الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

رفض شعبي للتدخلات والمؤامرات التركية والدعم القطري.. رواد مواقع التواصل الاجتماعي ينتقدون تقديم الدوحة الأموال قرابين لـ«أنقرة».. و«أردوغان» يستخدم قطر لتعطيل قرارات الجامعة العربية حول ليبيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رواد مواقع التواصل الاجتماعي ينتقدون تقديم الدوحة الأموال قرابين لـ«أنقرة».. و«أردوغان» يستخدم قطر لتعطيل قرارات الجامعة العربية حول ليبيا.


قام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، في 2 يوليو، بزيارة خاطفة إلى قطرـ ورغم أن الزيارة استمرت ليوم واحد فقط، إلا أن اختيار الرئيس التركى قطر لتكون محطته الخارجية الأولى بعد أزمة كورونا يؤكد ازدياد التنسيق البينى بين الدولتين فيما يخص الأزمات في المنطقة. ويعد اصطحاب الرئيس التركى لرئيس مخابراته، هاكان فيدان، دليلا أن التنسيق الأمني ودعم التنظيمات الإسلاموية كان حاضرا بقوة على جدول الأعمال الثنائي. علاوة على ذلك، يعد اصطحاب رئيس جهاز المخابرات دليلا دامغا على أن النقاشات العسكرية قد امتدت إلى كل المناطق التى تتواجد بها تركيا عسكريا، وخاصة ليبيا.
من الجدير بالذكر أن العلاقات الثنائية بين الطرفين قد شهدت تطورا ملحوظا منذ عام 2017 بعدما قامت أربع دول عربية، على رأسها مصر، بقطع العلاقات مع قطر بسبب دعم الأخيرة للتنظيمات الإرهابية في المنطقة، فضلا عن استمرارها في التدخل في شئون الدول العربية، في انتهاك واضح وصريح لسيادة هذه الدول. وقد استغلت أنقرة الحصار العربى على الدوحة من أجل إنشاء قاعدة عسكرية تركية. ورغم أن المعلومات المتوافرة حول عدد الجنود الأتراك في قطر غير معروف، إلا أن تقديرات بحثية ترجح أن يكون عدد الجنود الأتراك قرابة 5000 جندي.
وتعد الأوضاع في ليبيا نقطة التقاء مركزية بين الطرفين، حيث تعول تركيا على الدعم المالى القطرى في دعمها للميليشيات التابعة لحكومة الوفاق الوطني. كما ترى الدوحة في تدعيم وجودها في ليبيا فرصة لزيادة نفوذها في سوق الغاز العالمي، خاصة مع ازدياد الاكتشافات الكبيرة للغاز في شرق المتوسط. 

أولا: رفض شعبى عربي
رغم أنه لم يصدر أى تعقيب رسمى من أى دولة عربية على الزيارة، إلا أن ردود الفعل الشعبية كانت رافضة بشكل رئيسى لهذه الزيارة؛ حيث تم إنشاء عدد من الهاشتاجات على موقع توتير تتناول بشكل رئيسى الأموال القطرية التى قدمت قرابين لتركيا في الفترة الأخيرة.
ففى شهر مايو 2020، وقعت قطر مع تركيا صفقة لتبادل العملات بقيمة 15 مليار دولار، وهو ثلاثة أضعاف ما تم الإتفاق عليه من قبل. وقد هدفت هذه الصفقة بشكل رئيسى إلى توفير النقد الأجنبى للاقتصاد التركى الذى يعانى من نقص العملات الأجنبية نتيجة تراجع الأداء الاقتصادى بسبب أزمة كورونا. وقد اتهم المغردين العرب الدوحة بإرسال الأموال إلى تركيا التى بدورها تستغلها في تحسين أدائها الاقتصادي، ما يمنحها فرصة أكبر من أجل زيادة تدخلاتها العسكرية في الدول العربية.
على صعيد آخر، تعمل الدوحة على تنشيط قطاع الصناعات العسكرية التركية من خلال عقد صفقات كبيرة. ففى عام 2018، وقعت الدوحة عقدا مع تركيا من أجل شراء 6 طائرات من دون طيار لتصبح بذلك أول دولة مستوردة لهذا النوع من الطائرات. وفى عام 2019، اتفقت قطر على شراء 100 دبابة تركية من طراز ألتاي، رغم عدم حاجتها لها بسبب طبيعتها الجغرافية؛ حيث تعد قطر شبة جزيرة ولا ترتبط بأى حدود برية إلا مع المملكة العربية السعودية. ويؤكد ذلك أن العلاقات السياسية لعبت دورا كبيرا في دفع قطر لعقد صفقات تسليحية غير ضرورية.

