الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

|| بورتريه|| راتب صديق.. صاحب وسام الخدمة الإنساني

متحف راتب صديق
متحف راتب صديق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للفن التشكيلى مع أصحابه قصص وحكايات كثيرة، فمثلما ترك الفن بصمته عليهم، هم أيضًا بالتأكيد تركوا بصمة غائرة فيه، فسواء أكان فنانا غائبًا أم حاضرا، وسواء أكان مشهورا أو لم يلق من المعرفة والأضواء ما يستحق، فبالتأكيد تلقيبه بـ«فنان» قد أخذت منه العديد من السنوات والمعرفة والخبرة والممارسة.. 
تدور الحلقة الثالثة والعشرون من سلسلة «بورتريه» في موسمه الثانى، حول فنان تشكيلى غمره حب الفن منذ دراسته في المدرسة، وعندما أصبح رائدًا كبيرًا في هذا المجال كان دائمًا ما يُشجع صغار الفنانين على الصعود حتى أصبحوا كبار الفنانين بالأجيال التى أعقبته، هو الفنان التشكيلى محمد راتب صديق، والشهير بـ«راتب صديق».
وُلد «راتب صديق» بالجيزة في الثانى من يونيو لعام ١٩١٧، وبعد إتمامه مراحل دراسته الأولى، التحق بالمدرسة السعيدية لإتمام المرحلة الثانوية، ومنذ بدأ هذه المرحلة تعلق «صديق» بالفن؛ حيث تعرف على هذا العالم تحت رعاية كبار الفنانين وأساتذته، ويأتى من بينهم يوسف العفيفى، هذا بالإضافة إلى انضمامه إلى جمعية الرسم، ورافق بهذه الفترة مجموعة من أبرع الطلاب منهم كامل التلمسانى، وسعد الخادم، وكمال الملاخ، وغيرهم الكثير من رواد الحركة التشكيلية.
في التاسعة عشر من عُمره، سافر «صديق» إلى لندن لدراسة الفن التشكيلى؛ حيث درس بمدرسة «تشيلسى بولوتكنيك للفنون الجميلة» بلندن، ولكنه لم يمكث بها غير أربعة شهور، حتى تركها والتحق بأكاديمية أوزنفانت للفنون الرفيعة، واستمر فيها عامين ونصف العام يدرس بالقلم الرصاص.
بعد عودته إلى مصر، بدأ مع نفسه فن التصوير الزيتى، حتى علم نفسه وأصبح أستاذًا به، وعلى الجانب الآخر كان «صديق» فنانًا مُثقفًا ذى أفق واسع، لدرجة جعلته ينعزل لمدة عامٍ كامل أو أكثر في حلوان، وكان رفيقه الوحيد حينها هو الكتاب، ثم تزوج من الفنانة عايدة شحاتة، وسافرا معًا إلى السودان لتدريس الفن وهو في الخامسة والعشرين من عمره أى بعام ١٩٤٢.
انضم «صديق» عضوًا بمجلس إدارة أتيليه القاهرة للفنانين والكتاب، وهو في الخامسة والأربعين من عمره أى في عام ١٩٦٢، ثم عاد وهو في الخمسينيات من عمره ليُعطى الكثير من الإبداع للفن الذى أحبه وتعلمه، كما تم اختياره بالانتخاب رئيسًا لمجلس إدارة أتيليه القاهرة عام ١٩٦٤، واستمر بهذا المنصب طوال حياته.
كتب الفنان التشكيلى الدكتور مصطفى الرزاز عن أسلوب الفنان «راتب صديق» في كتاب الفن المصرى الحديث، وقال: «تتسم أعمال الفنان راتب صديق بالملحمة الأدبية؛ حيث يصور مشاهد من الكتب المقدسة بأسلوب يقترب من الفن القطرى، لأن تأملاته الفلسفية وطموحاته الفكرية كانت أكبر بكثير من مهاراته في التلوين خاصة، وفى خبراته التكوينية، حيث يهدف إلى الرسم الواقعى. ولكن تخونه قدراته في التشريح والنسب والمنظور، بيد أن في ذلك الإخفاق الأكاديمى تكمن قوة وأهمية هذا الفنان وقيمة أعماله المتميزة، ويتألق بصفة خاصة في تصوير المجموعات الزاحفة المتلاحمة من شيوخ ورجال ونسوة وأطفال في مسيرة قدرية لا مفر لهم منها متجردين من ملابسهم. ويستخدم الألوان الدافئة ببراعة في لمسات سميكة فوق سطوح تبدو وكأنها مطروقة في رقائق النحاس، إذ كان يستخدم ألوان الزيت من دون إضافة الزيت أو التربنتينا، ليحافظ على قوام اللون للتعبير عن الفورم. موضوعاته تتضمن «موسى يناجى ربه»، «قابيل وهابيل»، «الهروب»، «موكب السلام» وغيرها من الموضوعات المستوحاة من الكتب المقدسة». 
عُرف «صديق» بعطائه الدائم وتشجيعه للفن والفنانين، حتى حصل على وسام الخدمة الإنسانى من فرنسا في ١٩٨٨، أى وهو في الحادى والسبعين من عمره، كما كتب الفنان الدكتور أحمد نوار حول عطائه قائلًا: «كان راتب صديق يشجعنى مع غيرى أيضًا من شباب الفنانين للتقدم لعضوية مجلس إدارة الأتيليه، حتى فزت في الانتخابات في مجلس ضم نخبة ممتازة من جميع الأجيال والاتجاهات الفنية والأدبية والفكرية، وشجعنى بروحه الأبوية وإيمانه بالشباب لأتولى منصب السكرتير، وهو نفس ما فعله مع كثيرين غيرى، اشتعلت بهم مجالات النشاط بالأتيليه طوال سنوات السبعينيات، واستمر ذلك كظاهرة تميز بها الأتيليه على امتداد الأعوام الثلاثين التى شغل فيها راتب صديق رئاسة الجمعية».