الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

السياحة العلاجية في مصر.. مقومات ضخمة واستغلال ضعيف.. رمال وعيون كبريتية بلا زائرين.. خبراء يطالبون بتشكيل لجنة للنهوض بالملف.. وتدشين حملة تسويق عالمية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعتبر السياحة العلاجية من أبرز وأهم القطاعات التي تتصدر أجندة دول العالم حاليا، نظرا لأهميتها الكبيرة، في جذب زائرين من مختلف البقاع، وعلى الرغم من أن مصر من أغنى دول العالم بالمقومات الطبيعية والآبار الكبريتية والرمال الاستشفائية، إلا أن ملف السياحة العلاجية لا زال ضعيفا، ولم يتم تسويقه أو الاهتمام به بالشكل المطلوب.

"عين حلوان" كانت لها الشهرة الأكبر في السياحة العلاجية والاستشفاء وأهم الأماكن التي يقصدها الأثرياء، بعد اكتشاف عيون المياه الكبريتية عام 1899، وهي عين تخرج منها مياه معدنية تحتوى على عناصر غنية أثبتت قدرتها على علاج العديد من الأمراض الجلدية، وظلت تلك المياه تجذب العديد من السياح لعدة سنوات، إلا أنه بمرور الوقت عانت تلك العيون من الإهمال، ولم تعد تلقى أى اهتمام، ففقدت أهميتها وانصرف عنها السياح بعد أن أغفلها المسئولون.
وفي مايو الماضي، تقدم النائب حمدى عبدالوهاب، عن دائرة حلوان بطلب إحاطة بشأن السياحة العلاجية بين مصر والدول العربية واستثمارها وتنشيطها لما لها من أهمية كبرى فى زيادة الدخل القومى المصرى، خاصة أن مصر يمكن أن تكون وجهة العرب الأولى للعلاج والاستفتاء لا سيما وأن القاهرة غنية بالإمكانيات الطبية من مستشفيات، بالإضافة إلى ما تتمتع به من تميز علمى واضح لأطبائها، وأيضا تميزها بالمياه الحارة والرمال الطبية فى معظم بقاعها مثل الواحات وسيناء وعيون حلوان.
يأتي ذلك في الوقت الذي بدأت، فيه، الدول بجذب أنظار مئات الزوار بالسياحة العلاجية، ومن أشهرها فرنسا والهند وماليزيا وأوكرانيا، من خلال إنشاء المراكز المتخصصة والمصحات العلاجية، وقد تمكنت بعض الدول مثل فرنسا عن طريق التسويق الجيد، من احتلال المركز الأول عالميًا فى مجال السياحة العلاجية، تليها تونس، بينما ظلت مصر خارج المنافسة رغم كونها تتمتع بالمقومات الطبيعية ذات القدرات العلاجية كالأمراض الجلدية زولام العظام والروماتيزم.

وتشير الأرقام إلى وجود مليون مصرى مصاب بالصدفية، كما يصل عدد المصابين بالصدفية فى العالم لنحو 125 مليون مريض.
وتشير البيانات إلى أن مصر تمتلك أكثر من ‏1356‏ عينًا للمياه الكبريتية، ووفقًا لتقديرات الخبراء فالاستثمارات التى يمكن أن تحققها مصر فى هذا المجال تقدر بـ4 مليارات دولار، بينما تفقد مصر استثمارات تصل لنحو 27 مليون دولار سنويًا، ينفقها المرضى بالعديد من الدول على السياحة العلاجية فى الدول التى توفر المراكز المتخصصة لجذب السياح إليها.
كما تمثل السياحة العلاجية نسبة تتراوح ما بين 5 إلى 10% من حركة السياحة العالمية وما يقرب من 3% إلى 4% من سكان العالم يسافرون بغرض العلاج، ويبلغ عددهم نحو 11 مليون سائح طبى، وينفقون ما يقرب من 439 مليار دولار.
وأصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا يشير إلى أن 95% من قاصدى السياحة العلاجية من دول أفريقيا، وأن 39% منهم من دول أوروبا، ويتوجه أغلبهم لجنوب شرق آسيا لتلقى العلاج هناك، فى الوقت الذى تتمتع فيه مصر بالعديد من المناطق العلاجية التى تميزها عن غيرها من البلدان. 
ومن أبرز الأساليب العلاجية في مصر الدفن في الرمال، والذي تشتهر به سيوة، ويبدأ موسم السياحة العلاجية فيها من بداية شهر يونيو وحتى نهاية شهر سبتمبر، ويعتمد العلاج على دفن المريض فى الرمال لمدة تتراوح من 15 إلى 20 دقيقة، لمدة تتراوح من ثلاثة أيام حتى أسبوع وتكلفة اليوم الواحد تبدأ من 450 جنيها، وبعدها يتم لف المريض ببطانية وإدخاله الخيمة، ودهان الجسم بزيت الزيتون وإعطائه مشروبًا ساخنًا، ويحظر على المريض التعرض لأى تيار هواء خلال فترة العلاج التى تختلف من مريض لآخر. 
وطبقا لتقرير صادر عن منظمة السياحة العالمية، فقد ارتفع عدد السياح الوافدين لمصر إلى ١١.٣ مليون خلال العام الماضي، حيث بلغ السياح الوافدين ١١.٣٤٦ مليون سائح، مقارنة بـ٨.٣ مليون سائح خلال عام ٢٠١٧ حققوا عائدًا وصل إلى ٧.٦ مليار دولار.

ومن أشهر أماكن السياحة العلاجية في مصر:
أسوان
ومن أشهر مناطق السياحة العلاجية بأسوان جزيرة إلفنتين ومنتجع جزيرة إيزيس، كما يشتهر النوبيون بطب الأعشاب خاصة تلك التي تعالج أمراض البرد والمغص الكلوي والدوسنتاريا المعوية والإمساك وعسر الهضم، كما أن بها مناطق للعلاج بالطمر في الرمال الساخنة.

