الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

تاريخ دموى للعنصرية التركية.. القتل عقاب سماع «الموسيقى الكردية».. المناهج العثمانلية تصف العرب بـ«الخونة».. ودين «الأرمن» كلفهم مذبحة لمليون ونصف ضحية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اللاجئون السوريون يعيشون في رعب والأزمة الاقتصادية تدفع لمهاجمة المتاجر العربية
«أردوغان» يتاجر بالقضية الفلسطينية ومهاجرة تفضح انتهاكات نظامه
«الملالى» يطاردون علماء السنة واعتقال المئات.. ويمنعون فتح المساجد وإصدار الكتب
تتنامى العنصرية التركية تجاه كل عرق أو جنس أو دين مختلف عنها عبر التاريخ، وهى عنصرية لا حدود لها، فقد تمتد إلى التهجير القسرى والقتل والإبادة الجماعية مثلما حدث مع أقلية الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى، واضطهدتهم السلطات التركية بسبب دينهم.
وخلال السنوات القليلة الماضية تعالت الأصوات العنصرية التركية المعادية للعرب من بينهم اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى مواطنى دول الخليج بعد الخلافات الكبيرة التى نشبت بين نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، وبعض دول الخليج، ناهيك عن الاضطهاد للأقليات الكردية.
فلم يكد يمر أسبوعا على الجريمة العنصرية التى وقعت في مدينة مينيا بوليس الأمريكية التى قتل فيها المواطن صاحب البشرة السمراء جورج فلويد، حتى وقعت جريمة أشد عنصرية، في تركيا بعدما أقدم 3 شبان أتراك، على قتل شابا لأنه يسمع الموسيقى الكردية، لتعيد تلك الجريمة التاريخ العنصرى لتركيا عبر كل العصور.

ويحظى العرب بنصيب كبير، في الممارسات العنصرية التركية، ووقعت جرائم عدة خلال السنوات القليلة الماضية، ضد المواطنين العرب، الموجودين هناك.
وفى منتصف العام الماضى ٢٠١٩ واجه الاقتصاد التركى أزمات عديدة، وهبطت الليرة إلى معدل غير مسبوق، وارتفع التضخم آنذاك، نحو ١٥.٧٢٪، ما دفع عدد من الأتراك إلى صب جام غضبهم على اللاجئين السوريين.
وذكرت صيفة «ويست فرانس» الفرنسية في تقرير لها نشرته في يوليو من العام الماضى ٢٠١٩ أن الرعب كان يتملك اللاجئين السوريين في تركيا، وقالت تحت عنوان «الأزمة الاقتصادية تصعد التوترات بين اللاجئين السوريين والأتراك»، أنه وسط الأزمة الاقتصادية التى تمر بها تركيا، تزداد التوترات وأعمال الشغب مؤخرا في إسطنبول، حيث هاجم الأتراك بعنف المتاجر التى يديرها مواطنون سوريون، والتى كُتبت واجهات متاجرهم باللغة العربية.
وخلال مايو الماضى أكدت مصادر لـ«العربية» أن عدد من اللاجئين السوريين تعرضوا لاعتداءات في تركيا، بعد الخسائر المؤلمة التى منى بها جيش الاحتلال التركى في مدينة إدلب.
فقد هاجم مئات الأتراك ضمن مسيرة مؤيدة للجيش التركى في مدينة كهرمان مرعش جنوب البلاد منازل ومحلات السوريين وعمدوا إلى تكسيرها والاعتداء على السوريين في المدينة.

«أردوغان» يتاجر بالفلسطينيين
ولا يترك أردوغان مناسبة تتعلق بالشأن الفلسطينى، إلا ويطلق شعاراته وتصريحاته العنترية، التى تلهب حماس كل البعض، ممن لا يفهمون المغزى من تلك التصريحات الخالية من أى مضمون والبعيدة كل البعد عن الواقع، فبينما يناصر أردوغان الفلسطينيين أمام الشاشات، يمارس ضدهم أبشع صور العنصرية، وليس أدل على ذلك إلا آنين مهاجرة فلسطينية، أجرت حوارا مع صحيفة «هاآرتس» الصهيونية في أغسطس من العام الماضى ٢٠١٩ تحدثت فيه عن العنصرية التى تواجهها دوما في تركيا.
وتقول المهاجرة التى رفضت الكشف عن هويتها خوفا من ملاحقتها «هذا القدر من العنصرية لم أره من قبل حتى في قطاع غزة، العنصرية في كل مكان. الناس ينظرون إلينا بعداوة في وسائل المواصلات. لا أعرف لماذا يتصرفون معنا بهذا الشكل».
وأكدت المهاجرة الفلسطينة إن «العنصرية المشتعلة في شوارع إسطنبول تجاه السوريين أشعلت حالة من العداء والعنصرية ضد العرب بشكل عام، وقد قال لى أحد العاملين في قطاع السياحة: إن العرب التهديد الرئيسى لنا».
وأكدت أنه بالرغم من الخطابات الرنانة لرموز حزب العدالة والتنمية التى تخرج دائمًا للحديث عن دعم ومساندة القضية الفلسطينية، إلا أنها مجرد شعارات لا أثر لها على أرض الواقع أو في الحياة اليومية، على حد قولها.

