الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

سر «أيقونات العذراء» التي رفضتها الكنيسة.. «العائلة المقدسة» أشهرها.. وأخرى يحتضن فيها يوسف العذراء

صور الأيقونات المرفوضة
صور الأيقونات المرفوضة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أيقونة العائلة المقدسة»
وهناك أيضا أيقونة رفضتها الكنيسة بها هرطقة وخطأ لاهوتي، ويسميها البعض خطأ «أيقونة العائلة المقدسة» وتبين يوسف النجار كرجل شاب، يحتضن مريم العذراء، كما لو أنهما زوجان طبيعيان ويحملون المسيح بينهما، كما لو أنه هو ثمرة العلاقة الحميمة بين يوسف مع مريم العذراء.
وفى تلك الأيقونة يمكننا ملاحظة الشبه الكبير بين وجه المسيح فى الكبر، وبين وجه يوسف الشاب فى هذه الأيقونة الخاطئة، كما لو هناك تشكيك فى أن المسيح هو ابن الله.
السبب الرئيسى لاعتماد التقليد فى رسم الأيقونات الأرثوذكسية بدلًا من الابتكار هو منع المفاهيم الهرطوقية من دخول الكنيسة، إذ إن البدعة يمكن تصويرها فى اﻷيقونة بنفس القدر، كما كتابتها فى الكتب، أو إعلانها من عن المنبر، وأحد هذه الابتكارات فى رسم الأيقونات الأرثوذكسية، بدأت فى الولايات المتحدة ثم انتشرت فى الشرق، هو تصوير ما يسمى «العائلة المقدسة»، حيث تبيّن المسيح إما فى أحضان القديس يوسف ومريم العذراء معًا، أو فى حضن القديس يوسف وحده، فيما قد تبدو هذه الرسوم بريئة، فإنها فى الواقع تظهِر انعدام اهتمام بالمسائل الأساسية للعقيدة الأرثوذكسية.
وظهور هذه الأيقونة الهرطوقية فى أمريكا ذات الأغلبية البروتستانتية، يوضح تأثير الفكر البروتستانتى على العقيدة، حيث يعتقد البروتستانت أنه بعد ميلاد المسيح، كانت علاقة مريم ويوسف البار علاقة زوجين حقيقيين، نتج عنها أطفال، لذلك فهم لا يعترفون بدوام بتولية العذراء، لذلك يطلقون على مريم ويوسف والطفل يسوع لقب «العائلة المقدسة»، وتستند رسوم ما يسمى «العائلة المقدسة» تلك إلى بدع بابوية، حيث إن البابوية أسست فى العصر الحديث عيدًا للعائلة المقدسة، وقد لاحظ باحث كاثوليكى فى مقارنة بين عيد العائلة المقدسة البابوي، والأعياد المسيحية فى العصور القديمة، أنه نتاج عصرنا الحديث، العصر الذى نحن ننتمى إليه.
وفى رسم الأيقونات الأرثوذكسى التقليدي، يصوَّر المسيح الطفل بشكل صحيح، ليس وحده مع يوسف الخطيب، وإنما وحده مع والدته، وبالتالى التشديد يكون على عقيدة أنه هو «الابن من غير أب، الذى كان مولودًا من الأب دون أمّ قبل الدهور».
فى الواقع، لحماية المؤمنين من الفهم غير السليم لدور يوسف الأبوى وعلاقته بوالدة الإله، فإن حجمه فى الأيقونات الأرثوذكسية التقليدية يكون صغيرًا «بدون أن يقلّل هذا من قيمة شخصِه بطبيعة الحال» كما أن آباء الكنيسة أيضًا يقتضبون عند الحديث عنه، على سبيل المثال، فى أيقونة ميلاد المسيح، لا يظهر [يوسف] فى الجزء المركزى للأيقونة، مثل والدة الإله والطفل، ولكن بعيدًا فى زاوية، بهدف تأكيد الرواية الكتابية وتعليم الكنيسة بأن المسيح ولد من عذراء.