الوادي الجديد
تنتشر بها الرمال الناعمة والأعشاب والنباتات الطبية التي تستخرج منها العقاقير والزيوت النباتية والعطرية، كما أنها غنية بالعيون والآبار الطبيعية،ومن أشهر وجهاتها العلاجية آبار بولاق ومجموعة آبار ناصر بالواحات الخارجة، وآبار موط والفرافرة بالواحات الداخلة، تحتوي العديد من آبارها على عناصر معدنية مفيدة للغاية في علاج الروماتيزم والصدفية والآلام الجسمانية.

سيوة
ومن أشهر مناطقها جبل الدكرور الذي اكتسب عند أهالي سيوة منذ قديم الأزل أهمية علاجية في أمراض الروماتيزم وآلام المفاصل والشعور العام بالضعف، ويعتبره أهالي سيوة جبلًا مقدسًا.
تنتشر في واحة سيوة العيون المعدنية التي تستخدم للعلاج الطبيعي من أمراض الصدفية وأمراض الجهاز الهضمي والأمراض الروماتيزمية.

الغردقة
تجمع الغردقة بين التداوي بالمياه البحرية، وطينة الشُعب المرجانية، وأشعة الشمس، والرمال الغنية بالعناصر المعدنية وسط المناجم، كما يوجد بها مركز للعلاج الطبيعي وعلاج الروماتيزم وأمراض الشيخوخة والشلل الرعاش وغيرها.

سفاجا
تتميز منطقة سفاجا بعدة عوامل تجعلها المكان الأنسب في العالم لعلاج الصدفية، حيث إنها محاطة بالجبال المرتفعة، كما أن مناخ سفاجا ذا الشمس الدافئة له فوائد كثيرة لمن يعانون من أمراض القلب والكبد والكلى والدرن الرئوي وضغط الدم المرتفع والصرع والأمراض العصبية.
وتحتوي رمال سفاجا على ثلاث مواد مشعة غير ضارة هي اليورانيوم- الثوريوم والبوتاسيوم مع ارتفاع في كمية أملاح الذهب التي تستخدم في علاج مرض الروماتويد والالتهابات المفصلية المزمنة والحادة والتورم والارتشاح المفصلي والالتهابات الجلدية المصاحبة للروماتويد.

سيناء
يوجد بسيناء الكثير من العيون المائية، أشهرها حمام فرعون وحمامات موسى، التي تحتوي على المياه الكبريتية وتستخدم في علاج الكثير من الأمراض كالروماتيزم وأمراض الجهاز الهضمي وحساسية الرئة وأمراض الكبد والأمراض الجلدية وإصابات الملاعب.
وفي هذا السياق، يقول المعالج السيوي عمر، إن واحدة سيوة تقصدها العديد من الدول العربية والغربية للعلاج بالدفن الذي يبدأ من شهر يونيو وحتى منتصف سبتمبر، ومنذ عامين تقلصت المدة لظروف الصيام وشهر رمضان الذي لا يصلح معه العلاج بالدفن إلا في حالات شديدة المرض ولا تستطيع الانتظار.
واضاف لـ"البوابة نيوز"، أننا نعاني من عدم توافر المواصلات والطرق الجيدة، مشيرا إلى أن هذه المشكلة عامل أساسي في قلة عدد السياح.
وتابع "إذا اهتمت الدولة بالطرق وتوفير وسائل الانتقال من مطروح أو من القاهرة سيكون الوضع مختلف تماما"، مؤكدا ضرورة أن يكون هناك تحركات من الدولة لدعم السياحة العلاجية بشكل جيد.
وأشار إلى أن تكلفة الجلسة العلاجية شاملة الإقامة والإفطار تبدأ من 450 جنيها في اليوم الواحد، ويتم تحديد عددها طبقا للحالة، حيث يختلف مريض الروماتيد عن الروماتيزم مثلا.
في السياق ذاته قال حسن النحلة نقيب المرشدين السياحيين، إن السياحة العلاجية في مصر لم تؤت ثمارها بعد ولم تستثمر على الوجه الأكمل.
وأضاف، في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن السياحة العلاجية في مصر تنقسم إلى شقين الأول، السياحة الطبية والتي تأتي للعلاج على أيدي الأطباء المهرة مثل الدكتور مجدي يعقوب، ومركز المسالك البولية والجهاز الهضمي بالمنصورة، وهي مراكز معروفة يأتي لها السياح العرب.
أما الجزء الثاني وهو السياحة العلاجية في الأماكن الطبيعة مثل سيوة وعيون موسى والغردقة ومرسى علم وهي مناطق بها آبار كبريتية ورمال تعالج الأمراض الجلدية مثل الصدفية والروماتيد، وحتى الآن لم يتم التسويق لها بشكل جيد، من خلال هيئة تنشيط السياحة أو وزارة السياحة، وكل ما يحدث من تسويق سياحي لها هي جهود فردية، ويجب أن يتم وضع برنامج كامل في منشورات وزارة السياحة وعرضها في المعارض الدولية وتسويقها بشكل مهني جيد.
وأشار إلى أنه بالتوازي مع التسويق للسياحة العلاجية، يجب أن يتم الاهتمام بالبنية التحتية في مناطق عديدة مثلا سيوة، أو الواحات البحرية أو الفرافرة، ووضع خطة كاملة حتى يتم جذب السياح لتلك المناطق.
وأوضح أن هناك دولا كاملة تقوم على السياحة العلاجية، مشيرا إلى أنه ينبغي على وزارة السياحة تشكيل لجنة خاصة للنهوض بالملف.