الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

العدو الذي يعيش في بيوتنا .. و يتغذى على طعامنا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

انه الإعلام الأشد تأثيرًا في عصرنا هذا

في لقاء تلفزيوني مع الإعلامي محمد الغيطي منذ ما يزيد عن 5 سنوات، حذرت من خطورة تشعب مواقع التواصل الاجتماعي في حياتنا، و تأثيرها على مجتمعنا لأنها لا تتبع الضوابط التي تناسبنا، كما انها مخترقة من أجهزة وحكومات قد تتعمد التأثير على مستخدميها بشكل ليس في صالحنا .. وها هي الأيام تمر وتبدأ الحقائق تتكشف ..

انها ذراع التحكم، أو “ريموت كنترول” لأصحابها، ولكنها ليست للتحكم بالأجهزة وانما بالناس، بل و الكثير من الناس، يقودوهم الى التفكك و الفوضى و التخلي عن القيم، و الضغط النفسي و الانتحار.

ومؤخرا أسدل الستار عن بعض الوثائق التي تم تسريبها من داخل شركة "فيسبوك" وكشفت أسرار خطيرة ساتحدث عنها لاحقاً.

ماذا يمثل “فيسبوك”؟

فيسبوك هو المسيطر الأكبر على التواصل الاجتماعي في العالم، بقيادة مؤسسه “مارك زوكربرج”، سيطرة بلا منازع  منذ فترة لا بأس بها، فهو يمتلك عدة منصات للتواصل الاجتماعي أبرزها منصات “فيسبوك” و “انستجرام”، كما تمتلك الشركة أيضا أهم خدمات المراسلة مثل “واتساب” و"مسينجر"، و في هذا المجال (التواصل الاجتماعي) حاولت عدة شركات الدخول والمنافسة معها ولكنها فشلت، أبرزها عدة محاولات فاشلة لشركة “جوجل” آخرها كان اطلاق منصة “جوجل بلاس”، لذلك يعتبر "فيسبوك" بمثابة المحتكر للتواصل الاجتماعي بدون منافسة.

كيف نشأ “التواصل الاجتماعي” عبر الانترنت؟

التواصل الاجتماعي عبر الانترنت ليس بجديدًا، ففي التسعينات، كان مفهوم البوابات هو الأوسع انتشارا على الانترنت، و كان “ياهوو” هو أشهر بوابة تقدم مجموعة من الخدمات تقترب لمفهوم التواصل الاجتماعي كما نعرفه الآن، وفي  بدايات الألفينات ومع انتشار الانترنت ظهرت مجموعة من المواقع التي أسست هذا المفهوم بشكل أوضح، أذكر منها “هاي فايف”، و “ماي سبيس”، و"أوركت" وهي جميعا لم تعد موجودة تقريبا، بما فيها “ياهوو”، أو غيرت نشاطها و اندثرت بفعل قسوة المنافسة من “فيسبوك”.

و بين الفترة من 2004 الى 2006 عكفت أنا بشكل تطوعي على تطوير موقع تواصل اجتماعي بامكانات متطورة آنذاك تحت اسم “الترا ايجبت”، و رغم الامكانيات المالية البسيطة، الا أنه انتشر انتشارًا لا بأس به على المستوى المحلي لكنه لم يستطع الصمود طويلا أمام الغزو العنيف لـ “فيسبوك” في مصر و الشرق الأوسط و الذي بدأ في التوغل منذ عام 2007 تقريبا.

و كانت امكانيات “فيسبوك” الضخمة و المتطورة، و الدعم المالي - والسياسي - الهائل الذي حظى به، جعلت منه عملاقاً، بعيدًا تمامًا عن المنافسة، حتى أن أقوى شركات الانترنت العملاقة “جوجل” حاولت بكل جهد منافسته عدة مرات و فشلت فشلا مريرًا ..

وفي الصين، الدولة الضخمة حيث السياسات الأكثر حذرًا تجاه الانترنت، كان هناك حظرًا مبكرًا على “فيسبوك”، ولكن لأنها تعي جيدًا أهمية تلك الخدمات، شرعت في بناء خدمات مماثلة من خلال شركات محلية ووطنية داخلها.

ماذا كشفت لنا التسريبات؟

رغم ان هذه التسريبات ليست بفضائح جديدة على فيسبوك، حيث سبقها عدة فضائح أشهرها “كيمبرج أنالتيكا” المتعلقة بالسماح لاحد شركات الدعاية الانتخابية في توجيه ما يشاؤون للمستخدمين أثناء الانتخابات الأمريكية و اختراق خصوصياتهم، و التي دفعت فيها الشركة مبلغ 5 مليارات دولار لتسويتها وحفظ ماء وجه “مارك”، ولكن التسريبات الأخيرة و التي يقال أنها تسريبات لوثائق داخلية، وهي تسريبات متعمدة من قبل بعض الموظفين بالشركة، أكبر بعض الشئ و أظهرت عدة حقائق خطيرة عن الشركة، أبرزها:

  • أن "فيسبوك" يسمح لحكومات و شركات بعينها بالدخول على أدوات خاصة تخترق خصوصية المستخدمين، و التحكم في توجيه العامة بمعلومات مضللة
  • الشركة تسمح لبعض المشاهير ببث ما يشاؤون دون قواعد أو اعتراضات
  • وضع رقابة و معارضة انتقائية للمنشورات و الأخبار التي لا تتناسب مع سياستهم الخاصة أو سياسة حلفاء الشركة، وهو ما ينفي اداعاءات البعض بأن موقعها هو “منبر لحرية الرأي”
  • التعامل باهمال في مواجهة جرائم خطيرة مثل الاتجار بالبشر
  • شركة “فيسبوك” تواجه قضية من بعض مالكي الأسهم فيها تتعلق بفضيحة “كيمبرج أنالتيكا”
  • الشركة تعمل على ترويج صورة ايجابية عنها بخلاف الواقع
  • الشركة أجرت دراسات توصلت الى خطورة خدماتها (انستجرام وفيسبوك) على الصحة النفسية لمستخدميها من الشباب، لكنها أخفت النتائج

ما المشاكل التي يمكن أن تؤثر على حياتنا في مصر؟ و هل من حلول؟

بالاضافة لكون ما ورد يؤثر بشكل مباشر على حياتنا، فان هناك العديد من التأثيرات الخطيرة الأخرى علينا من سوء الحالة النفسية و الاندفاع نحو الانتحار، و التأثير على الرأي العام باشاعات و أخبار مغلوطة، وتهديد الأمن القومي و الاجتماعي، بخلاف أن “فيسبوك” أيضا أداة اقتصادية قوية، و هي تستحوذ على نسبة ضخمة من سوق الاعلانات المحلي في مصر، ويصرف الاقتصاد المصري من خلالها ملايين الدولارات على الاعلانات شهريًا.

نحن لا يمكننا التحكم في "فيسبوك"، ولا نملك التدخل في سياسة الشركة الأمريكية، لكن لدينا من الخبرات التقنية و البنية التحتية ما قد يؤهلنا لبناء منافس قوي، يحاول انتزاع جزء من المنافسة ولو على المستوى المحلي و الاقليمي و ربما الشرق الأوسط على أقل تقدير، هي خطوة ليست بسهلة و لا بسيطة، ولنا في هزيمة “جوجل” عدة مرات دروسًا، لكن بدون حتى البدء في التفكير في هذا الأمر، فلن نملك الحلول أبدًا.