رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

تدمير المساعدات العسكرية لطرابلس بسبب أردوغان

 أردوغان والسراج
أردوغان والسراج
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ أكثر من ستة أشهر، كانت وسائل الإعلام والسياسيون والخبراء البارزون في العالم يشاهدونا الأحداث في ليبيا، حيث إن هناك صراعا كبيرا آخذا بالتصاعد، مما قد يؤدي إلى تحوله إلى صراع دولي جديد، على غرار ما حدث في سوريا منذ سنوات.
ومع دخول أنقرة على خط الصراع الليبي، ظهر بالفعل متشددون مؤيدون لتركيا قادمين من المحافظات السورية في مسرح الحرب الليبي.
من جديد، تعارضت مصالح القوى العالمية والإقليمية الرائدة: روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وقطر. على عكس الحالة في سوريا، في ليبيا لا توجد سلطة واحدة مما يعقد الوضع بشكل أكبر.
 
ما الذي حدث في ليبيا؟

في يوليو 2012، تم تأسيس المؤتمر الوطني العام في ليبيا. حيث لعبت منظمة الإخوان المسلمين دوراً رئيسياً. في عام 2014، ظهر مجلس النواب الليبي (المعروف باسم حكومة طبرق)، في مدينة طبرق الشمالية الشرقية بحماية الجيش الوطني  الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وهو يعتبر أحد المعارضين الرئيسيين للإخوان المسلمين في المنطقة وأحد أشهر القادة المتصدين للإرهاب. منذ 3 مارس 2015، أصبح حفتر أيضًا القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية. في أوائل أبريل من العام الماضي، شن حفتر هجومًا على العاصمة طرابلس، والذي يستمر حتى يومنا هذا بنجاح متفاوت.

حول طرابلس

في طرابلس هناك سلطة أخرى وهي سلطة حكومة الوفاق الوطني، بقيادة رئيس الوزراء فايز السراج. على الرغم من حقيقة أن "الحكومة الشرقية" تسيطر على معظم أنحاء البلاد، فإن حكومة الوفاق الوطني مدعومة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والغرب والأتراك على وجه الخصوص. 
منذ عهد قريب، اتخذت أنقرة قرارًا رسميًا بالتدخل في ليبيا ومساعدة طرابلس على صد هجوم خليفة حفتر. كانت السلطات التركية قد تصرفت من قبل في هذا الاتجاه، فقد أرسلت مرتزقة إلى ليبيا، وزودت المسلحين المحليين بالأسلحة والمعدات العسكرية. ولكن الآن، يتم إرسال القوات التركية وتشكيلات العصابات المدعومة من قبلها من سوريا، لمساعدة السراج.
وهكذا، لم يوقع رئيس حكومة الوفاق الوطني اتفاقًا مع دولة حليفة فحسب، بل أبرم أيضًا اتفاقًا مع عدد من الجماعات الإرهابية المحظورة في ليبيا وتركيا.
  
الفخ الليبي لأردوغان

حتى أنصار أردوغان بدأوا يدركون أن الرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية قادا البلاد إلى طريق مسدود، ترجع نجاحاته السياسية الداخلية (الإصلاح الدستوري والانتخاب كرئيس) إلى الخطاب العسكري وتكتيكات الحروب الصغيرة في سوريا المجاورة. 
ومع ذلك، بعد عدة سنوات، أصبح من الواضح أن تدخل تركيا العسكري في الصراع السوري لم يحقق أي نتائج. علاوة على ذلك، فإن استخدام أنقرة للإرهابيين أدى إلى تعقيد الوضع الأمني في سوريا وداخل تركيا نفسها بشكل خطير.

