كثير من الدراسات والبحوث التى تناولت أفكار ومشاكل واتجاهات الشباب المصرى خلصت إلى افتقادهم للقدوة.. افتقادهم لمن يسمعهم.. افتقادهم للحوار، للتعبير عن أنفسهم وما يجيش فى صدورهم، عن أفكارهم ورؤاهم حول واقعهم وقضاياهم.. الشباب طاقة هائلة فى أى مجتمع تنتظر من يحتويها لتنطلق طاقة منتجة مبدعة تساهم فى تطويره، هم عماد الإنتاج الأساسى، وطاقة خلاقة تفكر بشكل مختلف غير تقليدى، تفكير خارج الصندوق قد يبدو منطلقا بلا حدود أوغير قابل للتطبيق، لكن الواقع يؤكد أن الحوار وتبادل الأفكار والرؤى تخرج بمنظومة مبدعة من الرؤى الشبابية، منظومة مختلفة يتحمس لتطبيقها الشباب نفسه لتنطلق المجتمعات نحو التنمية ومستقبل أفضل.
انتبهت مصر إلى أهمية التوجه نحو الشباب والاستفادة من طاقاتهم والحوار معهم ومنحه الفرصة من خلال مؤتمرات عديدة ودورية للشباب نظمتها مصر خلال عام مضى برعاية وحضور ومشاركة رئيسها للاستماع إليهم والتحاور معهم حول كافة قضايا الوطن المطروحة على الساحة واتخاذ إجراءات بشأنها وفقا لرؤى خرج بها نقاش مثمر ساندهم فيه أهل العلم والخبرة فى كل المجالات.. من خلال هذه المؤتمرات وتحديدا مؤتمر الشباب الذى انعقد بالإسماعيلية فى إبريل الماضى انطلقت دعوة الرئيس لتنظيم مؤتمر عالمى يجمع شباب مصر بشباب العالم فكان ما تشهده مصر حاليا «منتدى شباب العالم» الذى يعد انعكاسا لاهتمام رسمى وشعبى بالشباب وأهمية الحوار معهم، وتتويجا لمؤتمرات شبابية عديدة تم تنظيمها فى مدن مصرية مختلفة.
منتدى شباب العالم حدث غير عادى، حدث استثنائى، تؤكد ذلك الأرقام والإحصاءات التى تحمل دلالات عديدة.. المنتدى يضم حضورا يفوق ثلاثة آلاف شخص من ١١٣ جنسية مختلفة ووفودا رسمية من ٥٢ دولة، وتتعدد فعالياته بين ٤٦ جلسة يتحدث فيها ٢٢٢ ضيفا من ٦٤ دولة.. هذا الزخم والحراك الذى يحدثه مثل هذا التجمع الضخم ينعكس إيجابا على ثراء الرؤى والأفكار التى يتم تداولها بين كل الحضور من خلال خمسة محاور أساسية للنقاش والحوار فى جلسات متوازية خلال أيام المنتدى.. المحور الأول يتناول القضايا الشبابية العالمية ذات الاهتمام المشترك مثل الإرهاب، تغير المناخ، الهجرة غير المنتظمة، السلام فى مناطق الصراع، التوظيف الأمثل لطاقات الشباب فى التنمية.. المحور الثانى يناقش قضايا التنمية المستدامة والتكنولوجيا وريادة الأعمال.. والثالث محور الحضارات والثقافات الذى يبحث فى التكامل الحضارى والثقافى وأطر الاستفادة من الثراء والتنوع الثقافى فى ظل العولمة.. أما المحور الرابع فيركز على صناعة قادة المستقبل وأهمية التوجه نحو تدريبهم وتأهيلهم للقيادة.. الخامس والأخير محور يقدم نموذج محاكاة للأمم المتحدة بمناقشات واعية بين شباب العالم لقضايا مهمة تمس وتهدد الأمن والسلم العالمى.
هذا الحدث العالمى على أرض السلام بمدينة شرم الشيخ يمد جسورا للتواصل بين شباب العالم ويقيم حوارا حضاريا بين الثقافات المختلفة، ويفتح مجالا لتبادل الرؤى والخبرات حول قضايا وموضوعات غاية فى الأهمية.. هذا المنتدى يحمل رسالة سلام من مصر للعالم أجمع، ويؤكد قدرة مصر على تنظيم وإقامة وإدارة وتأمين مثل هذا الحدث الضخم، كما يؤكد معنى الأمن والاستقرار على أرضها والإصرار على مكافحة الإرهاب والقضاء عليه وعلى كل أشكال الفكر المتطرف.
هذا المنتدى العالمى يتيح الفرصة لشباب العالم للتعرف عن قرب على وجه مصر الحضارى وحقيقة الأوضاع بها وأمنها واستقرارها بما يمنح قبلة الحياة للسياحة ليصبح شباب العالم حامل لواء الترويج السياحى بشكل غير مباشر حيث إن انتهاء فعاليات المنتدى لا يعنى انتهاء صداه بل سيتعايش حضوره مع هذه الفعاليات لفترات طويلة تنعكس على انطباعاتهم عن مصر وينتقل صداه إلى ذويهم وأقرانهم وزملائهم ومعارفهم ووسائل إعلامهم فى كل دول العالم.. أيضا فإن هذا المنتدى بما يصاحبه من تغطية إعلامية عالمية واسعة يعد فرصة حقيقية للدعوة للاستثمار والشراكة الدولية فى مجالات اقتصادية متعددة.
نجاح مصر فى تنظيم هذا المحفل العالمى يحقق كل ذلك ويحمل كل هذه الرسائل، خاصة أن هذا التنظيم يتم بسواعد مصرية خالصة متطوعة بحماس بالغ لنجاح فعالياته دون أن تتحمل الموازنة العامة للدولة أى تكلفة أو نفقات.
لقد حضر شباب العالم إلى هذا المنتدى سعيا للحوار We need to talk، وها هم يتحاورون ويتناقشون ويبدعون.. ويعزفون معا على قيثارة السلام لحنا شديد العزوبة فى أرض السلام.