ثورة 30 يونيو
كانت كلمة السر في ثورة 30 يونيو هي "تمرد"، حيث دعت حركة تمرد أو حملة تمرد ، وهي حركة معارضة مصرية دعت لسحب الثقة من محمد مرسي، رئيس جمهورية مصر العربية السابق، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
انطلقت "تمرد" في يوم الجمعة 26 من أبريل 2013 من ميدان التحرير بالقاهرة، على أن تنتهي في 30 من يونيو من العام نفسه، وتمكنت من جمع 22 مليون توقيع لسحب الثقة من محمد مرسي.
وأعلنت الحركة أنها جمعت 200 ألف توقيع في الأسبوع الأول، وقد سبق حركة "تمرد" إلى هذا النهج حركات أخرى مثل حركة "مستمرون" والتي أسسها محمد أبو حامد، عضو مجلس الشعب السابق المنحل، ووصل انتشار حركة تمرد إلى حد أن أعلن مؤسسوها أنهم قد جمعوا 2 مليون و 29 ألفًا و592 استمارة توقيع لسحب الثقة من مرسي في مؤتمر صحفي عقدوه يوم الأحد 12 من مايو 2013، أي بعد نحو أسبوعين من تدشين الحملة أنباء تعدي عدد الاستمارات الموقعة لما يزيد على 2 مليون في أسبوعين، أحدثت صخبًا إعلاميًا واسعًا ساعد في انتشار حركة تمرد أكثر في الأوساط الشعبية المصرية كما انتبهت لها قوى المعارضة التي أجمعت تقريبًا على تأييدها، كما انضمت إليهم بعض قوى من تيار الإسلام السياسي ومن التيارات السياسية التي دعمت حركة تمرد حركة كفاية وجبهة الإنقاذ والجمعية الوطنية للتغيير وحركة 6 أبريل، كما أعلنت نقابة المحامين المصرية فتح مقراتها للمواطنين على مستوى الجمهورية لتلقي الاستمارات الموقعة.
ويقول محمود بدر، مؤسس حركة تمرد: إن الحركة ولدت في أبريل 2013 من ميدان التحرير بهدف سحب الثقة من الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية السابق، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد أن فشل في إدارة شئون البلاد وحنث بيمينه ونقض عهده مع الشعب والقوى الثورية، وانقلب بجميع مبادئ ثورة 25 يناير التي سالت من أجلها دماء آلاف المصريين، وقال "بدر" إن فكرة الحملة التي أطلقها النشطاء السياسيون جاءت "كنوع من أنواع البحث عن ثورة 25 يناير التي ذهبت أدراج الرياح مع مرسي".
وأضاف "بدر" عن مرسي: "هذا الرجل فشل في أن يحقق أي شيء حتى المطالب البسيطة للشعب المصري من عيش، حرية وعدالة اجتماعية، قائلًا إن الحشود الغفيرة من أبناء الشعب المصري التي خرجت في مظاهرات 30 يونيو في ميدان التحرير وفي جميع الميادين المصرية بالمحافظات وأمام قصر الاتحادية هي دليل قاطع على شرعية حركة تمرد وسقوط شرعية الرئيس محمد مرسي، وأن هذه الجموع لن تعود إلى منازلها إلا بعد تنحي مرسي وتقديم قتلة المتظاهرين إلى العدالة، وشدد "بدر" على أنه لا تهاون ولا تراجع عن مطلبنا الوحيد وهو إسقاط الرئيس محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية تحت إشراف رئيس المحكمة الدستورية العليا، وإسقاط دستور الإخوان وتشكيل حكومة ائتلاف وطني تمثل كل أطياف الشعب المصري.
