منذ نشأة هيئة الإذاعة البريطانية المعروفة اختصارًا بالـ«بى. بى. سى»، وهى تتحدث عن استقلاليتها وحيادها وموضوعيتها!! وفى الحقيقة أنها لم تُضبط مرة بما يشير إلى حيادها وموضوعيتها الإعلامية، رغم اقتراب عمرها لقرن كامل منذ بدء بث إرسالها الإذاعى، وتلا ذلك البث بلغات مختلفة، كان أولاها اللغة العربية. جاءت الهيئة تحمل إرث الإمبراطورية البريطانية التى لا تغيب عنها الشمس، وابنة مخلصة لمناخ الحرب الباردة بين المعسكرين الغربى والشرقى، ولم تختلف سياساتها الإعلامية كثيرًا عن إذاعة أوروبا رقم واحد، التى كانت تدعى أيضا استقلالها فى الوقت الذى كان الجميع يعرف أن وكالة الاستخبارات الأمريكية هى التى تديرها!
كان - ولا يزل - الخطاب الإعلامى لـ«بي. بي. سي» معاديا لاستقلال الشعوب، وحقها فى التحرر والاستقلال والتنمية، فوصفت المناضلين المطالبين بالحرية بالمتمردين، واعتبرت المرتزقة والميليشيات المسلحة ثوارًا، ولم تصف مرة الجيش الإسرائيلى بالمحتل، فى الوقت الذى تصف أعمال المقاومين للاحتلال بالعنف، أما عمليات الإرهاب لجماعات الإسلام السياسى فتصف مرتكبيها بالمتشددين، وبعد ما سمى زورًا بالربيع العربى وخطط الفوضى الأمريكية فى بلدان الشرق الأوسط، التحقت الـ«بي. بي. سي» بقطار واشنطن السريع فى دعم جماعات الإرهاب الدينى وفتحت برامجها لهم، وتبنت خطابهم الإعلامى ولم تطلق مرة واحد لفظ إرهاب على تنظيم القاعدة ولا على تنظيم داعش، ولا على جماعة الإخوان وفضلت إطلاق تعبير «المجاهدين» على هذه الجماعات.
لقد أثارت (فبركة) تقرير عن مسئولية دولة الإمارات عن عمل مسلح ضد معهد عسكرى تابع لحكومة الوفاق فى طرابلس غضب الدول التى تواجه الإرهاب واعتبرت هذه الدول أن هذا التقرير المزور محاولة لشق وحدة جبهة مواجهة الإرهاب، ويأتى استكمالا للحملة الإعلامية على دول أخرى مثل مصر.
ورغم أن القائمين على الـ«بي. بي. سي» يعلمون جيدا أن الصراع الميلشياوى بين عناصر الجماعات الإرهابية فى طرابلس والانقسام بين تنظيماتهم، أدى لعمليات انتقام فيما بينهم، وأن نوع وتقنية الأسلحة المستخدمة فى الحادث يدلان على وقوف عناصر تابعة للنظام التركى المسيطر على حكومة السراج خلف الحادث الذى كان نتاج صراع على السلطة أدى إلى استبعاد وزير الدفاع ورئيس الأركان.
رغم كل ذلك لم تعتذر الفضائية عما بثته من أكاذيب وفضلت الاستمرار فى ألاعيبها الإعلامية لتؤكد عدم مصداقيتها وأنها لم تتخلص من أجندتها المرسومة لها فى الأروقة السرية فى لندن!
"البوابة"