الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التيسيرات في أعمال الحج

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فإن الشريعة الإسلامية قد قامت فروعها وأصولها على التيسير ومراعاة أحوال المكلفين، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذه القضية بعبارة محكمة فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ " صحيح البخاري (1/ 16). 
حيث بين هذا الحديث الشريف طبيعة هذا الدين الحنيف وأنه يمتاز بأنه يسر موافق لجميع طباع البشر وأحوالهم وظروفهم المعيشية وأن كل ما يوقع الناس في الحرج يتنافى مع سماحة وقيم هذا الدين العظيم.
والحج عبادة عظيمة أساسها والمقصود منها استشعار عظمة الله تعالى وتذكر الوقوف بين يديه، وفيها خروج عن المألوف المعتاد، وفيه جهد وبذل وتضحية ولكنها لا تخلو عن جوانب متعددة من جوانب التيسير.
وجوانب التيسير في الحج منها جوانب عامة لكل الحجاج، ومنها جوانب خاصة بأصحاب الأعذار، ومنها جوانب متفق عليها بين الفقهاء، ومنها جوانب مختلف فيها.
مظاهر التيسير العامة في أعمال الحج: 
1. لا يجب الحج إلا على المستطيع، والاستطاعة بدنية ومالية وأمنية فمن كان مريضا لا يستطيع أداء أعمال الحج فقد عذره الله ولا يجب عليه الحج، ومن لا يملك نفقة الحج فلا يجب عليه الحج شرعا، وهنا ننبه على خطأ بعض الحجيج وهو الاحتيال على السلطات لأداء مناسك الحج بحيل كأن يأخذ تأشيرة زيارة ثم يدخل تهريبا بزعم أداء مناسك الحج، ونبين أن هذا السلوك خاطئ وفيه مخالفة شرعية ؛ لأنه يترتب عليه دخول أعداد كبيرة لا تستوعبها أماكن المناسك فيؤدي إلى التدافع والوفاة ومن يشارك في هذا يتحمل نصيبا كبيرا من هذا الإثم فضلا على أن من يفعل هذا يعرض نفسه للحبس والغرامة فنقول لمن لا يقدر على نفقة الحج قد عذرك الله فلا تشق على نفسك.
2. أن أفضل أنواع النسك التمتع، وذلك لأن المتمتع بعد فراغه من أعمال العمرة يتحلل من كل محظورات الإحرام وفي هذا تيسير كبير.
3. من لم يحج حج الفريضة ونوى حج النافلة صح حجه وأجزأته حجته عن حج الفريضة.
4. من اضطر لعدم خلع ملابسه العادية فيصح حجه ويلزمه دم.
5. يجوز الوقوف بأي مكان بعرفة، والمكث بأي مكان بمزدلفة، ولا يتعين موضع بخصوصه قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» صحيح مسلم (2/ 893) ففي هذا الحديث الشريف يضع النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة عامة وهي استواء كل عرفة في الوقوف حتى لا يتزاحم الناس على موضع معين ويقولوا هذا أفضل الأماكن لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد وقف فيه، ومثل هذا يقال في المبيت بمزدلفة ونحر الهدي.
6. يحصل للحاج الوقوف بعرفة بأن يمكث في عرفة مقدار الطمأنينة في الصلاة ولا يشترط أن يظل الإنسان واقفا، ويجب على الراجح أن يشتمل الوقوف بعرفة على جزء من الليل.
7. من أتى إلى عرفة قبل الفجر ووقف بها صح حجه.
8. من كان مريضا أو نائما وحمل إلى عرفة صح حجة.
9. لا يشترط للوقوف بعرفة الطهارة.
10. من لا يستطيع تقبيل الحجر يستلمه بيده ومن لا يتيسر له استلامه يشير إليه بيده مع التكبير.
11. يجوز الاستراحة في أثناء الطواف والسعي.
12. من لا يتمكن من صلاة ركعتين بعد الطواف خلف المقام يصلي في أي مكان من البيت الحرام.
13. يرخص للحائض أو النفساء التي تخشى من فوات رفقتها (أي رحلتها –أو موعد حجز الطائرة) أن تطوف مع قيام عذرها لأن عذرها ليس بيدها.
14. أباح الله عز وجل للحاج الأكل من الطيبات، والتجارة في أيام الحج.
15. جعل الله تعالى الكفارات في الحج أنواعا متعددة تختلف بحسب السبب الموجب للكفارة فجعل كفارة ارتكاب محظور من محظورات الإحرام مما يتكرر ولا ينافي تعظيم المسلم لمقام الإحرام (كلبس المخيط عمدا – والتطيب عمدا – وحلق الشعر – وتقليم الأظافر وارتداء العمامة أو ما يوضع على الرأس) مخيرة بين ثلاثة أشياء وهي (ذبح شاة –إطعام ستة مساكين – صيام ثلاثة أيام)، وهذا التنوع في الكفارة فيه مراعاة لأحوال المكلفين، ومن فضل الله علينا أن هذه الأنواع على التخيير، بينما كفارة قتل صيد البر المأكول التصدق بمثله، أما كفارة الجماع قبل عرفة فإنها ذبح بدنة مع فساد الحج ووجوب اتمامه ووجوب قضائه، وذلك لأن من أقبل على ممارسة الجماع في مناسك الحج كأنه استخف بهذا المقام العظيم فاستحق التشديد في الكفارة.
16. تسقط الكفارة والإثم على من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام مما لا إتلاف فيها بغير قصد ( كلبس المخيط – وارتداء العمامة –ووضع الطيب) فمن فعل شيئا من ذلك ناسيا وجب عليه نزعها فورا ولا كفارة عليه.
17. يسقط الإثم على من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام مما فيه إتلاف وكان مرتكبها بعذر (كحلق الرأس – تقليم الأظافر)، وتجب الكفارة عليه.
18. جواز التقديم والتأخير بين أعمال يوم النحر وهي ( رمي جمرة العقبة –الحلق أو التقصير- نحر الهدي –طواف الإفاضة –السعي بين الصفا والمروة). 
19. من أخر طواف الإفاضة حتى يكون آخر عمل له بمكة فلا يجب عليه طواف الوداع..
20. من لم يطف طواف الإفاضة وطاف طواف الوداع صح حجه ووقع عن طواف الإفاضة.
21. جواز تكرار العمرة في السفر الواحد بدليل أن السيدة عائشة رضي الله عنها قد اعتمرت عمرتين في شهر واحد، وذلك أنها حجت قارنة، واعتمرت بعد أداء مناسك الحج من التنعيم.
مظاهر التيسير في الحج الخاصة بأصحاب الأعذار:
1. جواز الإنابة لمن لا يستطيع الحج بنفسه.
2. جواز الانطلاق من مزدلفة بعد منتصف الليل للنساء والأطفال والمرضى.
3. جواز التوكيل في رمي الجمرات للنساء والأطفال والمرضى.
4. من أحصر (أي لم يستطع أداء مناسك الحج أوالعمرة بعدما أحرم) يشرع له التحلل وذبح الهدي بمكانه لقوله تعالى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}.