استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، الرئيس كلاوس يوهانس، رئيس جمهورية رومانيا، حيث تم إجراء مراسم الاستقبال الرسمي وعزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيسين عقدا جلسة مباحثات ثنائية أعقبتها جلسة موسعة ضمت وفدي البلدين، حيث رحب السيسي، بنظيره الروماني، مشيدا بالعلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين، معربا عن التطلع لتعزيز التعاون الثنائي بينهما في ضوء تنامي العلاقات الثنائية وتبادل الزيارات رفيعة المستوى، وعلى رأسها زيارة الرئيس إلى بوخارست في يونيو 2019، والتي كانت أول زيارة لرئيس مصري إلى رومانيا منذ نحو 15 سنة.
من جانبه؛ أكد الرئيس الروماني سعادته بزيارة القاهرة، موجها الشكر للرئيس على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، معربا عن الحرص على استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، وكذلك التطلع لتطوير وتعزيز علاقات رومانيا مع مصر ذات الحضارة والتاريخ العريق، إلى جانب دورها المحوري بقيادة الرئيس لإرساء دعائم الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية، فضلا عن الطفرة التنموية التي حققتها مصر، وما تم إنجازه من مشروعات قومية كبرى في شتى المجالات.
وذكر المتحدث الرسمي، أن المباحثات تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصةً الاقتصادية والتجارية، بما يتناسب مع مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين الصديقين، إلى جانب تبادل الخبرات والمعلومات وتشجيع الاستثمارات المشتركة في القطاعات ذات الميزة التنافسية في كل من مصر ورومانيا، حيث تم التوافق بشأن أهمية العمل على عقد الجولة الرابعة للجنة المشتركة المعنية بتطوير مجمل أوجه التعاون الاقتصادي والفني على المستوى الثنائي، فضلا عن الإشادة بانعقاد المنتدى الاقتصادي المصري الروماني على هامش الزيارة الحالية للرئيس الروماني ليمثل حلقة وصل بين رجال الأعمال وممثلي الشركات الكبرى من البلدين.
كما تم التباحث بشأن التعاون في مجال الطاقة بمختلف أنواعها، وذلك في ضوء حرص البلدين على تنويع وتأمين مصادرهما من الطاقة، وسعي مصر في هذا الإطار لكي تصبح مركزاً إقليمياً لتداول الطاقة في شرق المتوسط، وكذا رومانيا لكي تصبح مركزاً إقليمياً للطاقة في منطقة البلقان وشرق أوروبا، كما تباحث الرئيسان حول فرص تعزيز التعاون في مجال السياحة وسبل زيادة حركتها، وتطرقا أيضاً إلى سبل التعاون في مجالات الزراعة، والصناعة، وكذا التعاون العسكري والأمني.
كما تم خلال المباحثات استعراض عدد من القضايا الإقليمية، حيث أكد الرئيسان أهمية تضافر الجهود للتوصل إلى حلول سلمية لتلك القضايا بما يحفظ بالمقام الأول كيان الدولة الوطنية. وقد تم في هذا الإطار التأكيد على التطلع لعقد الاستحقاق الانتخابي في ليبيا في ديسمبر ۲۰۲۱، بما يتيح للشعب الليبي الشقيق فرصة اختيار حكومة موحدة تحفظ أمن واستقرار ووحدة وسيادة ليبيا، مع التشديد على أهمية الالتزام بمقررات الأمم المتحدة ذات الصلة بسحب جميع عناصر المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية. كما ناقش الرئيسان أيضاً ملف الأزمة السورية وتأثيرها على استقرار المنطقة، والجهود الحالية للمبعوث الأممي بغية التوصل لتسوية سلمية لهذه الأزمة. كما تناول اللقاء أيضاً آخر تطورات جهود إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وتحقيق التهدئة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث تم التوافق بشأن أهمية إيجاد حل عادل وشامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس استعرض خلال المباحثات الجهود المصرية في مجال مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، مشيرا سيادته إلى أهمية قيام المجتمع الدولي بالتعامل مع جذور هذه الآفة من خلال مقاربة شاملة تتضمن كل الأبعاد والأسباب.
