير مبرر.
واعتبر، أن الحديث عن تصاعد الخلافات وما يسمى بحرب الفتاوى مبالغ فيه، فالعلاقة بيننا وبين الإخوان ليست مسألة شراكة وتحالف حتى في حالة وجود أخطاء، ولكن أمانتنا وعقيدتنا تحتم علينا كشف الأخطاء، وما نعتبره خطرا على الوطن.
وأشار إلى أن هناك ثوابت ومرجعيات تجمعنا مع الإخوان والتيار الإسلامي، نافيا أن تكون مبادرة حزب النور مكيدة للإخوان بقدر ما عكست رغبة في إخراج الوطن من النفق المظلم.
وأشار إلى أنه لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي تجاه أخطاء فادحة ترتكب مثل التقارب مع إيران، وفتح البلاد على مصراعيها للشيعة، نظرًا للخطورة على عقيدة الأغلبية السنية الكاسحة في مصر في ظل تربص الشيعة بأهل السنة والجماعة وسعيهم الدؤوب لنشر مذهبهم وهو ما سنقاومه بكل الوسائل شاء النظام الحالي.
ورغم اتساع البون بين السلفيين والإخوان، فإن بكار يرى أن الأبواب لم توصد بين الطرفين، وهناك مشاورات مستمرة ولقاءات تتم مع مؤسسة الرئاسة باعتبار أن مصلحة البلاد أهم، والخروج بها من الأزمة الحالية يشكل أولوية لنا، غير أن نتائج هذه اللقاءات كانت مخيبة لحد كبير، مستبعدًا إمكانية وجود أي تحالف بين الحرية والعدالة والنور خلال الانتخابات القادمة، لافتا إلى قدرة حزبه على خوض الانتخابات بشكل منفرد وعلى أغلب المقاعد.
§ خط أحمر
ومن المهم هنا التأكيد على أن تصاعد الخلافات حول الملف الإيراني وما تزامن معه من انطلاق حرب الفتاوى السلفية ضد الإخوان واستبعاد التحالف خلال انتخابات النواب القادمة، يكشف كيف وصلت العلاقة بين الطرفين لحد القطيعة، فالسلفيون وطبقا لثوابت عقدية وارتباطات إقليمية لن يصمتوا حيال التمدد الشيعي رغم مساعي الإخوان للتقليل من خطره- على لسان الدكتور عصام العريان- الذي وصف هذه المخاوف بالمبالغ فيها، مشددا على قدرة المصريين على الحفاظ على هويتهم.
فالسلفيون- كما يرى الدكتور وحيد عبدا لمجيد القيادي في جبهة الإنقاذ- يعتبرون التمدد الشيعي خطا أحمر لا يمكن التراخي إزاءه بأي شكل من الأشكال سواء بالندوات أو بإطلاق الفتاوى التي تدحض في عقيدة من يتساهلون إزاء مخاطر هذا المد، وهو ما سيرشح العلاقات لمزيد من التوتر، خصوصا أن كافة المواقف الصادرة عن النور تعكس أجواء عدم ثقة في الإخوان، بل تسعى للنأي عن مواقفهم وعدم تحميل مسئولية إخفاقهم.
ويعتقد عبدا لمجيد أن هذا التوتر مرشح للاستمرار، خصوصا أن “,”الإخوان“,” لم تبد أي رغبة في تجاوز الخلافات، وهو ما ظهر جليا بضربها عرض الحائط بمبادرة النور للخروج من الأزمة أو مطالبته بتشكيل حكومة تكنوقراط أو عدم المضي قدما في تطوير العلاقات مع إيران بشكل يعزز أجواء الشك ويقطع الطريق على أية وساطات تحاول تطويق الخلافات بين أكبر قوتين إسلاميتين في الساحة.
وحمّل عبد المجيد الإخوان مسئولية تدهور علاقاتهم بالسلفيين، فاللهجة الاستعلائية والإقصائية التي يتعاملون بها مع السلفيين تعمق أجواء الكراهية والبغض بشكل قد يدفع السلفيين للعب على وتر عدم اكتراث الإخوان بالهوية السنية لمصر واستحضار فتاوى كانت قد توارت لسنوات تصم الإخوان بأهل البدع وعدم الانتماء لعقيدة أهل السنة والجماعة، وهو أمر قد لا تكترث به الجماعة مادام لا يمس شرعية مرسي.
ومع هذا لا يستبعد عبد المجيد إمكانية حدوث تقارب وتحالف مصالح، فالطرفان قد يجدان أنفسهما مضطرين لمعاودة فتح النوافذ، لاسيما إذا تعرض حكم الرئيس مرسي لمخاطر أو تصاعدت محاولات قوى المعارضة لإسقاطه، وهو ما أكدته شخصيات سلفية بالإشارة إلى أن إسقاط الرئيس خط أحمر لاسيما أن البديل سيكون مجهولا أمام أغلبية السلفيين الذين يفضلون منافسة الإخوان وانتزاع الأغلبية منهم، ولكن بدون مواجهة بديل حالي لمرسي قد لا يستطيعون التفاهم معه.