أصبحت أزمة الهجرة الناجمة عن تصرفات السلطات التركية المشكلة الرئيسية في البلاد في السنوات الأخيرة. وكانت النتيجة المنطقية لهذه السياسة قصيرة النظر هي هزيمة الحزب الحاكم في الانتخابات المحلية. خسر حزب العدالة والتنمية في جميع المدن الرئيسية في البلاد، لكن الأكثر إيلاما كان نتيجة الانتخابات في اسطنبول، حيث تم انتخاب اكرم إيماموغلو، مرشح الحزب الجمهوري الشعبي المعارض، كعمدة لاسطنبول. 
اقتصاد البلاد يعاني من أزمة عميقة منذ أكثر من عام.. خلقت السلطات جوًا غير مسبوق من الخوف، وهذا أثر على السياسة الخارجية لتركيا، مدفوعًا بالطموحات الشخصية، تشاجر أردوغان مع جميع الشركاء تقريبًا: واشنطن وتل أبيب وبرلين وموسكو (خاصة بعد اسقاط سلاح الجو التركي لطائرة سو 24 الروسية)، وذلك على الرغم من الزيارات الخارجية التي لا نهاية لها (زار الزعيم التركي روسيا 5 مرات خلال العام)، وكذلك المشاريع المشتركة (على سبيل المثال، شراء منظومة الدفاع الجوي اس 400 الروسية). لا تزال أنقرة مفاوضًا صعبًا للغاية.
وفي سوريا، تمثل السياسة التركية تهديداً أمنياً كبيراً، حيث تتم مهاجمة القاعدة الروسية في محافظة اللاذقية انطلاقاً من الأراضي التركية. ليس سراً أنه في سوريا مراكز مراقبة تركية ومسلحين متشددين موالين لأنقرة التي تقوم بدعمهم والاشراف عليهم.

وفقا للخبراء، إذا استمر أردوغان في التصرف على هذا النحو، فقد يخسر الانتخابات الرئاسية في عام 2023. على الرغم من حقيقة أنه في عام 2018 فاز بهامش ضئيل للغاية، وحصل على حوالي 53 ٪ من الأصوات.
وبالتالي فإن المغامرة الليبية للزعيم التركي لا يمكن بأي شكل من الأشكال التفاؤل بها. فهو ترك سوريا في حالة من الفوضى الارهابية، ووجه انتباهه إلى ليبيا. قد تصبح ليبيا بالنسبة لأنقرة مثل القرم لموسكو من حيث رد الفعل الدولي. الفرق الوحيد هو أن القرم عاد إلى روسيا دون طلقة واحدة وبمبادرة من القرم. لكن طرابلس ستجر تركيا إلى حرب شاملة مع سقوط ضحايا في صفوف القوات التركية. بالإضافة إلى ذلك، توجد في طرابلس حكومة غير شرعية ليس لها الحق في إبرام أي معاهدة دولية.

عشية الانتخابات الرئاسية، ستصبح هذه ورقة رابحة خطيرة في يد خصوم أردوغان السياسيين المحليين. سوف تستخدم ليبيا بنشاط لتشويه سمعة القيادة الحالية لتركيا. وسيكون هذا أكثر فاعلية بكثير مما هو عليه الحال في سوريا، حيث يبرر الوجود التركي فيها بمحاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة تنظيماً ارهابياً.

لماذا لا تمثل حكومة الوفاق الوطني مصالح ليبيا؟

في ضوء ما تقدم، صوت البرلمان الليبي في شرق البلاد لقطع العلاقات مع تركيا تمامًا (إغلاق السفارة التركية وإغلاق جميع النقاط الحدودية). واتهم فايز السراج ووزير الداخلية فتحي علي باشاغا ووزير الخارجية محمد طاهر سيالة بالخيانة. بالإضافة إلى ذلك، دعا البرلمان الليبي أيضًا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي إلى سحب الاعتراف بحكومة الوفاق.
ولدى البرلمان الليبي عدد من الأسباب المنطقية للقيام بهذه الاجراءات.