كما تم أيضا تبادل وجهات النظر بشأن ظاهرة الهجرة غير الشرعية، حيث أكد الرئيس حرص مصر على مكافحة تلك الظاهرة، مشيراً إلى الجهود المصرية للتصدي بنجاح لانتقال اللاجئين عبر البحر المتوسط، وذلك من منطلق مسئولية مصر تجاه مواطنيها وكذلك تجاه أمن شركائها، مؤكداً أهمية التعامل مع ملف الهجرة في إطار من المسئولية المشتركة وتحمل الأعباء، وعدم التركيز على الحلول الأمنية فقط دون معالجة جذور المشكلة الاقتصادية والتنموية في دول المصدر.
وأعرب الرئيس الروماني، عن تثمينه للجهود المصرية في مجال مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والتجربة المصرية الناجحة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكدا الحرص على مواصلة التعاون مع مصر على مختلف المستويات للتصدي للتحديات التي تواجه ضفتي المتوسط، مشيدا في هذا الإطار بجهود مصر لتعزيز جسور الحوار بين الدول الأفريقية والعربية ودول الاتحاد الأوروبي، مع التأكيد على حرص رومانيا على دعم موقف مصر ونقله إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك في ضوء كونها إحدى أهم دول الجوار للقارة الأوروبية، وفي ظل العلاقة المباشرة بين الأمن في أوروبا والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية.
كلمة السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس رومانيا بالاتحادية
وألقي الرئيس السيسي كلمة خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس جمهورية رومانيا جاء نصها:
إنه لمن دواعي السرور أن استقبل اليوم رئيس جمهورية رومانيا "كلاوس يوهانس" في مصر، خاصة أننا نحتفل هذا العام بمرور 115 عاماً على ذكرى تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا الصديقين، كما أود أن أعرب عن اعتزازي بالعلاقات التاريخية الممتدة بين مصر ورومانيا، الدولة التي شرفت بزيارتها عام ٢٠١٩ في أول زيارة لرئيس مصري منذ 15 عاماً، بما يؤكد حرصنا على دفع وتطوير تلك العلاقات سواء على المستوى الحكومي والرسمي أو على مستوى الشعبين اللذين تربطهما أواصر وثيقة تمتد على مدار العقود الماضية بما أثر بالإيجاب على المجتمعين المصري والروماني سواء من خلال الجالية الرومانية التي نعتز بتواجدها في مصر أو من خلال الجالية المصرية في رومانيا.
ناقشنا اليوم مع رئيس رومانيا العلاقات السياسية المتميزة التي تجمع البلدين وكذا علاقات التعاون الثنائية وسُبل دعمها وتعزيزها في شتى المجالات ذات الأهمية والأولوية لبلدينا، بصفة خاصة مجالات الطاقة، والاستثمار والصناعة، والتجارة، والسياحة. كما اتفقنا على أهمية العمل على عقد الجولة الرابعة للجنة المشتركة المعنية بتطوير مجمل أوجه التعاون الاقتصادي والفني على المستوى الثنائي بما ينعكس بشكل إيجابي وبصورة عملية على زيادة حجم التجارة والاستثمارات بين البلدين، وأشدنا بانعقاد المنتدى الاقتصادي المصري الروماني على هامش الزيارة الحالية ليمثل حلقة وصل بين رجال الأعمال وممثلي الشركات الكبرى من البلدين بما يتيح المجال للتعرف على الفرص والحوافز الاستثمارية التي يتيحها الاقتصاد المصري.
أكدنا خلال اللقاء على تثميننا لعلاقات التعاون والتنسيق المستمرة بين بلدينا في مختلف الأطر والمحافل الدولية والإقليمية، انطلاقاً من مبادئنا الثابتة والمشتركة والقائمة على احترام القانون الدولي وتطبيق مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، وتعظيم الاستفادة من ثروات المنطقة بما يخدم شعوب دولها ككل، كما شددت على تقديرنا للدور الروماني المتوازن والبناء سواء على المستوى الإقليمي بمنطقة البلقان أو باعتبارها عضوا بالاتحاد الأوروبي.
