استقبلت صالات السينما المصرية الأربعاء الماضي، فيلم الخيال العلمي المنتظر "Dune" للمخرج الكندي دينيس فيلنوف، أحد أكثر الأعمال المرتقبة منذ عرضه في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي بداية الشهر، وهو الفصل الأول من جزئين يتم اقتباسهما من الرواية الشهيرة للكاتب فرانك هربرت، والتي صدرت عام 1965.
ومنذ الإعلان عن موعد عرض الفيلم قبل عامين، ضجت الأوساط السينمائية ومواقع التواصل الاجتماعي بالحديث والبحث عن أية تفاصيل تشير إلى الشكل البصري والتحريري الذي ستخرج به تلك الرواية العصية على هوليوود منذ أكثر من 60 عاما.
فطوال عقود وباتت هوليوود على يقين بأن الرواية غير قابلة للتكيف بشكل سينمائي بعد نسختين، أحدهما سينمائية لديفيد لينش عام (1984) وأخرى تليفزيونية عام (2000)، لم ينجحا تماما في ترجمة الصفات الملحمية والروحية لرواية هربرت، إضافة إلى محاولة لم يكتب لها أن ترى النور على يد المخرج التشيلي المرموق أليخاندرو خودروفسكي، بسبب عقبات تمويلية وإنتاجية، وهذا منطقي بالنظر إلى رواية بهذه الضخامة والتعقيد على المستوى البصري.
وليأتي الدور أخيرًا على المخرج الكندي دينيس فيلنوف، الذي يدرك جيدًا التاريخ المعذب للرواية في هوليوود، لذا رأى النقاد والمتابعين أنه الأجدر لفك عقدة هذا العمل الأدبي العصي على التنفيذ، خاصة بعد نجاحه في حبك تتمة رائعة للنسخة الكلاسيكية من فيلم "Blade Runner" قبل خمس سنوات؛ ولكنها تظل مغامرة خالية من أية ضمانات.
بدأ فيلنوف أحداث فيلمه الملحمي في العام 10191، في عالم تحكمه إمبراطورية ضخمة في إحدي المجرات– نجهل عنها الكثير– لكنها تملك السيطرة على عدد من العائلات النبيلة التي تتنازع فيما بينها على الإقطاعيات الكوكبية.
ويتم تكليف عائلة أتريدس، بقيادة الدوق ليتو أتريدس (أوسكار إيزاك) بإدارة أراكيس، وهو كوكب صحراوي غير مضياف، وفير بمادة تسمى "التوابل"، وهي مادة تهلوس العقل وضرورية للسفر بين النجوم ولا يسعد حكام الكوكب السابقون "الهاركونين"، ولا مواطنيها الأشداء "فريمن"، برؤيتهم في تلك الأراضي القاسية، وتصبح عملية استخراج التوابل عبئا وخدعة على عائلة أتريدس، خاصة في ظل وجود ديدان الرمال العملاقة.
يصور الجزء الأول من الفيلم عملية انتقال السلطة بعد وصول الأسرة إلى أراكيس، ويؤسس العلاقات التي تربط ابن الدوق بول (تيموثي شالاميت) مع والدته جيسيكا (ريبيكا فيرجسون)، ومرشديه، سيد الأسلحة جورني هاليك (جوش برولين) ودانكن أيداو (جايسون موموا).
وفي هذا الجزء يؤسس فيلنوف لحدث آخر سيظل مستمرا لنهاية الفصل الأول وهو الصراع النفسي الذي يدور داخل عقل بول كونه يخشى مستقبله باعتباره الدوق الذي سيخلف والده، وأنه يكرس نفسه للتدريب الفكري والبدني كي يصبح مؤهلًا لإدارة شئون العائلة والمملكة فيما بعد، رغم أنه يشكك في قدرته على تحمل هذا العبء، وهو ما سنكتشف صحته من خطأه خلال أحداث الفيلم.
يأخذ Villeneuve صورًا مذهلة إلى المستوى التالي - هجوم Harkonnens على Arrakis هو مثال رئيسي، كما هو الحال في المشهد الذي تمكنت فيه Idaho من إرسال نصف دزينة من الأعداء بسهولة نسبية على الرغم من طعنة خطيرة في الصدر.
في حين أن الفيلم مليء بالتوتر والبطولة المهيبة والمخاطر المميتة التي لا تعد ولا تحصى، فضلًا عن التصوير السينمائي المهيب لجريج فريزر، وموسيقي هانز زيمر الملحمية، إلا أنه يفتقد الكمال بسبب الجودة المتواضعة للكتابة التي خلفت فجوات مليئة بالملل في النصف الثاني من الفيلم، قبل أن نتحول لمشاهدة واحدة من أضعف نهايات أفلام الخيال العلمي.
"جليبرمان": نسخة فيلنوف مذهلة وجذابة و"جريسون" يشيد بالإنتاج الجرئ والموسيقي التصويرية
وخرجت عدد من المراجعات المتابينة عقب عرض الفيلم بمهرجان فينيسيا، حيث ذكر أوين جليبرمان، الناقد بموقع "Variety"، أن نسخة فيلنوف مذهلة وجذابة وتتميز باتساع مهيب، ومعظم جوانبها منطقية بالفعل، ويمكننا القول بأنها تحفة فنية مقارنة بنسخة لينش، فلقد نجح في بناء عوالم مذهلة ولكن لم يوفق على مستوى رواية القصة التي تفتقد للنبض.
وأشاد تيم جريسون، الناقد بموقع "Screen Daily"، بتصميم الإنتاج الجرئ والتصوير السينمائي للمشاهد الملحمية وخصوصية الموسيقي التصويرية لهانز زيمر، ما جعله يؤكد على أهمية خوض تلك التجربة بشكل مسرحي للإستمتاع بكافة تفاصيلها.
وأشار ديفيد روني، الناقد بموقع "Hollywood Reporter"، إلى أن محاولة دينيس فيلنوف لترويض الرواية التي تشتهر بصعوبتها لا تفتقر إلى المشهد السينمائي، من المناظر الطبيعية المهيبة إلى الهندسة المعمارية الضخمة والأجهزة الأنيقة والمركبات الفضائية الرائعة. ومجموعة كاريزمية يقودها تيموثي شالاميت مثل المسيح الشاب الذي يقود المظلومين للخروج من الاستبداد. لكنها لم تنه على الادعاء المتكرر بأن الرواية لا يمكن تصويرها.