ضمن فعاليات الدورة السادسة لملتقى القاهرة الأدبي، والذي اختتم فعالياته الخميس الماضي، وكانت قد احتضنت فعالياته قبة الغوري بالقاهرة الإسلامية، حل الكاتب البرازيلي إنريكي شنايدر ضيفًا على الملتقى، حيث تحدث مع الروائية المصرية مي التلمساني عن "كيف تتداخل المدينة والحكايات"، ثم كان "المدينة والذاكرة"، وهو عنوان آخر تحدث عنه شنايدر في لقائه المفتوح مع الجمهور.
لكن، كنت أريد أن أعرف ماذا يعني له المكان، الوطن، المدينة. من هنا بدأ حديثه إلى "البوابة". سألته، فابتسم وقال: أنا الكاتب الذي جاء من مكان بعيد. نعم، لقد جئت من آلاف الأميال. من الجانب الآخر من العالم؛ ومع ذلك، اكتشفت أن هناك الكثير من أوجه التشابه.
لذلك أنا أتحدث مع كتاب من هولندا، جورجيا، الكويت، مصر، ليبيا، تشاد، وفلسطين؛ من كل مكان. تحدثت مع الكتاب الآخرين، والقليل من أهل القاهرة. عرفت هذه المدينة التي قررت أنني مفتون بها. أنا أعيش في مدينة صغيرة إلى حد ما. 250.000 شخص. إنها ليست مدينة كبيرة، ولكنها ليست مدينة صغيرة أيضًا.
لكن في البرازيل لدينا تلك المدن الكبرى مثل "ساو باولو"، و"ريو دي جانيرو" لدينا أيضًا هذه الأبواق، وهذا الضجيج، وهذه الحياة مستمرة طوال الوقت. ولكن القاهرة تغلبت على كل هؤلاء، لكنها رائعة.
سكت لبرهة ثم انفجر ضاحكًا في مرح: على سبيل المثال، هناك وسائل النقل، السيارات. أنا مفتون بهذا. أنا في ذلك. مرور السيارات وعبور المارة من بينها، هذا نوع من المعجزة، لأنه لا أحد يتعطل. لا أحد يصطدم. الناس ينظمون أنفسهم.
قالها، ثم بدأ يروي قصة طريفة عاشها مع رفيقي المهرجان، الكاتبة والصحفية الهولندية كريستين أوتن، والكاتب الجورجي إياكي كابي "كنا عائدين من زيارة الأهرامات وطلبنا سيارة أوبر، فجاءنا السائق وهو يضع ابنه الصغير على رجليه وهو يقود. بعد قليل، صرت أحمل أنا الطفل حتى وصلنا إلى الفندق.
وكان يقود السيارة وهو يسجل فيديو ويصورني، لأننا كنا نرقص مع الطفل على أنغام أغنية شعبية أدارها السائق. صدقني، كل غذاء للكاتب. لذا، فإن هذه المدينة تبهرني. وعندما قررت مشاهدة المدينة. هذه المرة، قلت لنفسي، يجب أن أعود، يجب أن أرى هذه المدينة مرة أخرى.
باعتباره محاميًا يساريًا متحمسًا، قضى شنايدر حياته من أجل اتحاد موظفي البنوك واتحاد صانعي الأحذية في ولايتيه. كافح إلى أن أسس شركته للمحاماة مع واحد من رفاق رحلته، ويعمل تحت إشرافه عدد من المحامين الشباب.
الآن، وقد أصبح وجيله أكبر سنًا قليلًا، يرى أنه -لبعض الوقت- يسعى نحو حياة الإثارة؛ أو كما قال هو "كنا نبحث دائمًا عن الفوضى، نبحث دائمًا عن، القتال، والمواجهة أمام من يهيمنون على الأوضاع. ولكن على أية حال، كل هذا مضى.
قبل أيام، احتفى الآلاف من المؤيدين المتعصبين للرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، في مدينة "ريو دي جانيرو" بعملاق التكنولوجيا الأمريكية إيلون ماسك، والذين اعتبروه مؤيدًا لحركتهم اليمينية المتطرفة، بعد هجومه على قاضي المحكمة العليا الذي يدير محاكمة بولسونارو.
يختلف شنايدر مع هؤلاء متخذًا صف الرئيس الحالي لويس لولا دي سيلفا، أو "لولا" كما يُطلق عليه البرازيليون.
سخر شنايدر من تغريدة إيلون ماسك حول أن "الديمقراطية في خطر" في البرازيل. قال: الديمقراطية في خطر. نعم. لأن الديمقراطية ليست شيئًا كاملًا أو ناقصًا، هذا نضال يومي". ضحك وأضاف: ينسى الناس، على سبيل المثال، من أين تأتي الحقوق. عندما ينسى الناس أن حقوقهم الاجتماعية، وحقوق العمل جاءت من نضال حدث من قبل.
لذلك لدينا مشكلة كبيرة حقيقية هناك في البرازيل مع تدخل ماسك في ديمقراطيتنا. ماذا يعتقد؟ أعني... ما رأيه؟ هذه مشكلة كبيرة جدًا عندما يتدخل رجل في أمر كهذا بسبب قوته الاقتصادية.
