الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الحكومة تضع خطة لتطوير ميدان "العتبة".. 135 عاما العمر التاريخي للسوق.. وحرائق السنوات الأخيرة غيرت ملامحه.. أعمال تستهدف العودة للشكل الخارجي التاريخي والحفاظ على البوابات التراثية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هناك العديد من المشكلات تحاصر الميدان التجارى التاريخي بالعتبة الذى يعود إنشاؤه لعام ١٨٨٦، حيث كان ضمن مجموعة من أرقى الميادين التى أنشأها الخديوى إسماعيل، فبمجرد عودته من باريس عام ١٨٦٧، كان الخديور مبهورا بالفن المعمارى الفرنسي وعمد على إنشاء ميادين مماثلة في مصر ليبدأ بإنشاء حديقة الأزبكية وميدان العتبة بداية من عام ١٨٧٢م على يد المهندس الفرنسى باريل ديشان بك، وتم الانتهاء من كافة أعمال التصميم والتجهز الخاصة بسوق العتبة عام ١٨٩٢، حيث كان يتكون من الداخل من شارعين رئيسيين يتوسطان المبنى، ويعلوهما سقف معدنر مخروطى يبرز منه فانوس للإضاءة.


وبعد تطوير الميدان كانت العتبة أحد أشهر الأماكن التراثية في مصر، وتحولت إلى سوق ضخم يقصده الأثرياء والأوروبيون، وضم الميدان بعد تطويره واحدة ن أقدم وأشهر العمارات التراثية بل تحفة معمارية في قلب ميدان العتبة ألا وهى عمارة «تيرينج» والتى تتكون من خمسة طوابق أعلاها كرة كبيرة تحملها ٤ تماثيل بشكل مائع، فقد صممت بطريقة معمارية على الطراز الفرنسى على يد المهندس الشهير «أوسكار هورويتز"، والذى درس فن العمارة في النمسا، وجاء إلى مصر عام ١٩١٥م وقام بتصميم تلك العمارة حتى تكون مركزًا تجاريًا في قلب العاصمة المصرية.


بداية العشوائية
وفى بداية التسعينيات ومع موجات الهجرة الداخلية من محافظات الوجه البحرى والقبلى، ضربت العشوائية السوق التاريخية بعد أن غزت رحلات هجرة من المحافظات الملاصقة للقاهرة، وكذلك من صعيد مصر، لتتحول السوق قبلة للباحثين عن البضائع الأوروبية عالية الجودة عندما أقيمت السوق، إلى مقص لمتوسطى الحال الباحثين.
وفى هذا الشأن يقول الدكتور وائل زكى، استشارى التخطيط العمرانى إن العشوائية التي غزت القاهرة الكبرى، بدأت بعد عام ١٩٩٢ عندما أقر الرئيس مبارك قانون المالك والمستأجر الذى كان له الدور الأكبر في رحلات الهجرة الداخلية من محافظات بحرى وقبلى، فالفلاحون لم يجدوا مصدر رزق سوى الهجرة من أجل التجارة وكسب العيش وهنا رأينا عائلات بأكملها تهيمن على مناطق في قلب القاهرة.


ويضيف «زكي» أن صدور تعديلات قانون المالك والمستأجر كان كلمة السر في تشريد حياة ما لا يقل عن نصف مليون فلاح في محافظات مصر، ولم يجدوا أمامهم مخرجًا سوى الهجرة إلى محافظات القاهرة الكبرى، فسكنوا في أطراف المحافظات في العمرانية والسيدة عائشة والدويقة وبولاق الدكرور وأرض اللواء غمرة – البساتين، وبدءوا ينتشرون بحثا عن مصدر رزق.
وتابع: «على مدى السنوات الماضية كانت القاهرة مصدر رزق للملايين من شباب الصعيد والوجه البحرى الباحثين عن لقمة عيش، وهى أزمة الحكومات المتعاقبة التي لم تنجح في إنشاء مشروعات تجذب هذا الشباب، لتصبح المحافظات طاردة للشباب فجاءوا ليشتغلوا بائعين وعمالا في مختلف المجالات فوجدنا عائلات بأكملها تعمل في الأسواق الشعبية مثل العتبة والموسكى من وبخاصة من محافظات أسيوط وسوهاج».