التعليم العنصرى وتزوير التاريخ
وفى جريمة ممزوجة بتزوير التاريخ وتأصيل العنصرية، يشير نظام التعليم التركى إلى العرب بأنهم خونة حينما يتحدث عن حقبة الحرب العالمية الأولى حيث تبدأ من الكتب الدراسية الخاصة بالمراحل التعليمية الأولى، أن العرب «خانوا الأتراك في الحرب العالمية الأولى، وكانوا سببًا في خسارتها وانهيار الدولة العثمانية». في إشارة إلى الثورة العربية ضد الاحتلال العثمانى إبان الحرب العالمية الأولى «١٩١٤:١٩١٩».
مذابح الأرمن
بدأ في الربع الأول من القرن العشرين، أفول نجم الدولة العثمانية التى باتت تعرف حينها بـ«رجل أوروبا المريض»، في الوقت الذى بدأ يبزغ فيه نجم الأرمن، حتى إن الكاتب محمد رفعت الإمام ذكر في كتابه «القضية الأرمنية والدولة العثمانية» إنهم «بلغوا بالقرن ١٩ درجات متقدمة من الازدهار على جميع الأصعدة، حتى إنه قال متندرا إن العثمانيين كانون يتحدثون باللغة التركية ويفكرون بالأرمينية».
وكان ذلك من الأسباب التى دعت الأتراك إلى الحقد على أقليات الأرمن المسيحية، ليشرع وزير الدفاع حينها أنور باشا التعجيل بتنفيذ ما يعرف بـ«المخطط الطورانى».
وفى فبراير من عام ١٩١٥ جرد أنور باشا الجنود الأرمن من أسلحتهم ورتبهم العسكرية، وأمرهم بأمور أخرى بعيدا عن الحرب، ومنها بناء الطرق وتشييد الجسور، وبعدما انتهوا من تلك المهام أمر بقلتهم جميعا، وبدأ بعد ذلك في اعتقال نخب الأرمن، بتهم واهية، ليتم اعدامهم، ومن تبقى منهم أمرهم بالهجرة إلى صحراء العراق وسوريا، ليموتوا عطشا.
وفى ٢٤ أبريل من كل عام يحى الأرمن ذكرى الإبادة الجماعية، حيث اعتقل في هذا اليوم ٦٠٠ شخص من النخبة الأرمينية، في القسطنطينية، ورحلتهم لأنقرة، وبلغ مجموع من قضوا بسبب تلك الإجراءات التعسقية ما يبقرب من مليون نصف المليون إنسان.
وذكر الصحفى البريطانى روبرت فيسك في مقال نشرته صحيفة «الإندبندنت» في يوليو ٢٠١٩، أن قرار استهداف الأرمن اتخذ بعد ٣١ يوما من دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى، في ٣١ أكتوبر ١٩١٤ واستند في ذلك إلى دراسة حديثة للمؤرخ التركى تانر أكتشام الذى يعيش بمنفاه الاختيارى بالولايات المتحدة هربا من مطاردة نظام رجب طيب أردوغان.
وجاء اتخاذ ذلك القرار بسبب الشك في ولاء الأرمن لروسيا، إبان الحرب العالمية الأولى.
ووفق المؤرخ البريطانى أرنولد توينبى، كان الجنود العثمانيون يقيدون الأرمن ويأخذونهم خارج المدينة حفاة وشبه عراة، وحال تسنح لهم الفرصة يعمدون إلى ذبحهم ثم يختطفون نساءهم وأطفالهم ويجهزون عليهم سحلا أو حرقا أو عبر تركهم لأشهر بلا أكل حتى تنهشهم الأوبئة والأمراض، فيقضون جراء ذلك.

تاريخ طويل من اضطهاد الأكراد 
ومن اضطهاد العثمانيين للأرمن وذبح مليون ونصف المليون إنسان، إلى دولة أتاتورك التى أسسها على أنقاض «رجل أوروبا المريض» ولكن بنفس التجهات العدوانية ضد الأقليات، حيث انتهج نفس سياسة التطهير العرقى والعنصرية والتغيير الديموجرافى بالقوة والدم، وشهد عام ١٩٣٧ فصلا دمويا جديدا من تاريخ عنصرية تركيا ضد الأكراد.
بدأت حكومة أتاتورك في شن حملة عسكرية على منطقة «درسيم» أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، من الأكراد الزازاكيين، وتقول بعض المصادر أن عدد الضحايا وصل إلى ٤٠ ألفا، فيما أكدت مصارد كرى أن حصيلة المذبحة وصلت إلى ٧٠ ألفا.
وقبل أيام قليلة، تجسدت العنصرية التركية ضد الأكراد، في جريمة مقتل الشاب باريش جاكان، البالغ من العمر عشرين عاما، الذى كانت كل جريمته هو سماع الموسيقى الكردية، في حى إتيمسجوت بالعاصمة أنقرة، ليهجم عليه ٣ شبان.