إذا كنت واحد من بسطاء الشعب المصري فبالتأكيد تكون قد خضت تجربة اللجوء إلى وجبة خفيفة لا تتجاوز مكوناتها 3 أصناف وهي: "الجبن والعيش العنب"، فهي وجبة غالبًا ما يلجأ إليها قطاع كبير من الشعب لسد الجوع في أوقات الصيف الملتهبة، ولكن رغم بساطة هذه الوجبة وقلة عدد مكوناتها، إلا أنها لم تعد في متناول البسطاء، وذلك بعد أن ارتفعت أسعار الألبان والجبن في الفترة الأخيرة كغيرها من المنتجات الغذائية، وكذلك الارتفاع الجنوني في أسعار العنب، والذي تجاوزت أسعاره الـ 125 جنيه في أسواق الجملة، لتصل للمستهلك بما يتجاوز ال130 إلى 150 جنيه، وهو ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.
وتبلغ المساحة المزروعة بمحصول العنب نحو 185 ألف فدان، وتمثل 20 % من إجمالي المساحات المنزرعة بالفاكهة في مصر بإجمالي إنتاج يبلغ 1.7 مليون طن سنويًا، وتعتبر المنيا، البحيرة، الدقهلية مراكز رئيسية لإنتاج العنب، ومؤخرًا توسعت الدولة بزراعة العنب في المناطق المستصلحة حديثًا وفي الصوبات الزراعية، من أجل زيادة الإنتاج والتصدير للخارج.
مطالبات بمقاطعة العنب
حالة من الغضب انتابت المواطنين بعد الارتفاع الجنوني في أسعار العنب، وهو ما دفع الكثير من رواد التواصل الاجتماعي لمقاطعته اعتراضا على الارتفاع الذين وصفوه بـ"غير المبرر".
أسعار العنب في سوق العبور
وتجاوزت أسعار العنب في سوق العبور لبيع الخضر الفاكهة بالجملة حاجز الـ 125 جنيها اليوم السبت، 04 مايو 2024، حيث ارتفع سعر العنب المستورد في سوق العبور بنحو 5 جنيهات، حيث سجل سعر كيلو العنب المستورد الأصفر نحو 125 جنيهًا، فيما سجل سعر كيلو عنب أسود مستورد نحو 125 جنيهًا.
ومع الارتفاع القياسي لأسعار العنب المستورد الذي أثار غضب المواطنين، شهد سوق العبور طرح أنواع من العنب المنتج محليًا، لتخفيف حدة ارتفاع سعر المستورد، وتراوح سعر العنب البناتي الأصفر من 50 إلى 90 جنيهًا للكيلو، فيما بلغ سعر العنب البناتي الأحمر من 50 إلى 90 جنيهًا للكيلو.
ووسط الجدل حول أسعار العنب، أوضحت شعبة الخضر والفاكهة بالغرفة التجارية أن الارتفاع الكبير في الأسعار يرجع إلى أن الأصناف المعروضة في الأسواق "مستوردة"، ويتم تحديد أسعارها بحسب سعر الدولار، مشيرة إلى أن ما يروج حول ارتفاع أسعار العنب المنتج محليًا غير صحيح، واسعار العنب ستنخفض عند طرح الإنتاج المحلى بالأسواق فى نهاية شهر مايو الجارى.
خبراء يكشفون الأسباب الحقيقية لارتفاع أسعار العنب
وأرجع خبراء الزراعة أسباب الارتفاع الجنوني لأسعار العنب إلى العديد من النقاط الرئيسة، أبرزها:
- لجوء عدد كبير من مزارعي العنب لرش كاسرات السكون مبكرا بهدف تبكير إنتاجية العنب
- عملية رش كاسرات السكون يتسبب في تراجع كبير في إنتاجية الفدان تصل إلى 90% مقارنة بالإنتاجية في الظروف الطبيعية
- تتسبب كاسرات السكون في إنتاج إنتاج عنب منخفض في مواصفاته من حيث السوائل والسكريات عن العنب المنتج في الظروف الطبيعية
- رش كاسرات السكون قبل موعدها بشهرين ستؤدي لتدهور الإنتاج، وتشكيل ضغط على اقتصاديات محصول العنب في مصر.
- الإنتاج المبكر المطروح في السوق خلال الفترة الحالية سيؤدي إلى خسائر لمزارعي العنب خلال الفترة المقبلة
- يشهد السوق فجوة إنتاجية نتيجة للكيات المنخفضة المطروحة في الأسواق، مما يتسبب في تذبذب الأسعار
- ارتفاع تكلفة الإنتاج التي تجاوزت الـ 300 ألف جنيه للفدان الواحد.
