الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

ماركيز.. ساحر لا يموت

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان ماركيز صاحب نوبل يقول «أنا كاتب لأننى خجول، إن صنعتى هى السحر، لكن طول المدة التى استغرقها في صنعة سحري، تصيبنى بالاضطراب، فأضطر إلى أن أحتمى بالعزلة التى يوفرها لى الأدب»، هذا الساحر ماركيز، والتى اشتهرت أعماله بالواقعية السحرية، يتطرق إليها الكاتب والمحرر الصحفى الكولومبى «كونرادو زولواجا»، من خلال كتابه «ماركيز لن أموت أبدًا.. حكايات كتبه»، ترجمة: سمير محفوظ بشير، والصادر حديثًا عن دار «العربي» للنشر والتوزيع، بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، في دورته الـ٥٢.
ويحكى لنا "زولواجا"، عن حكايات كتب ماركيز، وعن ماركيز نفسه، وكيف كان يرى العالم والأدب والسحر، وكيف كان يفضل العزلة حتى يصنع أدبًا ساحرًا ومختلفًا، ليخلد اسمه بحروف ذهبية في عالم الأدب والسحر.. ولتصدق كلمة عنوان الكتاب "ماركيز لن أموت أبدًا"، فسيظل حاضرًا وبقوة، في كل المحافل الدولية، وفى كل الأوساط الأدبية.
وعلى غير المعتاد؛ سيحكى ماركيز في هذا الكتاب، عن نفسه، عن ذكريات طفولته، وكل ما به، منذ أن كان في بيت جدته وحده، وكيف نشأ هناك، وحتى رحلته، في كتابة أشهر رواياته وقصصه، التى نشرت مثل خريف البطريريك، وفى ساعة نحس، والحب في زمن الكوليرا، وبالتأكيد مائة عام من العزلة، سنعرف أيضًا أن هذه الروائع الأدبية لم يكن لها نص أصلى من كثرة المسودات التى كتبها "ماركيز" ولخوفه من أن تضيع منه.
ويقول ماركيز: "عليَّ ان أعترف لكم، أن الأشياء الوحيدة التى لن نعانى العزلة لمائة عام، ولن تعانى لعنة بابل، هى إرث المداحين والحكائين، الذى ورثناه من القدماء المبجلين، الذين كانوا يرددون الحكايات الأخلاقية والمغامرات العجيبة، التى وردت في قصص ألف ليلة وليلة، وفى أسواق المغرب القديمة".
"حنين قصير لخوان رولفو"
تحت عنوان "حنين قصير لخوان رولفو"، كان يكتب "ماركيز عموده في الصحف، ولسبب ما تم حذف هذا العمود من كل طبعات أعماله الصحفية المجمعة، وكان يتحدث خلاله ماركيز عن نفسه ومشكلاته الرئيسية، وسط المعارك الأدبية الكبرى التى خاضها، ونجده يقول: «إن مشكلتى الكبرى ككاتب روائى هو أننى شعرت وكأننى قد وصلت إلى طريق مسدود، بعد أن انتهيت من كتابة تلك الروايات، والتى لم تحقق حتى أى مبيعات، بل وبعضها رفضه ناشرون لا يريدون المخاطرة، حاولت أن أجد منقذا بأى طريقة لكى أهرب من كل ذلك، أحسست بأننى مازلت أريد أن أكتب الكثير من الكتب، ولكن لكى اكتبها كان على أن أتمكن من خلق أسلوب شاعرى ومقنع لكننى كنت عاجزًا عن ذلك».
وتابع يقول: فكان توزيع الكتب في هذه الفترة، واحدًا من المآسي، التى يجد المؤلفون والناشرون والقراء أنفسهم مجبرين على مواجهتها، لهذا السبب تطلب نشر كل أعماله بعد "مائة عام من العزلة"، مجهودًا كبيرًا كى يصدر كل عمل في تاريخ مناسب، وكان من بين تلك الأعمال، التى واجهت صعوبة في النشر أو التوزيع، ومنها "الأوراق الذابلة"، و"الكولونيل لا يجد من يكاتبه"، و"جنازة الأم الكبيرة"، و"في ساعة نحس"، والتى أصبح لها نسخة أخيرة تصلح للطبع والنشر.
العالم الخفى لمائة عام من العزلة
وفى باب تحت عنوان: "كهف المافيا"، تداول العديد من القصص والحكايات، التى نُسجت حول رحلة كتابه "مائة عام من العزلة"، حول الظروف التى مر بها "ماركيز"، أثناء كتابتها، ومحاولاته إنهائها في العام الذى سبق نشر الرواية، والتى استغرق في كتابتها ١٨ شهرًا، فإن ماركيز لم يكتب مجرد رواية، بل إنه شن حربًا، كانت قد بدأت منذ عشرين عامًا سابقة له، وكان هو الجندى الأخير، الذى يطلق آخر ما يحمل من رصاص، من أعماق كهفه"، فقد كافح لكى يجد الصوت المناسب والمنظور الضروري، اختبر العديد من الأساليب والمناهج مع قراءات لا نهاية لها، باحُا عن أسلوبه الخاص، حيث حارب الاستخدام المفرط للصفات، وإغراء الوقوع في فخ الصيغ المبتذلة، والكليشهات المكررة، التى وجدها في كل مكان.
ويقول الكاتب الكولومبى "كونرادو زولواجا"، إن ماركيز كافح عشرين عامًا، من أجل أن يتعلم كتابة رواية في بلد حُرم من تراث أدبي، ولكى يكتشف أن اللغة المناسبة والمقنعة للكتابة، هى اللغة الشاعرية لجدته التى استخدمتها لتمارس سلطتها عليه، اللغة التى تحدثها جده، وفتح بها العالم أمامه، مع أول كتب أهداه له وهو الأطلس، عشرون عامًا دون كلل لكى يكتشف مميزات البساطة.
لا تزعجنى مرة أخرى
ألقى ماركيز خطاب قبول جائزة نوبل، تحت عنوان "عزلة أمريكا اللاتينية، حيث قال فيها: "يا نايسترو اقرأ هذا وأخبرني..، حيث حيث فهم من عيني، أننى أبحث عن مقعد أجلس عليه قال: اجلس أو ارقد على السرير، لكن تذكر أن هيمنجواى كامو، الرجل العجوز فوكنر- ذاك الذى تعرفه وبعض النساء مثل سيلما وجابريللا نمن أيَا على هذا السرير".
قلت: "نام عليه أيضًا الكاتب جِيد، الذى لا أود أن يلتصق بى شيء يخصنا"، سألنى "ما الذى تظنه؟"، أجبت: "شيء عظيم إنه أمر مفيد لي، والآن كما أظن، أفهم مركزك السياسى والكثير من الأمور الأخرى"، ثم أخبرنى " ما الذى قراته توًا، هل هو "مائة عام من العزلة أم أقل..؟". ويمكنك عزيزى القارئ، معرفة الكثير والكثير، عن سر عبقرية ماركيز، من خلال ذلك الكتاب، الذى استطاع مزج الواقع وبالخيال، وحكى لسيرته الذاتية بشكل مغاير وجديد وفريد من نوعه، كيف نشأ وكيف تربى وكيف عاني، وكيف وصل إلى هذا السحر المتفرد في كتاباته حتى وصل لأعلى قمم المجد والجوائز الكبرى كل هذا وأكثر في كتابه «ماركيز لن أموت أبدًا" للكاتب والصحفى الكولومبى "كونرادو زولواجا"، والصادر عن دار العربى للنشر والتوزيع، وترجمة سمير محفوظ بشير.