(الكنيسة الروسية الأرثوذكسية)
ليونيد أوزبنسكى وفلاديمير لوسكى وهما من أشهر فنانى الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، أكدا فى عملهما المحورى حول رسم اﻷيقونات، ملاحظة مماثلة عبارة عن تفصيل آخر يؤكد أن فى ميلاد المسيح يُغلَب ترتيب الطبيعة: يوسف. فهو ليس جزءًا من المجموعة المركزية التى تضمّ الطفل وأمه، فهو ليس الوالد لذا يتمّ إبعاده بشكل قاطع من هذه المجموعة، وعلى المنوال نفسه، فى أيقونات ذات مواضيع مماثلة، كدخول السيد أو الرحلة إلى مصر، فالرسم الأرثوذكسى لا يفهم القديس يوسف كرئيس لنوع من ما يسمى «العائلة المقدسة: بدلًا من ذلك، يُنظَر إليه على أنه حارس لوالدة الإله وطفلها الإلهى تمّ اختياره تدبيريًا». 
إن قبوله المتواضع وإنجازه الفاضل لهذا الدور هما بالتحديد أساس توقيره فى الكنيسة الأرثوذكسية، وإلى هذا يلاحظ القديس أغسطينوس: «يوسف يمكن أن يسمّى والد المسيح، على أساس كونه بمعنى ما زوج والدة المسيح، فيما يصرّ أوغسطين على أنه فى هذه العلاقة الزوجية، لم يكن هناك أى اتصال جسدي، ويتوسّع فى مكان آخر فى هذه النقطة: وبسبب هذا الإخلاص الزوجى «أى التبتّل المتبادل بينهما» فكلاهما جديران بأن يسميا والدى المسيح «ليس فقط هى كوالدته، بل هو أيضًا كوالده، لكونه زوجها» فكلاهما كانا كذلك فى الفكر والغرض، ولكن ليس فى الجسد، ولكن فى حين كان الواحد والده فى الغرض فقط، فاﻷخرى والدته فى الجسد أيضًا، فلهذه اﻷسباب كلّها، كانا والدَى تواضعه لا سموّه، والدى ضعفه «انظر 2 كورنثوس 13: 4] وليس لاهوته، وعليه، فى تصوير الثلاثة معًا فى الأيقونة، يجب أن يظهَروا كمتممين للقصد الإلهي، لا كأسرة واحدة بحسب الجسد.