وتابع: كما يفعل في البرازيل، يمكن أن يفعل صاحب تسلا الأمر نفسه في إسبانيا، في تشيلي، في أي مكان. يتحدث في مشاكل التعبير، والحرية، وحرية الضمير، لكنه لن يتحدث عن هذا في البلدان التي يعرف أنه يستطيع التحدث فيها، أو في البلدان التي لديه فيها أعمال. بالطبع لا يستطيع أن يفعل هذا في أمريكا، سوف تنهار إمبراطوريته إذا فعل هذا.
هنا، عاد الحديث إلى الأدب، لم أجد مدخلًا للحديث عن روايته "1970" التي تناولت، بشكل ما، التحولات الديمقراطية في البرازيل، فهي واحدة من ثلاثية منفصلة عن الديكتاتورية في بلاده في فترات الديكتاتوريات العسكرية (من 1964- 1985)، وكانت أغلب القصص التي وردت في الرواية حقيقية من واقع حكايات المدينة التي عايشها مع شخصيات وأبطال روايته الحقيقيين.
قال: هم ثلاثة كتب، لديهم، على الرغم من كونهم مستقلين، أشياء مشتركة مثل فترة الديكتاتورية، كما أن شخصياتهم الرئيسة هم عامة الناس. ليسوا سياسيين بارزين، أو مثقفين وفنانين وكتاب معروفين. إنهم، فقط، أناس عاديون من عامة الشعب. وبالطبع، لأن الروايات الثلاثة مبنية على أحداث حقيقية.
قمت بالكثير من البحث، لذا، كتبت هذا فقط لأنني كنت صبيًا صغيرًا في العصر العظيم للديكتاتورية البرازيلية. لذا، أكتبه بجزء من ذاكرتي، ولكن أكتبه أيضًا بجزء من ذاكرة الأمة، ولأن هناك نوعا من نقص الذاكرة.
وهكذا، هذا أيضًا جعلني أكتب، هذا النقص في الذاكرة. لأن هناك الحاجة للحديث عن هذا، لأنني رأيت أشخاصًا، أطفالا في عمر 17 أو 18 عامًا، ولدوا ببعض الديمقراطية السهلة، الذين ولدوا وحقوقهم مستقرة إلى حد ما. وهكذا، لم يكن لديهم أي ذاكرة عن النضال من أجل الحصول على حقوقهم.
لقد ظنوا، كما كنت أقول ذلك، الأشخاص الذين يعتقدون أن العالم ولد معهم. ولذلك، كانت لدي حاجة للحديث عن هذا، بسبب الذاكرة، بسبب ذكرياتي، بسبب ذكريات الأمة، وأيضًا بسبب عدم وجود ذاكرة لدى جزء من الأمة. وأنت تتحدث عن لولا، لولا رئيس البرازيل للمرة الثالثة، وتم انتخابه، أول مرة انتخب فيها عام ٢٠٠٣.
وحكم لمدة ثماني سنوات، مرتين، والآن عاد، حصل على 61 مليون صوت، بينما جاير بولسونارو، الرئيس السابق، اليميني المتطرف، حصل على 51 مليون صوت. لذلك، البرازيل منقسمة. هناك لولا، العامل الذي دخل السجن وكافح وعاد إلى السلطة، في مقابل بولسونارو الذي يقول: لن أقوم بتوظيف امرأة أبدًا لأنها حامل، ولا يجوز للمرأة أن تحصل على نفس الأجر الذي يحصل عليه الرجل.
لقد حصل بولسونارو على جزء من هذه الأصوات بسبب هذه الآراء، لأن الناس رأوا أنفسهم في المرآة. بعضهم قال: إذا كان الرئيس عنصريًا، فيمكنني أن أكون عنصريًا. إذا كان الرئيس شوفيني، فيمكنني أن أكون شوفيني.
ولهذا السبب أقول إن الديمقراطية في خطر. لذلك أكتب، دعونا نتحدث عن الكتابة. أنا أكتب فقط لأنني لا أعرف العيش بدون الكتابة. ربما لا أكتب كل يوم بسبب عملي في المحاماة والنقابات، لكنني في حالة كتابة كل يوم. كما أنني أب كذلك، ولدي بعض الحياة الاجتماعية، والثقافية والسياسية. لذا، عادةً ما يكون يومي مزدحمًا جدًا.
لكنني دائمًا لدي الوقت المناسب لحالتي في الكتابة؛ على الرغم من أنني لا أكتب كل يوم، يجب أن أفكر في الكتاب الذي أكتبه. اعتدت ذلك منذ كنت طفلًا؛ كما نشرت كتابي الأول عندما كان عمري ٢٠ أو ٢١ عامًا.
وتوقفت قليلًا، لأنه كان عليّ أن أعمل. فقط عندما أنتهي من رواية، آخذ قسطًا من الراحة لبعض الوقت، فأنا لم أكتب كتابًا قط في أقل من عام ونصف، أبدًا.
لكنني لن أكتب عن القاهرة، رغم أنني أحب أن أكتب عنها بعد قضاء المزيد من الوقت فيها. الآن أخطط حقًا للعودة. لدي كتاب يجب أن أكتبه هنا. ليّ كتاب سيصدر في تركيا هذا العام، المسافة بالطائرة إلى هنا بضع ساعات، يمكنني أن أفعل ذلك.