في كتابه "72 شهرا مع عبدالناصر" سرد الكاتب والسياسي الراحل فتحي رضوان الكثير من المواقف والصفات الإنسانية التي تمتع بها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، إلى جانب تفسير عدد من القضايا المهمة التي ارتبطت بالفترة التي تعرض لها الكاتب الذي شغل وزارة الإرشاد القومي في الفترة (1952-1958).
رضوان، الذي تحل ذكرى وفاته في 2 أكتوبر 1988، حيث ولد في 14 مايو 1911، وتخرج في كلية الحقوق وعمل بالمحاماة إلى جانب اختلاطه بالحياة الحزبية، تعرض للاعتقال من قبل الانجليز، ساند ثورة يوليو واُختير وزيرا للإرشاد القومي "الإعلام".
تحدث "رضوان" خلال كتابه عن بعض المواقف الطريفة التي كانت تحدث داخل مجلس الوزراء، ومنها نوم الوزراء في المجلس بسبب طول مدة المناقشات، لدرجة أن أطلق فكاهة "الموافق على هذا القانون يصحى" بدلا من رفع يده. حيث كانت الجلسة تبدأ في العاشرة صباحا وتستمر حتى الثانية عشر منتصف الليل.
قال رضوان إن مناقشات القوانين بمجلس الوزراء دائما ما كان يتخللها الضحك والدعابة، وذكر أن المرحوم جمال سالم قال تعليقا على مناقشة أحد الأعضاء أنه يذكره بـ"قصة البربري" فلما سأله "رضوان" عن القصة طلب منه سالم تأجيلها ليحكيها له في وقت مناسب وليكن بعد انتهاء المناقشة، ولما انتهت طالبه بإنجاز وعده بأن يحكي قصة البربري فسأله "سالم": أي بربري ما هم البرابرة كتير؟ لينفجر الجميع في الضحك.
ومن المواقف الغريبة التي يذكرها "رضوان" قصة ترقية متأخرة لأحد أقارب الوزير عباس عمار الذي شغل وزارة الشئون الاجتماعية ثم وزارة المعارف، حيث قال "رضوان": كما لم يخل الحال من مصادمات صغيرة منحت الجلسات مذاقا حاميا، من ذلك، أن المرحوم الدكتور عباس عمار عاتب زميله إسماعيل القباني لأنه لم يرق أحد أقاربه الأقربين وكان من كبار موظفي وزارة المعارف، إلى وظيفة وكيل وزارة، وكان الظن أن المرحوم القباني سيرد على هذا العتاب الهادئ بأحد الأعذار التقليدية التي يرد بها الناس عادة في مثل هذا الموقف، ولكن الوزراء فوجئوا بالأستاذ القباني يرد على زميله قائلا: إنني لم أرق قريبك لأنه منافق" ووجم الدكتور عباس رحمه الله واستمر القباني يقول بهدوء: إن الناس تظن أنني محسوب على الدكتور طه حسين وأن له أفضالا علي وهذا غير صحيح.. ثم قال القباني: ولما كنت أعرف أن قريبك مدين فعلا للدكتور طه حسين، ولأنه يعلم أن بيني وبين الدكتور طه خلافا في الرأي فقد ظن أن تبرأه من الولاء لطه حسين سيكسبه عطفي فدعاني هذا الموقف إلى الاشمئزاز وقلت له: لماذا تقول لي هذا.. أنا أعلم أن للدكتور طه أفضالا عليك ولا داعي لإنكارها.. فإن هذا لن يقربك إلي.. ولن ترقى في عهدي".