ثانيا: تداعيات إقليمية
تحمل الزيارة تداعيات مهمة على الأمن الإقليمي، خاصة أنها جاءت لتنسيق الجهود في ليبيا، مع الأخذ في الاعتبار التطورات الأخيرة التى مكنت حكومة السراج من استعادة السيطرة على المدن المجاورة للعاصمة طرابلس.
من الأهمية أن نشير هنا أن الأوضاع في ليبيا تشهد هدوءا نسبيا، لكنّ الحرب لم تضع أوزارها بعد؛ حيث ترغب حكومة الوفاق في استعادة السيطرة على مدينة سرت الإستراتيجية التى تعد البوابة الأخيرة أمام الهلال النفطى الذى يحتوى على 75% من موارد النفط داخل ليبيا، لكنّ الجيش الليبى بالمقابل يؤكد أن سرت خط أحمر ويرفض المساس بها.
على صعيد آخر، يرتبط الدور التركى في ليبيا بالمال القطري؛ حيث إن الاقتصاد التركى ليس بمقدرته تحمل الإنفاق العسكرى الكبير المرتبط بالعمليات العسكرية التركية في كل من سوريا والعراق وليبيا في آن واحد، ومن ثم بات ضروريا لأنقرة أن تحصل على دعم مالى من الدوحة من أجل الحفاظ على استمرارية تدخلاتها العسكرية الخارجية.
وتدرك أنقرة جيدا أن القرارات داخل جامعة الدولة العربية تأخذ عن طريق الإجماع (موافقة كل الدول الأعضاء)، ما يعنى أن أى هجوم عسكرى تركى على مدينة سرت الليبية سوف تتم إدانته من جامعة الدول العربية، إلا إذا قامت الدوحة باستغلال عضويتها من أى أجل تعطيل صدور أى مشروع قرار من مجلس الجامعة بشأن ادانة التدخلات التركية الغير مبررة.
وتبقى علاقة قطر بالتنظيمات الإسلاموية في سوريا نقطة التقاء مهمة، حيث لا تزال هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) تسيطر على أجزاء كبيرة من محافظة إدلب شمال سوريا. وتعد الجبهة نقطة خلافية بين أنقرة وموسكو؛ حيث تطالب أنقرة بحل الهيئة وتسليم سلاحها الثقيل، فيما تتباطئ تركيا في اتخاذ مثل هذا القرار خوفا من اندلاع المواجهات بين الجبهة وباقى التنظيمات المسلحة. ولذلك، تعتمد تركيا على قطر في التأثير على الهيئة وضبط سلوكياتها.


ثالثا: تطورات لاحقة
في تطور غير مسبوق، قام طيران مجهول بتوجيه ضربة عسكرية لقاعدة الوطية الإستراتيجية التى تسعى تركيا لتحويلها إلى قاعدة عسكرية خالصة بالتعاون مع القوات التابعة لحكومة الوفاق. توقيت الضربة يؤشر إلى احتمالية ارتباطها بزيارة الرئيس التركى لقطر، خاصة أن زيارة أردوغان للدوحة قد أعقبها زيارة من وزير الدفاع التركى إلى طرابلس، ما يؤشر إلى ارتباطية الضربة العسكرية بهذه الأحداث. وتحمل هذه الضربة رسالة مهمة مفادها أن الجيش الليبى لن يسمح لتركيا بإنشاء قاعدة عسكرية على أراضيه.
التكتم التركى الشديد يدل على احتمالية وجود خسائر بشرية غير معلن عنها. ناهيك عن الخسائر المادية المتمثلة في تدمير منظومة سام الروسية للدفاع الجوي، فضلا عن عدد من الإنشاءات الجديدة في ضوء محاولة تركيا لإعادة تأهيل القاعدة مرة أخرى.
في النهاية، جاءت زيارة الرئيس التركى إلى قطر لتعكس محورية الدور القطرى في سياسة تركيا الإقليمية. علاوة على ذلك، برهنت هذه الزيارة على أهمية المال القطرى في كل التدخلات العسكرية التركية الخارجية.