- سينخفض سعر العنب لأدنى مستوى في النصف الثاني من شهر مايو الجاري والذي سيشهد ذروة إنتاج العنب في مصر وطرحه في الأسواق.
- السعر العادل لكيلو العنب من المزرعة سواء للسوق المحلي أو التصدير يبلغ 1 دولار للكيلو
- رش كاسرات السكون مبكرا في شهر نوفمبر بدلا من شهر يناير تسبب في تبكير الإنتاج وبخاصة في أصناف العنب "الإيرلي فليم"، والذي تم طرحه في الأسواق بأسعار تتراوح بين 100 و120 جنيها.
- متوسط إنتاج فدان العنب يصل إلى 10 أطنان في أفضل الأحوال لكن المزارع التي أنتجت مبكرا يتراجع فيها الإنتاج وقد يصل إلى 2 طن فقط
- زيادة الإنتاجية في المزارع منتصف مايو الجاري ستنحفض الأسعار وتعود لمعدلاتها الطبيعية وتسجل 35 جنيها لكيلو العنب في المزرعة.
الصادرات الزراعية المصرية
تجدر الإشارة إلى أن مصر حققت طفرة غير مسبوقة في حجم الصادرات الزراعية الطازجة خلال عام 2023 لتصل إلى نحو 7.4 مليون طن بزيادة ما يقارب من مليون طن عن عام 2022 وبقيمة إجمالية بلغت 3.7 مليار دولار وهو رقم لم يتحقق في تاريخ الصادرات الزراعية المصرية بالإضافة إلى 5.1 مليار دولار قيمة الصادرات الزراعية المصنعة ليصبح اجمالي قيمة الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة نحو 9 مليار دولار.
وبالنسبة للعنب فإن العنب المصري يحظى بسمعة طيبة ف العديد من أسواق العالم حيث يتم تصديره إلى معظم دول العالم منها دول الاتحاد الأوروبي ونيوزيلاندا واليابان بالإضافة إلى الدول العربية.
وفي هذا الشأن، قال حسين أيو صدام نقيب الفلاحين، إن الارتفاع الكبير في سعر العنب المطروح في الأسواق يرجع إلى قلة المعروض من المحصول، بالإضافة إلى وجود أصناف مستوردة بأسعار عالية لذلك يتم طرحها في الأسواق بسعر الاستيراد.
وأوضح نقيب الفلاحين في تصريحاته لـ"البوابة" أن العنب الموجود في السوق بجانب العنب المستورد هو إنتاج مبكر من العنب المحلي، وهو ما يطلق عليه اسم "بشاير"، ومن أبرز أنواع العنب المنتج محليًا: "الايرلي والسوبيريور والفليم والبيوتي والسيدلس"، والعنب البشاير أو الإنتاج المبكر من المحصول من المعروف أنه يكون "بكميات قليلة للغاية"، لذا مع نقص لمعروض يتم طرحه بأسعار أعلى من الطبيعي.
ولفت "أبو صدام" إلى أن كل هذه الأصناف يكتمل نضجها بداية من النصف الثاني من شهر مايو الجاري، وبالتالي تزداد الكميات المطروحة في الأسواق وتبدأ أسعار العنب في الانخفاض، حيث أن إنتاج العنب يرتبط بارتفاع درجات الحرارة فكلما ارتفعت درجات الحرارة، يزيد نضج المحصول.
وتايع: "هناك أنواع من العنب تنضج في منتصف الموسم كالطومسون والبلاك مونكا، كما أن هناك أنواع متاخرة النضج مثل الكريمسون والانواع البلدي كالعنب البلدي والبناتي والرومي الأحمر، والتي يبدأ نضجها في شهر يونيو ويستمر حتي شهر نوفمبر من كل عام".
موعد انخفاض أسعار العنب
وأشار نقيب الفلاحين إلى أن الانخفاض الحقيقي لسعر العنب سيبدأ في شهر يونيو المقبل، مع اكتمال نضج المحصل المحلي، وبالتالي ظهور أكبر عدد من الأصناف، ووفرة المعروض في ذروة موسم الحصاد من يونيو وحتى سبتمبر، لافتا إلى أن مصر تزرع ما يزيد عن 200 الف فدان من العنب، ويبلغ متوسط انتاج الفدان 12 طن، وهي كميات ضخمة تكفي الاستهلاك المحلي، وتحقق فائض للتصدير، حيث تصدر مصر كميات كبيرة من المحصول وبخاصة للدول العربية ودول الاتحاد الأوربي وروسيا ودول شرق آسيا والصين".