الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

وسائل التواصل.. والأزمة!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ شيوع وسائل التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" وكم الانتقادات حيال الجوانب السلبية فيها في حالة من التنامى، تتفق وكم المشاركين فيها وطبيعة موضوعاتها بحيث جعلت العالم عبارة عن بحيرة افتراضية من البث الإلكترونى بلا شطآن ولا مرافئ إذ لا يدرى الفرد معها متى وكيف يأتيه الخبر. ولست هنا بصدد القضية من هذا المنظور، ولكننى أتناولها في ضوء متابعتى أسلوب التعامل مع أزمة وباء كورونا. فمنذ تصدر الخبر المشهد الإعلامى وقوافل التعامل الشخصى والعام تتسابق في حجز موطئ قدم لها في (ساحة كورونا) بالتهوين تارة وبالتهويل تارات أخرى محليًا وعالميًا. بمعنى أنك قد تجد من يتناول الأمر عن بلاد ربما لا يدرى موقعها على الخريطة، أو يقتصر أمره على المشاركة (التشيير) ليتسع مدى الأمر وفق كم الصداقات الخاصة بموقعه. وفى المقابل نجد بعض بنى الوطن وقد تركوا واقع الحال في موطن الهجرة ليقدموا أخبارًا عن الوضع في مصر، داعمين الأمر بإحصاءات وأخبار قد تكون غير دقيقة ظنًا منهم- حال حسن النية- أنهم يؤدون لوطنهم عملًا جليلًا تأكيدًا لانتماء لم تغب شمسه. 
وعلى الرغم من وجود مواقع رسمية تتناول الأزمة وفق المصلحة العامة ومرئيات العمل السياسى، إلا أنها تجابه شعبًا اعتاد على تركيبة ذهنية ونفسية معينة جعلته نهبًا لسريان الشائعات أو تكذيب كل ما هو رسمى من منطلق المبدأ العقيم (كلام جرايد). وهنا يكمن أول مؤشرات الخطر إذا كان من شأن الخبر النيل من الحالة النفسية العامة، الأمر الذى يستلزم تناوله بحرفية عالية من الجهات الرسمية لتصبح الأرقام المعلنة جرس إنذار مجتمعيا دون أن تمس الأمل في تحسن الأحوال بسوداوية قد تنال من صحته النفسية. 
أما على مستوى الأفراد فقد أصبح الحبل على الغارب في الصور المزيفة لبعض البلاد التى تركت الناس يموتون في الشوارع أو بعض الفيديوهات لمرضى يتحدثون عن أوضاعهم في الحجر الصحى. فضلًا عن المواد التى تتناول سلوكيات التزاحم في الأماكن العامة بما يشى بحالة من اللاوعى مقابل عدم التنظيم المجتمعى بين المصالح اليومية وساعات الحظر. وكذا نزعة التخزين للأغذية مقابل تحقيق البعض لأكبر عائد في أقل زمن باغتنام فرصة لا تتكرر إلا بمباعدة الأزمنة. أضف عليها روح الدعابة لدى بنى البشر التى تمثل أحيانًا واحدة من وسائل الدفاع الإيجابى للمواجهة كداعم نفسى فطرى عرفته البشرية ضد مخاطرها، منذ كان الإنسان البدائى يرسم على جدران الكهوف صورته بحجم أكبر من صورة الحيوانات المهددة له كنوع من الطمأنة الذاتية في قدرته على مواجهتها والتغلب عليها. 
أما أخطر ما استفزنى فهى تلك الإطلالات غير المسئولة من بعض رجال الدين الذين منحتهم هذه الأزمة فرصة للحضور القوى، بما يملكون من مفردات التأثير، سواء على بعض فاقدى الوعى بعظم المشكلة أو من تملكهم اليأس بسهولة. فباتوا يبثون في أحاديثهم ما من شأنه نسف أى جهود حقيقية للمواجهة مثل التواكلية وحديث الجنة والنار والعقاب الإلهى!!.
والواقع فإن التفعيل الإيجابى لوسائل التواصل حيال هذه الأزمة إنما يتطلب متابعة إعلامية جادة تقضى على الشائعة في مهدها، في حين يصبح دور النخبة الحقيقية هى في إذكاء الوعى حيال فيضان (البوستات) اليومى، استنادًا على قاعدة (ليس كل ما يعرف يقال، كما أن ليس كل ما يقال صحيحًا بالضرورة). إنها درجة من الوعى تستلزم عقلية مدربة على الفرز والنقد والقدرة على ضبط إيقاع المعلومة في ضوء المصلحة الوطنية والمعرفة العامة.. وهو دور لو تعلمون عظيم.