الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

علشان خاطر العروسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن تقاليد الزواج في ريفنا المصري مكبلة بالألغام التي تحبط أي محاولة للزواج، فتكثر على آثارها العنوسة، ويكثر العزوف عن الزواج من الشباب، هربا من التباهي والتفاخر الذي لا يعود عليه إلا بتراكم الديون التي تصاحبه بعد الزواج ملتصقة في جسده، ويكون الطلاق الحصيلة التي يجنيها، فقد تراوحت نسبة الطلاق في مصر خلال السنوات الأولى 35% وهذه النسبة مخيفة جدا.
كما تجنح التقاليد أيضا شطرًا تجاه العروسة، فعلى العروسة أن تقدم فروض السمع والطاعة قبل دخولها بيت العريس بتقديم هدايا غالية الثمن لأم العريس، فعند زفة الأثاث تكون هناك سيارة خاصة لأم العريس بها ثلاجة وغسالة شاشة تليفزيون، وهذه منحة لا ترد من العروسة لحماتها، وربما تلجأ أم العروسة للكرم الزائد منها فتأتي من كل نوع اثنين أو ثلاث، فتكتب شيكات على نفسها بدون رصيد كي تحسن صورتها أمام جيرانها وأقاربها، لكن بعد الزواج تكون من الغارمات اللائي يقبعن داخل السجون فقد دخلته ثمنا لفرحة ابنتها بثمن بخس، وكلهن يرين المصير وهن في لحظة الفرح، فأي دراما تجسد دموع الفرح والقلب يعتصر ألما وحزنا والتوقع خلف القضبان.
إن دور المساجد والأئمة في مصر لا يقتصر على التوعية الدينية فقط؛ بل هذا الخطر هو عين الدين، طبقًا للقاعدة الفقهية التي تقول (إن درء المخاطر مقدم على جلب المكاسب) وأن هناك حاجة ملحة في المجتمع بحاجة إلى التوعية، فالمجتمع يسير في هوة واسعة، فرغم الظروف الصعبة التي تعاني منها الأسر المصرية نرى طاحونة التقاليد الموروثة تتجدد في ثياب جديدة خطرة تطحنهم بأنيابها بلا رحمة أو هوادة.. ناهيك عن الموائد والسرادقات التي تذبح فيها الذبائح فتتجاوز المبالغ في ساعات قليلة 150 ألف جنيه، هذا فقط غذاء من صاحبوا الأثاث بزفته، وكأنهم حملوا كسوة الكعبة.
إنها مشكلة اجتماعية الكل مشترك بها من جانب التوعية، فلم يعد المثل القائل العروسة للعريس والجري للمتاعيس، وقد انقلب إلى العروسين، فإذا هما بالمتعوسين بالديون وكان المعازيم هم السعداء بما نالوا من بذخ وكرم فاق الجدود، وينعكس الحديث الشريف الذي يأمرنا بمن (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) .
فكم من سجن يزيد كل يوم بالغارمات والغارمين من أجل مبالغ قليلة، نتيجة سوء التفكير والخوض في تطبيق التقاليد والعادات دون مراعاة للمصالح، وأي فرح وزفاف وهم غارقون بالديون، فهي ذل بالنهار وهم بالليل، فلم يعملوا بتعاليم الدين ولا بالمثل القائل (على قد لحافك مد رجليك).