أولاً، تم إنشاء حكومة الوفاق الوطني في أوائل عام 2016 وفقًا لما يسمى "اتفاقية الصخيرات". قام بتوقيع الوثيقة جميع ممثلي الفصائل الليبية الرئيسية في 17 ديسمبر 2015 في المغرب. ووفقًا للاتفاقية، تم إنشاء حكومة الوفاق الوطني كمنظمة موجودة قبل اجراء الانتخابات في البلاد واعتماد الدستور. ومع ذلك، لم يتم اجراء الانتخابات. ولا يوجد حتى الآن دستور. 
علاوة على ذلك، فإن مدة ولاية حكومة الوفاق الوطني بحسب الاتفاقية هي سنة واحدة قبل اعتماد الدستور، ثم تضاف سنة أخرى، إذا لم يتم اعتماد الدستور. وهكذا، منذ بداية عام 2018، فقدت حكومة الوفاق الوطني شرعيتها، وبالتالي ليس للسراج الحق في التحدث باسم الشعب الليبي.

أحد الأحكام الرئيسية لاتفاقية الصخيرات للفترة الانتقالية: ينتمي الفرع التشريعي بأكمله إلى مجلس النواب، بقيادة عقيلة صالح. أكد الاتفاق السياسي الليبي صلاحيات مجلس النواب. على سبيل المثال، من دون موافقته، ليس من حق حكومة الوفاق الوطني إبرام ولو معاهدة دولية واحدة. ومع ذلك، فإن حكومة الوفاق الوطني تعمل بشكل مستقل وبدون الرجوع الى البرلمان أو الى اي جهة ليبية أخرى، وهذا يمكن وصفه بالخيانة. 

لم يتم الاتفاق داخل حكومة الوفاق على تسمية مرشحين لعدة مناصب سيادية، مثل رؤساء البنك المركزي الليبي وصندوق الاستثمار الليبي والمؤسسة الوطنية للنفط، وذلك خلافًا لاتفاقيات الصخيرات. يتعرض مصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة شركة النفط الوطنية، لانتقادات لأنه يمثل فقط مصالح تركيا وليس الشعب الليبي.

الأمر الأكثر أهمية

وفقًا لاتفاقية الصخيرات، يتعين على السلطات الليبية محاربة الإرهابيين. لكن حكومة الوفاق الوطني تتعاون بنشاط معهم. يشغل المقاتلون مناصب عليا (على سبيل المثال، وزارة الداخلية). تعمل حكومة الوفاق الوطني رسميًا مع أشخاص يخضعون لعقوبات الأمم المتحدة. نحن نتحدث عن إرهابيين ارتكبوا هجمات إرهابية في ليبيا وينتمون الى منظمات إرهابية دولية.
أحدهم هو محمد سالم بحرون، وهو ملازم أول في وزارة الداخلية الليبية. وقد وجد أنه على اتصال مع داعش. أصبح معروفا عنه بعد الحادث مع الطائرة التي اسقطت. نجا الطيار واقتيد إلى وزارة الداخلية إلى بحرون، الذي بدأ مع الأصدقاء على الفور يسخرون من السجين، ويصورون ذلك على الكاميرا.

تم التعرف على بحرون على الفور. تم نشر صور مذكرة الاعتقال الصادرة عن وكيل نيابة صبرات على شبكة الإنترنت.
ولكن المنظمة شبه العسكرية الأكثر شهرة التي تشكل جزءًا من حكومة الوفاق هي مجموعة قوة الردع الخاصة التابعة لوزراة الدفاع التي تسيطر على السجون الخاصة التي يقبع فيها المختطفون. بما في ذلك الأجانب. من المعروف أن التعذيب يتم بانتظام، والسجناء يتعرضون للجوع والقتل والبيع كرق.
ويشرف نفس قطاع الطرق على أعمال نقل المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا إلى أوروبا.
السراج يعرف هذا.. كل ليبيا تعرف ذلك، فهذا لم يعد سرا، كل المواد والمعلومات حول ذلك أصبحت علنية ومتاحة للجميع.. لكن حكومة الوفاق غير قادرة على السيطرة على الوضع، وهذا يمثل دليلاً آخر على فقدانها الشرعية.