الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

تراثيات| "سئمت تكاليف الحياة".. زهير بن أبي سلمى يرفض العجز

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"سئمت تكاليف الحياة ومن يعش/ ثمانين حولا لا أبا لك يسأم/ وأعلم ما في اليوم والأمس قبله/ ولكنني عن علم ما في غدٍ عم/ رأيت المنايا خبط عشواء من تصب/ تمته ومن تخطيء يعمر فيهرم/ ومن لم يصانع في أمور كثيرة/ يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم/ ومن يجعل المعروف من دون عرضه/ يفره ومن لا يتق الشتم يشتم".. هكذا يقول الشاعر زهير بن أبي سلمى والذي عاش في عصر ما قبل الإسلام، وسميت قصيدته الميمية بالمُعلقة.
وضُمت لعشرة قصائد من عيون الشعر الجاهلي، فيها يشكو "زهير" من العمر الطويل الذي شعر تجاهه بالضجر والملل، وربما تعود أسباب هذا السأم إلى خبرته التي شاهدها في الحياة الطويلة، فقد أيقن أنه يعرف الماضي والحاضر لكنه إنسان عاجز عن المستقبل، كما أنه عاجز عن فهم خيارات الموت، وأسباب الشهرة بين الناس، وانحدار ذلك إلى المصانعة والنفاق.
زهير، ورد ذكره في "رسالة الغفران" للشاعر الفيلسوف أبي العلاء المعري: "وينظر الشيخ في رياض الجنة، فيرى قصرين منيفَين، فيقول في نفسه: لأبْلُغن هذين القصرين فأسأل لمن هما، فإذا قرب منهما رأى على أحدهما مكتوبًا: هذا القصر لزهير بن أبي سلمى المزني، وعلى الآخر: هذا القصر لعبيد بن الأبرص الأسدي، فيعجب من ذلك ويقول: «هذان ماتا في الجاهلية، ولكن رحمة ربنا وسعت كل شيء، وسوف ألتمس لقاء هذين الرجلين فأسألهما بم غفر لهما.» فيبتدئ بزهير فيجده شابٍّا كالزهرة الجِنيَّة، كأنه ما لبس جلباب هَرم، ولا تأفف من البرم، وكأنه لم يقل في الميمية: سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا -لا أبا- لك يسأم. ولم يقل في الأخرى: ألم ترني عمرت تسعين حجة- وعشرا تبًاعا عشُتها وثمانيا.
فيقول: جري جري، أنت أبو كعب وبجير! فيقول: نعم. فيقول: بم غفر لك وقد كنت في زمان الفترة والناس همل لا يحسن منهم العمل؟ فيقول: كانت نفسي من الباطل نفورا، فصادقت ملكا غفورا، وكنت مؤمنًا بالله العظيم، ورأيت فيما يرى النائم حبلا نزل من السماء فمن تعلق به من سكان الأرض سلم فعلمت أنه أمر من أمر الله، فأوصيت بني وقلت لهم عند الموت: إن قام قائم يدعوكم إلى عبادة الله فأطيعوه، ولو أدركت محمدا لكنت أول المؤمنين.