(ثعبان الكفر)
القديس أمبروسيوس أسقف ميلان، حرصًا منه على التعليم المسيحى التقليدى حول ما يعتقده البعض من أن القديس يوسف كان زوجا لمريم العذراء، أصدر تحذيرا من سوء فهم الآية الكتابية، فإن ثعبان الكفر، إذ يخرج من أماكن الفساد التى يختبئ فيها، يرفع رأسه ويتقيأ الأذى من قلوب شيطانية. 
وقال إن من يقول بذلك هم إحدى المجموعات من الناس التى قد يشوشها وصف «العائلة المقدسة» بشكل خاص وهم المتحولون من الأنجليكانية، فالإنجليكان يعتقدون بالوﻻدة من بتول، ولكنهم بغالبيتهم يرفضون العذرية الدائمة لمريم العذراء، ما يعنى أنهم لا يقبلون عقيدة الميلاد من عذراء إلا جزئيًا.
جزء من هذا له علاقة مع حقيقة، أن الإنجيليين ينظرون إلى الألفة الزوجية على أنها المثل الأعلى للحياة المسيحية، فى تناقض حاد مع الكتاب المقدس والآباء، الذين يعلّمون أن أسمى حالات الحياة المسيحية هى البتولية، لأنها تساعد على تركيز المسيحى على تحقيق وحدته مع الله، على مثال الهراطقة المشهورين كالإبيونيين، هلفيديوس ويوفينيان، يتمسّك اﻷنجليكان بوجهة النظر الأكثر تدنيسًا وهى أن اتصالًا جسديًا تمّ بين يوسف ومريم بعد ولادة المسيح، ما يعنى إنجاب أوﻻد آخرين.
يدعو القديس يوحنا الدمشقى أولئك الذين يحملون مثل هذه النظرة «أعداء مريم» وهكذا عندما يتحوّل الأنجليكان إلى اﻷرثوذكسية، ويرون مثل هذه اﻷيقونات المسمّاة «العائلة المقدسة» لن يكون مفاجئًا أن صورة كهذه تشوّشهم، وتبرر الإبقاء على اعتقادات هرطقتهم السابقة، مضيفا أن عذرية والدة الإله الدائمة هى افتراض أساسى لقبول حقيقى لعقيدة التجسد.
حول هذا يكتب القديس غريغوريوس بالاماس: «تكرّم الله بقبول طبيعتنا منّا، واﻻتّحاد أقنوميًا معها بطريقة رائعة، ولكن كان من المستحيل اتّحاد الطبيعة اﻷسمى، التى نقاؤها غير مفهوم للعقل البشري، بطبيعة خاطئة قبل أن تتم تنقيتها، لذلك، فالحمل بمُعطى الطهارة وولادته، يتطلبان عذراء نقية تمامًا وفائقة الطهارة».
ويسمّى القديس باسيليوس الكبير الأيقونات «كتب الأميين» ويقول: «أى برهان لدينا أفضل من أن اﻷيقونات هى كتب الأميين، والمذيعة الدائمة التحدّث عن إكرام القديسين، ومعلّمة الذين يحدقون بها من دون كلام ومقدِّسة للرؤيا، مَن ليس عنده العديد من الكتب ولا الوقت للدراسة، يذهب إلى الكنيسة التى هى الملجأ المشترك للنفوس، وعقله منهك من الأفكار المتضاربة، يرى أمامه صورة جميلة فينعشه المنظر، ويدفعه إلى تمجيد الله».


(تساؤل ديني)
والسؤال المهم، إذا دخل شخص أمّى الكنيسة الأرثوذكسية ورأى صورة «العائلة المقدسة» كيف يُفترض به أن يقرأها بشكل صحيح من دون تفسير مطوّل؟ بدلًا من ذلك، إذا كانت الصورة تعكس الباطل أو البدعة بشكل واضح وفوري، فيجب رفضها كى لا تؤدّى إلى ضلال الأبرياء والبسطاء، كما من المفترض أن يكون هناك تناغم كامل بين العقائد المكتوبة والصوَر التى تزيّن كنائسنا.
فى الكنيسة الأرثوذكسية، لدينا العديد من العائلات المقدسة، كمثل يواكيم وحنة مع والدة الإله، زكريا واليصابات ويوحنا السابق، عائلة القديس باسيليوس الكبير، عائلة القديس غريغوريوس بالاماس، كل هذه وغيرها الكثير هى عائلات مقدسة حقًا، ينبغى لنا أن نكرّمها ونصوّرها فى كنائسنا، لأنها كانت أسَرًا بحسب الجسد، من ناحية أخرى، أسرة القديس يوسف الخطيب ومريم العذراء مع المسيح، لم تكن أسرة مكوّنة بالجسد، ولكن كما كتب القديس أوغسطين هى عائلة «الفكر والغرض»، وقد جمعتها العناية الإلهية للتأكد من إنجاز المسيح لعمله الخلاصى لافتداء الجنس البشري.


