السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شجرة اللبلاب تثمر برتقالا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن الشجر يعيش واقفا ويموت واقفا، دون كلل أو تعب، يستنفذ آخر قطرة ماء في حياته فشجرة اللبلاب نوع من النبات المتسلق الذي لا يعرف النظر إلى الأرض مطلقا يتطاول في البنيان حيث حط جذعه؛ لكن صاحبه يطلب منه المستحيل أن يثمر برتقالا أصفر اللون، فربما يقنعه صديق له أن هذا نوعا من البرتقال الجديد، فيسقيه حتى الثمالة، يتابعه حتى إذا أثمر وينع جاء بحبات بنية اللون، لها بريق يسر الناظرين، ورائحة مختلفة، إلا أنه يظل يقنع الناس بأنه برتقال جديد، كمن زرع لنفسه وهما وتابعه فكم من أناس لم يقفوا على عين الحقيقة يسيرون وراء أهوائهم، فرحين بما أتاهم من هراء كاذب، رافضين أرض الواقع وتلامس أقدامهم أرض بها جاذبية، يتسلقون كما شاءوا، وكيف جنح الهوى بهم، كمن يكبح طواحين الهواء بسيف خشبي.
إن الحلم سيظل حلما إذا كان النائم رافضا للاستيقاظ، فحلم اليقظة لا يقل كثيرا عن الانبطاح، ومن ثم نجد من يحلم ثم يحلم، فيصطدم بواقع عادي لكنه يعتبره مرا علقما؛ لأنه لم يتحسبه، ولم يعمل له بجد واجتهاد ويمكث رافضا له.
إن النظرة الأحادية الجانب، تظل شخصيتا ناقصة المعيار الذي يتناسق مع المجتمع، فلو أن صاحب الشجرة قد اقتنع بأنه يزرع شيئا آخر وغير فكره وطور من شجرة اللبلاب؛ فكان أفضل له من أن يقتنع بأنها شجرة برتقال، فقد باع الوهم لنفسه واشتراه، فبئس ما اشترى وبئس ما باع، فبعض الشباب يسير وراء وهم هو صانعه، دون دراسة، ودون أن يكلف نفسه في معرفة الحقيقة، ويصر على  أن ما في رأسه حقيقة، وهيهات دون أن يستمر، كمن رجع بخفي "حُنين". ذلك الإسكافي الذي سكن بلاد الحيرة فدخل عليه أعرابي ليشترى خفين، وأخذ الأعرابي يساوم "حنينا" مساومة شديدة، ويغلظ له فى القول؛ حتى غضب حنين، ورفض أن يبيع الخفين للأعرابي؛ فاغتاظ الأعرابي، وسبّ "حنينا" سبًّا فاحشًا، ثم تركه وانصرف!!
صمم حنين على الانتقام من الأعرابي؛ فأخذ الخفين، وسبق الأعرابي من طريق مختصر، وألقى أحد الخفين فى الطريق،ومشى مسافة، ثم ألقى الخُفّ الآخر،واختبأ ليرى ما سيفعله الأعراب. فوجئ الأعرابي بالخف الأول على الأرض؛ فأمسكه، وقال لنفسه: "ما أشبه هذا الخُف بالخف الذي كنت أريد أن أشتريه من الملعون (حنين)، ولو كان معه الخف الآخر لأخذتهما؛ لكن هذا وحده لا نفع فيه ثم رماه على الأرض ومضى في طريقه، فعثر على الخف الآخر؛ فندم لأنه لم يأخذ الأول، وعاد ليأخذه، وترك راحلته بلا حارس؛ فتسلل حنين إلى الراحلة وأخذها بما عليها، فلما عاد الأعرابي بالخفين لم يجد الراحلة، فرجع إلى قومه. ولما سألوه: بماذا عدت من سفرك؟ أجاب: عدت بخفي حنين.
كذلك بمن يبني وهما ثم يطلب المستحيل تاركا كل ما لديه من عقل في حين أن الطريق ممهد لا يكلفه سوى التفكير السليم، فلا استفاد من شجرة اللبلاب، ولا واستظل تحت شجرة البرتقال.