"النهر الدولي" أو "العابر للحدود" هو الذي يقع مع روافده وفروعه في منطقة تخضع لسلطة دولتين أو أكثر مثل نهر دجلة، الفرات، والنيل أو الذي يشكل حدودا بين دولتين أو أكثر مثل نهر السنغال.ونهر النيل،وهو يمر في الكونغو الديمقراطية وبوروندي ورواندا وتنزانيا وكينيا وأوغندا وإثيوبيا وجنوب السودان والسودان وينتهي في مصر. ولا يمكن لأي منصف إلا أن يكون مع حقوق مصر والسودان في مياه النيل وخشيتهما من أن يؤدي «سد النهضة» الإثيوبي إلى تقليص حصتي البلدين من المياه، ومشكلة الأنهار عابرة الحدود تعاني منها أكثر من دولة عربية في مقدمتها العراق الذي يعاني من شحة مياه نهر الفرات بسبب السدود التركية والسورية منذ السبعينات من القرن الماضي وحتى اليوم. بالإضافة إلى تكرار المشكلة مع نهر دجلة الذي ينبع من جبال طوروس جنوب شرقي الأناضول في تركيا أيضًا. حيث بَنت أنقرة أكثر من سد، وحولت مجاري عِدة روافد كانت تصب في نهر دجلة. وفعل النظام الإيراني الحالي الأسلوب نفسه في روافد نهر دجلة «الزاب الأعلى، والزاب الأسفل والعظيم والوند وديالى»، ثم تحويل مجرى نهر الكارون إلى داخل إيران بعد أن كان يصب في شط العرب، وهو ملتقى نهري دجلة والفرات منذ آلاف السنين.
العراق ومنذ فترة طويلة لم يحتج على السلوك الإيراني المجحف، الذي أدى إلى تقليص مياه دجلة وجفاف معظم أهوار الجنوب، ما أدَّى إلى عطش شديد في محافظة البصرة، بعد أن اندفعت مياه الخليج العربي المالحة إلى حوض شط العرب بدلًا من العكس.ولكل ذلك نظم القانون الدولي الاستخدام العادل لمياه الانهار عابرة الحدود
ومن أبرز الاتفاقيات التي تحفظ حقوق مصر المائية، بروتوكول روما 1891 والذي وقعت عليه بريطانيا ممثلة لمصر والسودان وروما ممثلة لإثيوبيا، وتعهدت إثيوبيا بعدم إقامة أي مشروعات على نهر عطبرة، من شأنها عرقلة وصول المياه إلى مصر والسودان.
كما أن هناك اتفاقية 1902، والتي وقعها منيليك الثاني ملك ملوك إثيوبيا، نصت في المادة الثالثة منها، على عدم إقامة مشروعات على النيل الأزرق أو نهر السوباط أو بحيرة تانا من شأنها منع وصول المياه، فضلا عن إلزامها بإخطار السودان -المصري وقتها- بإقامة أي مشروعات.وهذه الاتفاقية -1902- لها حجة قانوينة دولية، نظرا لكونها خاصة بترسيم الحدود، والحدود في القانون الدولي لها مكانة خاصة، تحفظها اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية 1978، التي تؤكد أن الحدود تتوارثها الدول بحالتها، وذلك لمنع النازعات، وفد صدقت إثيوبيا عليها كما أن اتفاقية 1902 لها "شق أخر" مرتبط بحدود عينية، تتعلق باستخدامات الأنهار الدولية، فضلا عن حكم محكمة العدل الدولية في 1997 بين المجر وسلوفاكيا، حول نهر الدانوب في قضية مشابهة لقضية سد النهضة.كما أن هناك أيضا اتفاقا إطاريا للتعاون تم توقيعه عام 1993 بين الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، ورئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوي، تمت صياغته وفق قواعد القانون الدولي، وتعهدت الدولتين من خلالها على تحقيق مبدأ التعاون المشترك، وكذلك مبدا عدم الإضرار، وسجلته مصر في الأمم المتحدة، إلا أن إثيوبيا لم تصدق عليه"، ورغم ذلك؛ فإن قانون المعاهدات لعام 1969 خلص إلى أن الدول التي توقع على معاهدات دولية ولم تصدق عليها، فإنها ملتزمة بعدم مخالفة ما وقعت عليه من التزامات، إعمالا لمبدأ حُسن النية.
كما أن إعلان المبادئ، الموقع في مارس 2015، هو بمثابة خارطة طريق فنية وقانونية، في التوافق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وهو اتفاق إطاري لا بد أن يستتبعه، اتفاق تفصيلي، وهو الذي كان من المفترض أن يكون متمثلا في وثيقة واشنطن التي صاغها البنك الدولي والخزانة الأمريكية
ثم أن ما تزعمه وتروج له إثيوبيا، من أن ما تفعله هو من أمور السيادة المطلقة على منابع الهضبة الإثيوبية، فهي مزاعم واهية، ولا يوجد سند وحيد يؤيدها في القانون الدولي، لأنه من الثابت أن اتفاقية الأمم المتحدة للأنهار الدولية لعام 1997 وما خلص إليه الفقه الدولي وأحكام القضاء الدولي، هو أن النهر الدولي ملكية مشتركة لدوله -المتشاطئة عليه- ولا يجوز لأي منها التذرع بمبدأ السيادة الإقليمية، وأن هذه الدول عليها التزامات مباشرة تتمثل في حماية هذا المورد المشترك، الذي هو هبة من الخالق عز وجل، وأن الدول ملتزمة بتنمية موارده المائية، وصولا للاستخدام المنصف والمعقول، وبالتالي فإن الدفع الإثيوبي، بأنها تملك حقوقا سيادية يخالف قواعد القانون الدولي.