(فنان الأيقونة) 
فنان الأيقونة القبطية العالمى عادل نصيف يقول: «الأيقونة مرفوضة لأنه رسم فيها القديس يوسف النجار سنه صغيرا، لأنه كان متقدما فى السن ولكن ليس كهلا، وغير دقيق ولا طقسى إظهار علاقه زوجية مثل الحضن، لأن هذا يهدم فكرة تجسد المسيح وحمل العذراء من الروح القدوس، لأن القديس يوسف لم يعرف العذراء لأنه بعد أن أخذها من الهيكل ليكون عائلا لها، فقد بشرها الملاك سريعا وأبلغها بحمل اليصابات، وبعدها زارت اليصابات ومكثت عندها لخدمتها حتى ولادة يوحنا، ثم عادث وظهر الملاك ليوسف بسبب شكه، وتفكيره أن يخليها سرا، وليعلمه أنها حبلت من الروح القدوس.
ويستطرد قائلًا: «عمر يوسف حينما جاء مصر حوالى ٥٥ لـ ٦٠، والعذراء حوالى ١٥ سنة، أى فى سن والدها، أما قصة احتضانه لها، فمن الممكن يتم قبولها لكونه فى سن أبيها، لكن من الممكن يتخذها البروتستانت لكونه زوجها وأنجب منها بعد ذلك أخوة الرب.


(العلامة اللاهوتى) 
ويقول العلامة اللاهوتى الدكتور جرجس كامل يوسف: إن الأمر يعد تقليدًا مستحدثًا، لكنه للأسف بدأ منذ القرون الوسطى، حين أشاع البعض أكذوبة إنجابها منه، فتعمدت إظهار يوسف يحمل الطفل خشية أن يظن أنه أبوه بالجسد أنجبه من مريم، لذلك الأصوب أن يرسم يوسف عجوزًا كما هو متداول فى الأيقونات القبطية. 


(أنغام لمريم) 
تغنى التراث القبطى مدائح وتراتيل كتبت لتكريم العذراء مريم، ومن هذه الترانيم ترنيمة «أمدح فى البتول وأشرح عنها وأقول: أنت أصل الأصول.. يا جوهر مكنون، بك يا نعمتنا خلاص جنسنا، قد بلغنا المنى ونحن فرحون، تجسد الابن بثبات من فخر البنات، صلب عنا ومات عند الإقرانيون ثمرة العيون هى ابنة صهيون أعدائى، يقولون إنى بحبك مفتون. 
وسبانى سبانى حبك يا فخر الرتب موسى.. رآكِ يا مريم عجب من عجب، والقناديل فضة بتضوى والصلبان دهب.. وده مدحى فى البتول، زاد قلبى فرح واللى يمدحها على طول على طول قلبه ينشرح، يا قبة موسى، يا مريم يا شورية هارون.
جاكِ غبريال ببشاير وأقوال وقبلتى ما قال وهو سر مكنون، حويت الثمرة وهو رب القدرة وصرتِ سماء مقمرة يا ابنة صهيون، خلصتِ آدم بعد أن كان نادما وعتقتى العالم من كيد الأرخون، دائم التمجيد تجسد وهو الوحيد لأجل خلاص العبيد من الأسر والسجون.
ذكر داوود عنكِ، أن الملك أشتهى حسنك وتجسد منكِ رب العرش المكنون، ربوات ثم ألوف من حول العرش وقوف، وطوائف وصفوف وشهداء متصلون، زالت عنا الأحزان وسرنا فى اطمئنان بك، يا قرة الأعيان ونحن بك فرحون، سالومة شهدت بأن العذرا ولدت آمنت وأعتقدت بالسر المكنون.
موسى الكليم إذ فى سفر التكوين القويم قال: رآك يعقوب العظيم كسلم بالبهاء مقرون شهد عنك الرؤوس أنك شفيعة النفوس يابكر وعروس.. كما تنبأ النبيون صاح هوشع وخبر، بأن يسوع يظهر شبه ندى ومطر، تحتار فيه الواصفون، ضل بحواء آدم فصار يبكى نادم خرج عريان هائم، ولولا ابنك لدام فى شجون.
نورك قد أشرق، وفى الظلمة أبرق، وغصنك قد أورق، فجنى ثمار المسيحيون طوباك.. يا سما حيرت العلماء فلاسفة مع حكماء فى وصفك، يتكلمون ظهر منك الإله المتعالى فى سماه، وملئ لبن ثدييك فاه كما يفعل المخلوقون، علا حسنك لأن يسوع ابنك وحملته بطنك، فخلص به البشريون.