من جهة أخرى، أتاح اجتماعنا اليوم الفرصة لتبادل وجهات النظر ومناقشة التطورات الإقليمية والدولية؛ وبالأخص في منطقتي الشرق الأوسط وشرق المتوسط. وفي هذا السياق؛ فإننا نجدد دعمنا لتسوية وحل كافة الخلافات والنزاعات بالطرق السلمية وعبر أطر سياسية وتفاوضية وفقاً لأحكام وقواعد القانون الدولي.
من هذا المنطلق، فلقد أكدنا خلال الاجتماع مع رئيس جمهورية رومانيا على تطلعنا لعقد الاستحقاق الانتخابي في ليبيا يوم ٢٤ ديسمبر ۲۰۲۱ بما يتيح للشعب الليبي الشقيق فرصة اختيار حكومة موحدة تحفظ أمن واستقرار ووحدة وسيادة ليبيا، مع التشديد على أهمية الالتزام بمقررات الأمم المتحدة، ولاسيما قرار مجلس الأمن رقم ٢٥٧٠ الداعي لسحب جميع عناصر المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية مع عدم استغلال الساحة الليبية لتحقيق مصالح وأغراض سياسية لأطراف أخرى.
تناولنا أيضاً خلال الاجتماع حرصنا على إيجاد حل عادل وشامل للصراع الفلسطيني / الإسرائيلي على أساس حل الدولتين بما يسهم في تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية. كما ناقشنا من جهة أخرى ملف الأزمة السورية وجددنا دعمنا لجهود المبعوث الأممي بغية التوصل لتسوية سلمية على أساس إعلان جنيف وقرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ ورفض محاولات بعض الأطراف الإقليمية التي تسعى لفرض الأمر الواقع سواء عبر انتهاك السيادة السورية أو إجراء تغييرات ديموغرافية قسرية هناك.
اتفقنا كذلك على استمرار التعاون والتنسيق بيننا لمكافحة ظاهرة الهجرة غير المشروعة والعمل مع دول المنطقة على إيجاد حلول لجذور تلك الأزمة، وبصفة خاصة تسوية الأزمات والنزاعات القائمة بالمنطقة والتي تعد المحرك الأول لتلك الظاهرة، فضلاً عن أهمية تقاسم أعباء مسئولية تلك الظاهرة سواء على الصعيد الإنساني أو الاقتصادي، بجانب تشجيع زيادة الوعي العام تجاه سبل وقنوات الهجرة المشروعة والفرص الحقيقية المتاحة في هذا المجال بما يسمح للمهاجرين الشرعيين بالاندماج في المجتمعات المختلفة وتحقيق الإضافة الإيجابية المرجوة فيها.
كما بحثنا مع فخامة رئيس جمهورية رومانيا الجهود الدولية والإقليمية والمحلية لمكافحة الإرهاب وأهمية العمل على تجفيف منابع تمويله ومجابهة الجهات الراعية للمنظمات والكيانات الإرهابية والتي توفر الملاذ الآمن والمنابر الإعلامية والسلاح لعناصر تلك المنظمات والكيانات، مع تأكيد أهمية دور المؤسسات الدينية المصرية في نشر قيم الاعتدال والتسامح وزيادة الوعي تجاه مواجهة الأفكار المتطرفة والهدامة.
استعرضت اليوم مع رئيس جمهورية رومانيا الخطوات التي تتخذها مصر لتطبيق المنظور الشامل فيما يخص قضايا حقوق الإنسان؛ وصولاً إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان يوم ۱۱ سبتمبر ٢۰۲۱، والتي تشمل التعاطي مع مختلف الأبعاد التي تنطوي عليها قضايا حقوق الإنسان في البلاد بما يتضمن تحسين مستوى المعيشة ومراعاة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن.
ولا يسعني في ختام كلمتي إلا أن أؤكد مجدداً سعادتي وترحيبي بالرئيس كلاوس يوهانس رئيس جمهورية رومانيا في مصر، وأتقدم بخالص الشكر على الدعم الذي يمنحه لعلاقات بلدينا الصديقين، معرباً عن خالص تمنياتي لدولة رومانيا حكومة وشعباً بمزيد من التقدم والاستقرار والازدهار في ظل قيادتها الحكيمة والمتميزة.