الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إشارة خضراء نحو المستقبل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاءت إشارة المشير عبد الفتاح السيسي - في حفل تخرج دفعة جديدة من الكليات العسكرية بالكلية الحربية - والتي تحمل معنى ضمنيّاً بترشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة، بمثابة إشارة طمأنة لملايين المصريين الذين كان ينتابهم القلق لتأخر المشير السيسي في الإفصاح عن اتجاهه بشأن تلك الانتخابات، ولا سيّما في ظل الحالة الأمنية المتردية في الشارع المصري وفي سيناء، بفضل جماعة الإخوان المسلمين وحليفتها حركة حماس الفلسطينية.
ولإشارة المشير السيسي أكثر من مغزى ومعنى ودلالة، فمن ناحية أثبت الرجل - بالقول والعمل - أنه لا يستطيع أن يدير ظهره للرغبة الشعبية العارمة في ترشحه لرئاسة الجمهورية، ومن ناحية أخرى تشعر - والمشير يتحدث - أنه لا يسعى إلى هذا المنصب الذي يعتبر عبئاً على أي مرشح رئاسي محتمل في هذه الفترة القلقة المضطربة من تاريخ مصر، وثالثها أن الرجل يقدر تماما مسؤوليته كوزير للدفاع ومسؤول عن أمن هذا الوطن ضد من يحاولون النيل منه داخلياً وخارجياً، كما أن الرجل قالها صراحة إن أيّاً من مرشحي الرئاسة المحتملين لن يستطيع أن يعبر بالوطن إلى بر الأمان دون تكاتف جميع المصريين الحريصين على وطنهم معه.
ورغم أن إشارة المشير عبد الفتاح السيسي قد أثلجت صدور ملايين المصريين وجاءت كالنسمة الباردة في يوم حار، وكطوق نجاة وسط بحر لُجِيٍّ متلاطم، إلا أن البعض لم يتلقّوا هذه الإشارة سوى بالرفض، بحجة رفضه لأن يرأس مصر شخص عسكري، ولهؤلاء أقول: "وما البديل إذن في ظل الحالة الأمنية المتردية في سائر أنحاء البلاد والإرهاب يحاصرنا في كل مكان؟!، وما البديل إذن في ظل مخاطر واختراقات داخل شبه جزيرة سيناء التي يدفع فيها الجيش المصري ضريبة الوطنية نيابة عن الشعب المصري؟!، وما البديل إذن في ظل تربص القوى الغربية - وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية - بمصر ودعمها الأخير للفوضى في مصر ممثلة فيما تقوم به جماعة الإخوان، على لسان وزير خارجيتها جون كيري؟!".
إن المشير السيسي فرضته الأوضاع الراهنة التي أوصلتنا إليها جماعة الإخوان المسلمين، وأعتقد - اعتقاداً جازماً - أنه إذا استمع المعزول محمد مرسي إلى نصائح السيسي ومطالب الشعب المصري بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أو إجراء استفتاء على استمراره رئيسا للجمهورية، لكان الوضع مختلفاً عما نحن فيه الآن، ولو كانت جماعة الإخوان المسلمين - وذراعها السياسية، حزب الحرية والعدالة، ممثلاً في الدكتور سعد الكتاتني - قد استجاب لدعوة السيسي يوم 3 يوليو للمشاركة في خارطة المستقبل لاختلف الأمر أيضا، ولم يكن وقتها أمام السيسي أي مجال للتفكير في الترشح للرئاسة مادامت الأمور مستقرة، ولكن الآن - وفي ظل الأوضاع الراهنة فإن السيسي هو الرئيس الضرورة، وبعبارة أخرى فإن المنصب هو الذي يسعى إلى السيسي وليس العكس.
وعلاوة على إشارة السيسي، جاءت إشارة أخرى مطمئنة، وهي انتهاء مجلس الدولة من تعديلات قانون الانتخابات الرئاسية وتسليمه أمس الأربعاء إلى الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، الذي أحاله في اليوم نفسه إلى مجلس الوزراء، لتبدأ عجلة الانتخابات الرئاسية في الدوران، ليتم فتح باب الترشح والمنافسة على أرفع منصب في مصر.
وفي اليوم ذاته حكمت محكمة الأمور المستعجلة بإغلاق مكاتب حركة حماس كافة، وذلك لاتهامها - من قبل النيابة العامة - بالمشاركة في الهجوم على سجن وادي النطرون لإخلاء سبيل محمد مرسي ورفاقه من أعضاء جماعة الإخوان، علاوة على قضية التخابر مع محمد مرسي بما يضر الأمن القومي المصري، لتفقد جماعة الإخوان المسلمين ذراعها الطولى داخل مصر، والتي عاثت في الأرض فساداً مناصرة للإخوان، ولم يرعوا في المصريين أية حرمة، رغم أن مصر ضحت بكل غالٍ ونفيس من أجل القضية الفلسطينية.
وفي النهاية، فإن هذه الإشارات الثلاث التي جاءت في يوم واحد تؤكد أن الإشارة خضراء نحو المستقبل بعد انتظار لم يدم طويلا، والله غالب على أمره.