أكثر من 19 صفقة دمج واستحواذ في قطاع الرعاية الصحية تمت خلال 2020 و2021 ليأتي القطاع الصحي في المركز الثاني في قائمة القطاعات الأكثر نشاطا في صفقات الدمج والاستحواذ ما يمثل خطورة مباشرة على تقديم الخدمة الطبية وتسليعها ورفع سعرها ما يمثل خطورة على نحو 50% من الشعب المصري الذى يعانى من الأمراض المزمنة والمتوطنة، بحسب الخبراء الذين أكدوا أن الاستثمار في الصحة لابد أن يكون له حدود وضوابط لأنه مسألة أمن قومي ووصفوا شراهة القطاع الخاص بأنها تؤثر بشكل وواضح في تسعير الخدمة الطبية وتطبيق النظام الصحي الشامل.
وبلغت استثمارات القطاع الخاص خلال العام المالي 2019/2018 في قطاع الرعاية الصحية 9.3 مليار جنيه، ما يمثل 42% من إجمالي استثمارات القطاع خلال نفس العام، وفقا للأرقام الرسمية المعلنة ومن المتوقع أن تزيد تلك الاستثمارات في السنوات العشر المقبلة.
وهنا يقول أيمن سبع، باحث في الحق في الصحة، عمليات الاستحواذ الضخمة لها تأثير مباشر على تقديم وتسعير الخدمة الطبية وعدالة توزيع الخدمات، فالمشكلة الأساسية تضح خلال رفع أسعار الخدمات الطبية وتأثيرها في زيادة المدفوعات للجيب ما يؤثر على الحق في الصحة وتقديمها لكل المواطنين الذى هو بالأساس حق دستوري في مادته رقم 18.
ويواصل "سبع": يسعى القطاع الخاص لتركيز الخدمات الطبية بالمحافظات الأكثر كثافة سكانية عالية وقدرة على الدفع النقدي وسهولة أكثر في وصول الفرق الطبية أكثر فتتركز خدماتهم في محافظات القاهرة والإسكندرية وتتجاهل باقي المحافظات. كما أن دخول القطاع الخاص بشراهة يمثل خطورة خاصة في البلدان التى بها أرقام ضخمة من الأمراض ويعتبر القطاع الصحي سواء "مستشفيات أو دواء " من الأمن القومي ويبقى الدور الأكبر على الدولة في توفيرها ولنا مثال في جائحة كورونا وفحوصاتها التى باتت بأسعار حالية وظهور بعض الاحتكارات.
جدير بالذكر ان نحو50% من الشعب المصري يعانى من الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والالتهاب الكبدي الوبائي (فيروس سي) سابقا. وظهرت الحاجة للخدمات الطبية في ظل جائحة كورونا. وواصلت الاستثمارات في قطاع الرعاية الصحية الارتفاع منذ 2015. وزاد إجمالي الاستثمارات الخاصة المنفذة في القطاع بأكثر من 1.5 مرة بين 2016/2015 و2019/2018 بالقيمة الاسمية، لتصل إلى 9.3 مليار جنيه من الاستثمارات الخاصة، بينما بلغت الاستثمارات العامة 9.8 مليار جنيه في 2019/2018، وفقا لتقرير مشترك صدر دي كود للاستشارات الاقتصادية والمالية والجامعة الأمريكية.
وهنا يعلق الدكتور علاء غنّام مسئول ملف الصحة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، شراهة القطاع الخاص في عمليات الدمج والاستحواذ على تأثير خطير جدا لأنه يدخل ضمن الممارسات الاحتكارية التى تعمل على تسليع الخدمة الطبية وفع سعرها ما يؤثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
ويواصل "غنّام": عمليات الاحتكار قد تواجه تحدى مع نظام التأمين الصحة الشامل مع تطبيقه لأنهم قد يفرضوا عليه أسعارهم لأنهم قد يمثلوا قوة ذات تأثير في تحديد سعر الخدمة الطبية. كما يمنع قانون الاستثمار عمليات الاحتكار ولابد من تدخل البرلمان لمنع حدوث ذلك كما حدث دخول الدولة في قطاع الدواء وأنشأت هيئة الدواء لذلك استطاعت أن تصنع لقاح كورونا محليَا. وهذا ما كان يحدث لو كانت الدواء تحت سيطرة القطاع الخاص.
ووبين أبرز الصفقات استحواذ الأهلي كابيتال على مستشفى الندى واستحواذ صندوق ازدهار مصر على حصة أقلية في مجموعة التيسير الطبية ورفع مجموعة التيسير الطبية لحصتها في مركز المنصورة الطبي وزيادة ألتا سمبر كابيتال للاستثمار المباشر حصتها في ماكرو القابضة وغيرها. كما تتنافس العديد من الشركات للاستحواذ على حصة 51.4% التي يمتلكها بنك أبو ظبي التجاري في شركة الإسكندرية للخدمات الطبية. وأعلن مؤخرا عن توقف صفقة، كانت لتكون هي الأكبر في القطاع، للاندماج بين مجموعة مستشفيات كليوباترا ومجموعة ألاميدا للرعاية الصحية.
وفى السياق يقول الدكتور محمد عز العرب- المستشار الطبي للحق في الدواء، دائما يقف المركز المصري للحق في الدواء ضد عمليات الاستحواذ من قبل كيانات كبيرة يؤدى للاحتكار يقف ضد مبدأ العدالة في تقديم الخدمة الطبية ورفع أسعارها.
ويواصل "عز العرب": حاربنا ضد الممارسات الاحتكارية وعلى الجهات الرقابية أن تنتبه لهذا الموضوع لحماية فئة المرضى من قبل الطبقة المتوسطة والفقيرة إلى أن يتم تطبيق التأمين الصحى الشامل الذى قد تتوفر به معظم الخدمات الطبية بشكل كبير ولكنه لن يصل القاهرة قبل 8 أو 9 سنوات وهنا لا بد من منع الممارسات الاحتكارية والاستحواذات التى تتم بشكل خفى وطرق عديدة.