الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

جان حنا: هل وباء كورونا هو عقوبة الله للإنسان نتيجة كثرة خطاياه؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الأرشمندريت جان حنا في كنيسة مارالياس للروم الكاثوليك معرة صيدنايا- سوريا، بان هذا السؤال يطرحه الكثيرون ويروجون له عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولكنه سؤال خبيث، سؤال شيطاني مبطن ومغلف بغلاف الإيمان، هنا يستوقفني هذا النص الإنجيلي: "وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَانًا أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ فَسَأَلَهُ تلاَمِيذُهُ: يَا مُعَلِّمُ مَنْ أَخْطَأَ هَذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟ أَجَابَ يَسُوعُ: لاَ هَذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ لَكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللَّهِ فِيهِ". (يو9: 1- 3)
وأضاف "حنا" خلال ما نشره عبر صفحته الشخصية على شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، كان هناك فكر سائد عند اليهود، ومازال سائدًا حتى أيامنا هذه، أن المرض هو عقوبة الله للإنسان نتيجة خطيئة ما ارتكبها الإنسان أو أحد من أفراد عائلته. ولكن جواب السيد المسيح لهم دحض هذا الفكر، مبينًا أن الحالة التي عليها الرجل ما هي إلا لتظهر أعمال الله فيه. وجواب الرب هذا يدحض أيضًا كل المزاعم القائلة والمتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تقول أن فيروس كورونا هو عقوبة من الله للإنسان لكثرة خطاياه.
وتابع" حنا": كورونا وباء قاتل وهذا الكلام صحيح ولا جدال فيه. وهو نتيجة لشر الإنسان! وهذا أيضًا كلام صحيح ولا غبار عليه. هو نتيجة شر الإنسان الذي صنعه وطوره ونشره في العالم، لأغراض ربما نعلم جزءًا يسيرًا منها، ونجهل معظمها الباقي، لكن في النهاية هو نتيجة شر الإنسان لا بل نتيجة تفاقم شره. وأخذت الفئة الشريرة من البشر التي قامت بإنتاج هذا النوع من الفيروس القاتل والخطير بالترويج لفكرة أن هذا الفيروس هو من صنع الله، وهو عقوبة للبشر لتفاقم الشر والخطيئة المتفشية بين البشر. وطبعًا هذه تهمة خسيسة يلصقونها بظهر الله، بغية تشويه صورة الله في عيون البعض الغير مؤمن من الأساس، وليأخذونها حجة لمحاربة المؤمنين ويجعلونهم يشككون بمحبة الله ويطعنون بعمله الخلاصي لفداء البشرية بتقديمه ابنه الوحيد فداءً عن العالم.
وشدد حنا على صلاح الله قائلًا: الله صالح ولا يصدر عنه إلا كل شيء صالح. ويجب علينا أن ندرك أن الله لا يمكن أن يجرب الإنسان بالشر، من يجرب بالشر هو الشرير أعني الشيطان.
واستطرد حنا، ربما يطل علينا أحد ليقول لنا أن هذا الفايروس جذب الكثير من الناس إلى الصلاة وردهم إلى الله، وهنا أقول "ربَّ ضارةٍ نافعة"، مع العلم أنه وفي ذات الوقت نجد في المقلب الآخر فئة كبيرة من البشر ممن يدَّعون الإيمان، يدعون للابتعاد عن دور العبادة والابتعاد عن الصلاة، ومن المؤكد أن الابتعاد عن الصلاة تبعدنا عن الله. وهذه الفئة للأسف هي أكثر بكثير من الفئة المؤمنة التي ارتدت إلى الله وتابت إليه.
وتساءل " حنا" إذن ما الذي يحصل؟ إنها حرب الشيطان يا أحبة، نعم إنها حرب الشيطان على بيوت الله، وعلى مُحبي الله وعبادهِ، لضرب إيمانهم وتشكيكهم بالله وبمحبته للبشر. إنها حرب الشيطان التي تحاول تدمير الإنسان من خلال تدمير العالم، وزرع الخوف بقلوب البشر، وزعزعت إيمانهم، ولكن "ثقوا إنه قد غلب العالم". وما علينا إلا أن نضع ثقتنا به، ونسلمه دفة القيادة، ونطهر قلوبنا ونعدها مسكنًا له، ليسكن فيها، ويحيا فينا، ونحيا من خلاله، لتظهر أعمال الله فينا كما ظهرت على ذلك الرجل الأعمى، فنحصل كما حصل هو على الشفاء، فنكون آية للعالم، يهتدي من خلالنا كل إنسان تائه في بحر ظلام هذا العالم إلى ميناء الرب المقدس فيحصل على الخلاص والحياة الأبدية.
واختتم الأرشمندريت جان حنا، من هنا أدعوكم أحبائي أن نكف عن تداول هذه الخزعبلات، لكي لا نكون أدوات بيد الشيطان الشرير. كما أدعوكم ونحن على عتبة نهاية الصوم الأربعيني المقدس وبداية أسبوع الآلام أن نكثف الصلاة، ونتوب عن خطايانا، وأن ندرك أنَّه بعد مسيرة الآلام التي عاشها ربنا يسوع المسيح كانت قيامته المجيدة، التي انتصر بها على سلطان الخطيئة والشر، وسحق قوة الشيطان، وحطم قيود الجحيم، وقام منتصرًا، فلنكثف الصلاة ونتب عن خطايانا، ونصبر على مسيرة آلامنا حتى نستحق أن نقوم معه ونعاين مجد القيامة المجيدة، فيشع نوره المقدس في قلوبنا وفي العالم أجمع كما شع في قبره المقدس معلنًا انتهاء عصر الظلام وبداية عصر النور، معلنًا قيامته وقيامتنا من بين الأموات فنهتف: المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور. ولنبشر العالم بأثره بهذه البشارة العظيمة بشارة الخلاص التي لا بشارة بعدها ولا سبيل للخلاص إلا من خلالها.