الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الأطماع التركية بالساحل الأفريقي تهدد أمن القارة العجوز.. بعض القبائل ذراع أردوغان للتدخل في الشأن الداخلي بالنيجر وتشاد ومالى والجزائر وليبيا.. الإستراتيجية تهدف إلى الاستيلاء على الثروات الطبيعية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يأت الاهتمام الدولى بمنطقة الساحل الأفريقي من فراغ، بل هو ضمن جوهر السياسة الخارجية الشاملة للدول الكبرى؛ وبرزت المنطقة بعد أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ بوصفها منطقة إستراتيجية في إطار الحملة العالمية للحرب على الإرهاب، ولذا لم يكن بعيدًا أن تسعى تركيا إلى التغلغل والانتشار فيها؛ للاستفادة من الموارد النفطية والثروات الطبيعية.


في عام ٢٠٠٥، أعلنت تركيا أن هذا العام يمثل «عام أفريقيا»، وقام الرئيس التركى (رئيس الوزراء آنذاك) رجب طيب أردوغان، بجولته الأفريقية الأولى، وفى العام نفسه منح الاتحاد الأفريقي تركيا صفة «مراقب»، لتحصل في يناير ٢٠٠٨ على صفة «الشريك الاستراتيجي» للاتحاد، كما حصلت على عضوية بنك التنمية الأفريقي في مايو من العام ذاته. 
وانضمت تركيا، في يونيو ٢٠٠٨، إلى منتدى شركاء الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيجاد)، ووطدت عَلاقاتها مع المنظمات الأفريقية الفرعية مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «ايكواس»، وتوّجت ذلك بآلية أشمل للعَلاقات تمثلت في آلية انعقاد القمة التركية - الأفريقية، التى عقد لها أول مؤتمر في ٢٠٠٨ بالعاصمة التركية، فيما عقد الثانى في عام ٢٠١٤ بغينيا الاستوائية.
وصوتت الدول الأفريقية بالإجماع على عضوية تركيا غير الدائمة في مجلس الأمن الدولى لعام ٢٠٠٩-٢٠١٠، كما ارتفع عدد سفارات أنقرة في أفريقيا إلى ٤٤، بينما كان العدد ١٢ عامًا ٢٠٠٤.
اقتصاديًّا، استضافت أنقرة في نوفمبر ٢٠١٦ أول منتدى أعمال «أفريقيّ - تركيّ» حضره ثلاثة آلاف مشارك، من بينهم ألفان يمثلون المجتمع الاقتصادى لـ٤٥ دولة أفريقية، ووقعت خلاله عشرات الاتفاقيات مع جنوب أفريقيا، ونيجيريا، وكينيا، وغانا، وزامبيا، وتنزانيا.
بعد عام ٢٠١٢، امتدت المصالح التركية في أفريقيا لتشمل بجانب المساعدات الإنسانية والصحة والتعليم، التعاون العسكري، ففى أكتوبر عام ٢٠١٤، زارت قوة المهام البحرية «بارباروس» التركية، ٢٥ ميناء في ٢٤ دولة أفريقية، ١٩ منها لأول مرة، ومع هذه المهمة، استخدمت تركيا لأول مرة القوات البحرية كأداة للسياسة الخارجية. 
كما تمد تركيا يد العون لجماعة «بوكو حرام» النيجيرية الإرهابية، وظهر ذلك جليًّا خلال الفترة الماضية، إذ أعلنت سلطات جمهورية النيجر إلقاء القبض على مجموعة إرهابية تتكون من ثلاثة أشخاص، يحمل اثنان منهم الجنسية التركية، إضافة إلى متعاون محلي.


من جانبه، قال محمد ربيع الديهي، الباحث في الشأن التركي: إن اسم تركيا يبرز باستمرار في النقاشات الجديدة حول النفوذ الخارجي في منطقة الساحل والصحراء الأفريقي، إذ ارتفع عدد الزيارات التى أجراها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، نحو ٣٢ زيارة إلى ٢٤ دولة أفريقية منذ أن كان رئيسًا للوزراء، فضلًا عن عدد من الزيارات لبعض دول شمال أفريقيا، مضيفًا أن «أردوغان» توسع في بناء السفارات داخل الدول الأفريقية.
ويضيف «الديهي» في تصريح لـ«البوابة» أن منطقة الساحل والصحراء تشهد تشابكات معقدة للتنظيمات الإرهابية التى تهدد أمن واستقرار هذا الجزء من القارة السمراء، وتعد التنظيمات الإرهابية في هذه المنطقة انعكاسًا لكل ألوان الطيف الدينى والعرقي، وتستغل تركيا هذا من خلال تقديم الدعم لتلك التنظيمات؛ بهدف الضغط على الحكومات لبناء تعاون مشترك.
وأوضح أن الإستراتيجية التركية في أفريقيا تهدف إلى الاستيلاء على الثروات الطبيعية في هذه الدول؛ خاصة أن أكثر سكان القارة من فئة الشباب تحت سنّ الخامسة والعشرين، بما يمثّله هذا الأمر من عاملٍ حاسمٍ فيما يتعلق بقوّة العمل والأسواق، كما تضمّ أربعًا وخمسين دولة، يزيد عدد سكانها على المليار نسمة، كما يسعى «أردوغان» إلى استمالة وتجنيد أبناء قبائل الطوارق؛ بهدف خلق «وكلاء حرب» عن تركيا في منطقة الساحل والصحراء، انطلاقًا من ليبيا؛ حيث أسند ملف تجنيد «الطوارق» إلى أحد المقربين منه، وهو «أمر الله إيشلر» الذى كان مكلفًا بإدارة الملف الليبى في حكومة أردوغان عندما كان رئيسًا لوزراء تركيا.
وأضاف «الديهي» أن «أردوغان» يسعى إلى استخدام «الطوارق» كورقة للضغط والمساومة أو ربما الابتزاز لدول منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، وكذراع للتدخل في الشأن الداخلى في النيجر وتشاد ومالى والجزائر، وليس في ليبيا وحدها، كما قد يستخدمها «أردوغان» في مساومة الغرب وحلفائه بصورة قوية ومؤثرة؛ حيث تسيطر قبائل الطوارق على مناطق شاسعة في ليبيا، وحزام الصحراء الكبرى الأفريقية.
وتابع الباحث في الشأن التركي، قائلا: إن التدخل التركى في ليبيا من خلال إرسال قوات، سيزيد حدة الصراع في المنطقة، بل إن استمالة وتجنيد الطوارق في ليبيا وعملهم كوكيل حرب لحساب النظام التركى ربما تكون له عواقبه الوخيمة، ويشجع عمليات الخطف والاستهداف لخصوم أردوغان، كما أن المنظمات المتطرفة التى تدعمها تركيا ستلعب دورًا مهمًّا خلال الفترة المقبلة في الضغط على الدول الأوروبية وحلفائهم من خلال القيام بعدد من العمليات الإرهابية ضد منشآت أوروبية.