ملامح العتبة
في الساعات الأولى من يوم الاثنين ٩ مايو ٢٠١٦، اندلع حريق هائل في شارع الرويعى بميدان العتبة، حيث اندلع حريق هائل بأحد الفنادق المطلة على ميدان العتبة، استمر الحريق لمدة ٨ ساعات قبل ان تنجح قوات الحماية المدنية باستخدام ١٥ سيارة إطفاء في السيطرة على الحريق الذى أحرق مبانى وبضائع تقدر بالمليارات، وتسبب في إصابة أكثر من ٤٥ شخصا.
وفى يونيو ٢٠١٩، في تمام الخامسة فجرا، التهمت النيران عشرات المحال التجارية العاملة في مجال إكسسوار المحمول بشارع العطار في سوق خضار العتبة، حيث أفاد شهود عيان بانفجار أنبوبة بوتاجاز ووقوع ماس كهربائى تسبب في اشتعال النيران في أكثر من ٨٠ محلا تجاريا، بخسائر تتجاوز الـ ١٥٠ مليون جنيه، حيث امتدت النيران للمحلات التجارية قبل أن تنجح الحماية المدنية في الدفع بأكثر من ٣٠ سيارة إطفاء نجحت في إخماد النيران، لتنطلق مطالب برلمانية وحكومية للمطالبة بتطوير سوق العتبة بعدما أشارت أصابع الاتهام إلى أن استخدام البائعين لوصلات كهربائية عشوائية هى ما تسبب حرائق متعددة في العتبة.


خطة التطوير
في أعقاب حريق ٢٠١٩، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بتطويرها وإعادة تأهيلها، ووضعت الحكومة خطة لتطوير سوق العتبة بهدف تحويلها إلى سوق تجارية حضارية بمواصفات قياسية ضمن مشروع القاهرة الخديوية، لتكون أول سوق حضارية بالقاهرة الخديوية، تم الانتهاء من بنائها عام ١٨٩٢م، وتبلغ مساحتها ٥٢٠٠ م٢، وتقع في منطقة تربط بين شوارع العطار والأزهر والمرجان.
وكلف الدكتور مصطفى مدبولى باستغلال الأرض الفضاء المجاورة للسوق، وذلك بالبدء في بناء سوق بديلة عليها، لتسكين شاغلى المحلات بسوق العتبة القديمة، تمهيدًا للانتهاء من جميع أعمال تطوير السوق القديمة بأكملها وعودتها لرونقها وشكلها التاريخى مع الحفاظ على واجهاته التاريخية وطرازه المعمارى الفريد، وذلك ضمن مشروع تطوير القاهرة الخديوية بوجه عام.
وفي نوفمبر ٢٠٢٠، وافق مجلس الوزراء، على إسناد مبنى الجمالون الكائن بقطعة الأرض ٧ شارع الترجمان إلى شركة المقاولون العرب، لنقل جميع الشاغلين بمنطقة المثلث بسوق العتبة، كمرحلة أولى لسرعة البدء في أعمال تطوير السوق التى تستهدف العودة للشكل الخارجى التاريخى للسوق مثلما كان، والحفاظ على البوابات التراثية الموجودة بها، وتزويدها بالاحتياطات اللازمة، لعدم تكرار مثل هذه الحوادث.
شائعات رغم التطوير
وعلى الرغم من خطط التطوير، إلا أن الشائعات طالت مشروع تطوير سوق العتية، ففي مطلع شهر فبراير الجاري، انتشرت شائعات تفيد حول نقل أسواق العتبة والموسكي والفجالة إلى مناطق بديلة تمهيدًا لبيع المنطقة لأحد المستثمرين الأجانب، إلا أن المركز الاعلامى لمجلس الوزراء كان لها بالمرصاد حيث خرج ببيان ينفي نقل الأسواق إلى مناطق بديلة.
وثال المركز الإعلامي للحكومة إنه تواصل المركز مع محافظة القاهرة، والتي نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لا صحة لنقل أسواق العتبة والموسكي والفجالة إلى مناطق بديلة تمهيدًا لبيع المنطقة لأحد المستثمرين الأجانب، مُوضحةً استمرار أسواق العتبة والموسكي والفجالة بأماكنها الحالية دون وجود أي نية لبيعها، مُشيرةً إلى أن هناك خطة لتطوير المنطقة وإعادة تنظيمها بما يتناسب مع البعد التراثي والجمالي بها من خلال تقسيمها لأسواق متخصصة بكل سلعة وتنفيذ باكيات منظمة للبائعين، وذلك حفاظًا على أحقية أصحاب المحال التجارية بتلك الأسواق.
وفي السياق ذاته، يتم تطوير العديد من المناطق المفتوحة بمدينة القاهرة، ضمن مشروع تطوير القاهرة التاريخية، حيث يتم تنفيذ أعمال تطوير (ميدان طلعت حرب - ميدان مصطفى كامل - شارع قصر النيل)، وتشمل تلك الأعمال تحسين الحالة المروية بالمنطقة من خلال زيادة حركة المشاة أكثر من حركة السيارات، بجانب توفير مسارات للدراجات لتتحول إلى "مدن مشاه"، بالإضافة إلى تنفيذ عدد من المحاور الجديدة التي تستهدف تخفيف الضغط المروري على منطقة وسط البلد، كما سيتم تنفيذ أعمال تطوير للشوارع والميادين بإضافة عناصر جمالية، وأعمال إنارة وإضاءة وتشجير.