قال أحمد أبو علي، باحث اقتصادي، إن الساحة العالمية تشهد الآن العديد من التغيرات الاقتصادية، وظهور توجهات اقتصادية جديدة تستوجب إحداث تغيرات اقتصادية ايجابية وعلي رأس تلك التوجهات هو سعي العديد من الحكومات نحو تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وبقوة في كافة القطاعات الهيكلية داخل اقتصاديتها، وذلك بسبب ما تشهده الكرة الأرضية من تأثيرات وتهديدات هائلة لتغيرات المناخ والعديد من المناطق معرضة لعواقب وخيمة، فضلاً عن النمو السكاني العالمي السريع والذي يضغط على الموارد الطبيعية نتيجة لزيادة أنماط الاستهلاك والإنتاج في المجال الاقتصادي في جميع أنحاء العالم.
وأضاف: لعل التحدي الأهم هنا في سعي كافة الحكومات نحو تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة هو مدي قدرتها علي توفير التمويل الملائم والمستدام لمشروعات التنمية والتي بدورها في النهاية تدعم تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وبالتالي فإن التمويل بدور يعد محركًا رئيسيًا وضمانة قوية لنجاح أي اقتصاد في ترسيخ أسس التنمية المستدامة ودفعها بقوه نحو الأمام، وهنا يظهر الدور المؤثر والرئيسي للقطاع المصرفي في توفير التمويل للتنمية الاقتصادية المستدامة ولتوفير الوصول السريع إلى تمويل المشاريع ودعم القطاع الخاص لإدارة تنمية مستدامة متكاملة كجزء مهم من النمو الاقتصادي.
وأكمل: على سبيل المثال في مصر وضعت مصر رؤية اقتصادية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، واتخذت في هذا الصدد عددا من الإجراءات التي عززت تلك الرؤية الاقتصادية لعب البنك المركزي المصري الدور الأكبر في نجاحها ودعمها ليس فقط من جانب التمويل ولكن من ناحية الاستراتيجات التمويلية التي وضعها القطاع المصرفي لدعم كافه قطاعات الاقتصاد المصري وخاصة في مسيرته نحو تحقيق الاصلاح الاقتصادي، حيث تعتبر مصر بلد خصبة من حيث الخدمات المصرفية والتمويلية والتي يمكن من خلالها تعزيز الاستدامة من خلال القطاع المالي وذلك كبداية لتعميم الاستدامة وتعزيزها وإنفاذها بناء على ممارسات الحالة العالمية، حيث قام القطاع المصرفي المصري بدعم كافه فئات المجتمع في قدرتهم علي الحصول علي كافه الخدمات المصرفية بشكل سريع علي مستوي تقديم الخدمة وعلي مستوي الحصول عليها من أي مكان داخل حدود الجمهورية، وتمويل المشروعات الاقتصادية ذات الأثر التنموي المستدام كمشروعات الطاقة المستدامة.
وأضاف: كذلك دعم مشروعات الانتاج الزراعي وتقديم كافة أشكال التمويل الزراعي للمزارعين في كافة أشكال النشاط الزراعي كمشروعات الثروة الحيوانية وتمويل نظم الري الحديث ومشروعات الاستزراع السمكي، وتعزيز الشمول المالى ودعم كافة القطاعات التي يتعذر عليها الحصول علي التمويل، وكذلك إنشاء نظم تمويل مستدام للمشروعات الصغيرة والمتوسطةودعمها بحيث تصبح شريك مؤثر في عمليه التنميه وتحفيز عمليات الإنتاج الخاص بها، وتحفيز نظم تمويليه مبتكرة وجديده كالقروض التي تمنح للمشروعات ذات الأثر البيئي الصديق للمناخ، وكذلك دعم حوكمة الشركات وتعزيز استراتيجياتها نحو تحقيق التنميه المستدامة.
وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن تفعيل التمويل المستدام سيساهم في تسريع وتيرة التحول نحو الشمول المالي واستخدام الحلول الرقمية ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وحسب العديد من التقديرات فأن الفجوة التمويلية المطلوب سدها لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة في المنطقة، والتي تتطلب تدفق الاستثمارات الخارجية وأسواق رأس المال وتمويل البنوك، تقدر بحوالي 280 مليار دولار سنويًا.
وأوضح أن القطاع المصرفي يلعب دوراً حيوياً في بناء الآليات المطلوبة لتفعيل دور الأطراف ذات العلاقة وإنشاء نظم الحوكمة المنظمة لعمليات تمويل التنمية، وهو ما يعتبر الحلقة المفقودة، فعلي سبيل المثال تعتبر المنطقة العربية مصدر لرأس المال، وتمتلك موارد مالية ذاتية كافية لتحقيق نمو اقتصادي وتنمية للمجتمعات والبيئة بالمنطقة العربية، وهنا يبرز حيوية دور القطاع المصرفي في تمويل تلك العمليات، وهو ما يستلزم ضرورة تنامي الاهتمام العالمي بممارسات الاستدامة البيئية والاجتماعية ومبادئ الحوكمة، وكذلك حشد رؤوس الأموال من مؤسسات القطاع الخاص في الأسواق الناشئة، وهو ما يساهم في تعزيز أجندة الاستدامة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.