عدم الفهم .. أو سوء الفهم .. يأتي غالبا من غياب المعلومات أو عدم اكتمالها أو تضاربها ، كما قد يأتي من غياب للشفافية أو وضوح الرؤية ، أو عدم وجود متحدث إعلامي يتولي مسئولية التفسير والتوضيح والتواصل ! .. وأكاد أجزم أن لا أحد من إعلاميي ماسبيرو يعرف علي وجه اليقين أسباب دمج إذاعات مع بعضها البعض أو تقليص عدد ساعات البث ، أو أسباب إلغاء بعض القنوات التليفزيونية كما حدث مع قناة صوت الشعب والتعليمية ؟ .. هل هي أسباب اقتصادية فقط تهدف إلي توفير أو ترشيد الإنفاق ؟ ، هل هي قرارات فردية ؟ ، أم أن ما يتم اتخاذه من قرارات في هذا الشأن هو في إطار مشروع متكامل لهيكلة ماسبيرو ؟ .. وإذا كان الأمر كذلك ما هي أبعاد هذا المشروع ؟ وخطواته ، والناتج المتوقع له .. وهل هو مشروع تم بمرجعية علمية ودراسات تفيد في التخطيط لأبعاد الهيكلة حتي لا تكون نتاجا لانطباعات شخصية ، وحتي نتجنب بعضًا من السلبيات المتوقعة، وخاصة علي العاملين في حال تطبيقها ؟ .. وهل تمت مناقشات مستفيضة في هذا الاتجاه قبل اتخاذ أي قرارات بالدمج أو الإلغاء مع أعضاء الهيئة الوطنية للإعلام واستطلاع آراء بعض الخبراء الإعلاميين وبعض من أساتذة الاعلام ؟ .. هذا إذا كنا قد خططنا بالفعل لهذه الهيكلة ووضعنا مشروعا متكاملا لها يحقق تطويرا لما نراه ونسمعه عبر شاشات و أثير ماسبيرو ..
لا مانع من دمج بعض المحطات أو القنوات أو إلغاء بعضها بأسباب منطقية وعلمية وبمرجعية أيضا ، لو أن سبب الإلغاء هو عدم وجود كثافة استماع أو مشاهدة لمحطة أو قناة وبالتالي لا تحقق الهدف من إنشائها لا نتخذ قرارا بإلغائها قبل الرجوع إلي دراسة فلسفة إنشائها وأهداف تواجدها وهل المجتمع ما زال بحاجة اليها أم لا ؟ إذا كانت الاجابة بنعم فالتوجه والقرار يجب أن يكون بتطويرها ورفع كفاءتها حتي تحقق أهدافها وتفيد المجتمع وفقا لفلسفة إنشائها !
وإذا كان السبب في دمج بعض القنوات أو المحطات هو تشابه فلسفة وأهداف إنشائها، وان الدمج سيجعل هذه الكيانات أقوي لتحقيق أهدافها والوصول بشكل أفضل الي المستمع أو المشاهد ، فلا بأس من اتخاذ مثل هذه الخطوة بشرط التأكد الفعلي من تشابه فلسفة وأهداف مثل هذه القنوات والمحطات ودراسة كل المتغيرات التي ستترتب علي هذا الدمج والتي قد تؤثر علي التطوير المتوقع .. أذكر هذا الجانب تحديدا بعد ما تردد وتناقلته مواقع إخبارية عديدة من اتخاذ قرار بدمج إذاعة البرنامج الأوروبي – أول بث بدأت به الإذاعة المصرية عام 1934 - مع إذاعة البرنامج الثقافي حيث لا أري أي منطق في هذا الدمج لأن فلسفة إنشاء كل من الإذاعتين مختلفة تماما وكذلك الأهداف المتوقع تحقيقها من كل منهما .. وحسنا فعلت رئيسة الإذاعة بنفي هذا الخبر المتداول علي لسان وزيرة الهجرة وشئون المصريين في الخارج والتي أعربت عن استيائها من هذا الدمج المزعوم ! ولها الحق في استيائها لو كان حقيقيا .. حيث صرحت رئيسة الإذاعة أن القرار قيد الدراسة وهو تقليص عدد ساعات بث وإرسال البرنامج الأوروبي ، بينما صرح مدير البرنامج الفرنسي بالبرنامج الأوروبي بأن القرار هو تقليص عدد ساعات بث البرنامج الأوروبي وضمه مع البرنامج الثقافي علي موجة واحدة !! بحيث يتقاسم كل منهما الإرسال علي هذه الموجة خلال اليوم ؟!! .. هذا بينما صرح رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أنه لا نية للإلغاء أو الدمج .. الحقيقة لا ندري أين الحقيقة ؟! ..
إذا كان الدمج أو تقليص ساعات البث أو الإلغاء بهدف اقتصادي بحت وهو التوفير أو الترشيد ، فإن هذا الأمر يثير العديد من علامات الاستفهام حول رؤي التطوير وأهمية دعم الدولة ماديا ومعنويا لهذا الكيان الضخم وهو كيان خدمي في المقام الأول للوطن والمواطن .. كما يثير هذا الأمر علامات استفهام أخري حول قدرة القيادات في ماسبيرو علي تنويع مصادر التمويل ، والبحث عن بدائل لاستثمار الثروة البشرية والتكنولوجية الهائلة لماسبيرو ، وتحقيق بعض من التمويل الذاتي الملائم والمدعم للتطوير ..
شيئ من الشفافية ووضوح الرؤية والإعلان عنها مطلوب وبشدة ليس فقط للمتخصصين والمهتمين بأمور ماسبيرو وأهمية تطويره ، ولكن أيضا لأبناء ماسبيرو أنفسهم حتي نتفادي مثل هذا التضارب وعدم الوضوح في تصريحات بعض المسئولين وحتي يعود الاستقرار النفسي لإعلاميي ماسبيرو الذي يدفعهم - مع وجود رؤية فعلية واقعية للتطوير – لمزيد من العمل والإنجاز .. وهذا ما يدعونا مرة أخري للمطالبة بأهمية وجود متحدث إعلامي للهيئة الوطنية للإعلام للتواصل مع وسائل الإعلام وإعلاميي ماسبيرو لتوضيح كل الحقائق والرد علي أي استفسارات أو تساؤلات ، ويكون مصدرا ومرجعية لمنع أي تضارب في التصريحات ! ..
هي فقط دعوة لكي نفهم حقيقية ما يحدث علي أرض الواقع ، ولماذا لم نر حتي الآن تطويرا علي شاشات وأثير ماسبيرو ، دعوة لكي نفهم أبعاد رؤية الهيئة الوطنية للإعلام لتطوير ماسبيرو وماذا أنجزت أو حققت بعد مرور ستة أشهر من توليها المسئولية ؟!! ..