السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

تراثيات.. "أنكيدو" يستعد لمواجهة "جلجامش" بطل مدينة أورك

ملحمة-جلجامش
ملحمة-جلجامش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقطع جلجامش ملك مدينة "أورك" جنوب بابل، رحلة طويلة ومأساوية للبحث عن طريقة ناجحة في الوصول للخلود، وقد وردت هذه القصة على ألواح طينية عثر عليها كأقدم ملحمة في الشرق الأدنى مكتوبة بالخط المسماري.
يَذكر ثبت الملوك المدون في الألف الثانية قبل الميلاد أن جلجامش ملك أورك هو الملك الخامس في ترتيب حكام هذه المدينة التي كانت من أهم المدن السومرية التي نزل عليها نظم الملكية من السماء بعد الطوفان وآلت لها السيادة بعد انتصارها على مدينة "كيش"، وقد نُسب إلى جلجامش بناء سور المدينة العظيم، ورجح العلماء -بعد فحص الأطلال الباقية من هذا السور والاطلاع على المأثور الغني عن شخصية جلجامش- أنه قد عاش بين عامي 2750 و2600 ق.م وأنه كان من أقوى الملوك السومريين في فترة حافلة بالصراعات الدامية"؛ وذلك وفق ما أورده الدكتور عبدالغفار مكاوي في ترجمته لملحمة جلجامش.
تقول ملحمة جلجامش أن ملك مدينة أورك ومشيد سورها العظيم لما أثقل شعبه بالعمل والسخرة والظلم وضرع الشعب للآلهة فقررت الأخيرة خلق ندًا له فكان "أنكيدو" الذي وجده أحد الصيادين في البرية فجمد قلبه من الخوف.
وورد في ألواح الملحمة ما ترجمته: 
كالثور الوحشي مهيبة خطاه
وبأس سلاحه ليس له نظري.
على دقات الطبول تستيقظ رعيته
وكم ثار أهل أوروك ساخطين:...
جلجامش لا يترك الابن لأبيه.
يقهر الشعب بالليل وفي وضح النهار،
مع أن جلجامش هو راعي حمى أوروك،
وهو الفائق القوة والجمال، والخبري الحكيم.
إن جلجامش لا يترك العذراء لحبيبها،
ولا ابنة البطل، ولا زوجة المحارب.
سمع شكواهم الآلهة العظام.
فنادت آلهة السماء «آنو» سيد أوروك:
ألم تكن أنت الذي خلق الثور الوحشي العنيد؟
إن بأس سلاحه ليس له مثيل.
على أصوات الطبول يوقظ رعاياه.
جلجامش لا يترك الابن لأبيه.
يقهر شعبه بالليل وفي وضح النهار!
وهو الراعي لحمى أوروك،
هو راعيهم، وهو مع ذلك قاهرهم الظلوم!
فائق القوة والجمال، وهو الخبري الحكيم!
لا يترك جلجامش العذراء لحبيبها،
ولا ابنة البطل، ولا زوجة المحارب.
سمع شكواهم آنو الجليل.
ونادوا «آرورو» العظيمة قائلين:
َأنت يا من خلقت ما أمر به آنو!
اخلقي الآن ما يأمر به،
ٍّوليكن له ندا يضارعه في جموح الفؤاد!
ليتنافسا في الصراع، فتستريح أوروك!»
ما إن سمع ْت «آرورو» هذا النداء،
حتى سوت في قلبها ما أمر به آنو
غسلت آرورو يديها.
أخذت قبضة من الطني ورمتها في البرية.
خلقت أنكيدو الجبار، بطلا وربيب سكون الليل.
حباه القوة «نينورتا».
بشعر كثيف يكسو جسده كله.
وشعر رأسه كشعر امرأة:
جدائل شعر رأسه نامية كجدائل شعر «نصابا»،
وهو كذلك لا يعرف البلاد ولا الناس:
ويلبس من الثياب مثلما يلبس «سموقان»
يرعى الكلأ مع الغزلان،
ويتدافع إلى موارد الماء مع الحيوان،
ويفرح قلبه بتزاحم القطعان على الماء.
تصادف أن رآه عند موارد الماء
صياد قنَّاص،
واجهه يوما، ويوما ثانيًا، وثالثً
عند موارد الماء.
لما رآه الصياد تجمد وجهه من الخوف،
فدخل مع حيواناته إلى بيته.
أصابه الهلع، ثم سكنت حركته وشل لسانه.
اضطرب قلبه، واكتأب محياه،
ونفذ الغم إلى أعماقه،
حتى صار وجهه أشبه بوجه مسافر جاب الدروب البعيدة.