وحول سيناريو ما بعد محمد مرسي، أكد محمود بدر أن هناك خطة مدروسة ومُحكمة حتى لا يكون هناك أي اضطراب في الشارع المصري وحتى لا تتكرر أخطاء الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة 25 يناير، ونحن قمنا بتشكيل لجنة استشارية من الشخصيات العامة تكون ظهيرًا سياسيًا، كما سنقوم بإعداد إعلان دستوري مؤقت ينظم الفترة الانتقالية، كما نسعى لتشكيل حكومة ائتلافية تتكون من 15 وزيرًا فقط، ولا تنشغل إلا بملفين أساسيين هما الأمن الداخلي والاقتصاد، أما بالنسبة لملف أمن البلاد والحدود فمنوط به مجلس الدفاع الوطني والذي يشارك فيه القوات المسلحة، بالإضافة إلى أننا سنقدم التوقيعات للمحكمة الدستورية ليتولى رئيس المحكمة الدستورية رئاسة الجمهورية خلال المدة الانتقالية حتى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وحول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في حال سقوط محمد مرسي، قال محمود بدر: هدف النزول يوم 30 يونيو هو إسقاط الرئيس مرسي ونظامه، وليس القضاء على جماعة الإخوان المسلمين وإقصاؤها عن المشهد السياسي، بل إننا نطالب بوجود الإخوان في المشهد بشرط أن تكون مشاركتهم حزبية عن طريق حزب الحرية والعدالة على أن يتم حل الجماعة، لأنها محظورة وسرية ولا تمت للمشهد السياسي بصلة.
وعلى الجانب الآخر، قام مؤيدو جماعة الإخوان المسلمين بتأسيس حركة "تجرد" لمواجهة المد الجماهيري لحركة "تمرد"، وقام بتأسيس هذه الحركة المهندس عاصم عبد الماجد، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، الذي أكد أنه تم إطلاق الحملة للرد على حملة تمرد، بهدف جمع 33 مليون توقيع لتأييد الرئيس محمد مرسي، ولتأييد الشرعية والاستقرار، والمؤيدة لاستكمال الرئيس مدته الرئاسية التي نص عليها القانون والدستور.
وأضاف عبد الماجد، أن الرئيس محمد مرسي هو أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، وأنه نجح في انتخابات حرة ونزيهة جاءت بناءً على إرادة حرة وواعية للشعب المصري، مشددًا على أن صندوق الانتخاب هو الفيصل في إسقاط رئيس مصر وانتخاب رئيس جديد وليس حركة منبوذة وممولة من الخارج ليس لها هدف إلا نشر الفوضى في الشارع المصري وإثارة الفتنة وهدم مؤسسات الدولة والانقضاض على الشرعية، وأكد عبد الماجد، أن حملة "تجرد" الداعمة للرئيس محمد مرسي، جمعت 26 مليون توقيع تؤيد بقاء الرئيس، مشددًا على أن الحركة مستمرة في جمع التوقيعات حتى تصل إلى 33 مليون توقيع مؤيد للرئيس مرسي، وشكك المهندس عاصم عبد الماجد في الأرقام التي أعلنتها حملة "تمرد"، مشيرًا إلى أنها حركة منبوذة وأن الشعب المصري لفظها ولم تحصل إلا على 170 ألف استمارة فقط وأغلبهم من الأقباط، مشددًا على أن المشروع الإسلامي يتعرض لحرب صليبية قذرة.
ودبت حالة من القلق داخل جماعة الإخوان المسلمين، وحزب الحرية والعدالة، خوفًا من نجاح القوى السياسية في الحصول على ما يقارب الـ''15 مليون'' توقيع لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، واتخذت الجماعة خطوات للتصدي لحملة ''تمرد''، كان على رأسها، إطلاق حملة ''مؤيد'' لتأييد الرئيس محمد مرسي، بجانب العمل على التفاوض مع الحركات التي دعت لحملة ''تمرد'' ويأتي على رأسها، "كفاية" و "6 أبريــــــــــــل"، منوهة إلى أنه هناك تفكير في النزول في مظاهرات حاشدة للتأكيد على أن هناك ملايين يؤيدون الرئيس.
وقد تم تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي ''فيس بوك''، تحت مسمى حركة "مؤيد"، وقالت الحملة: "ردًا على حملة (تمرد) على الدكتور محمد مرسي ونجاح الحملة حتى الآن في جمع 2 مليون صوت لسحب الثقة من الرئيس تم إطلاق حملة (مؤيد) لجمع أصوات المؤيدين للدكتور محمد مرسي".
ودخلت المعركة بين "تمرد" و"تجرد" حرب الأرقام والتوقيعات، حيث أعلن الشيخ محمد تيسير، المسئول الإعلامي لحركة "تجرد" المؤيدة لـ"شرعية" الرئيس المصري محمد مرسي، عن أن ما جمعته حركته من توقيعات لتأييد شرعية الرئيس، تفوق الرقم الذي أعلنته حركة "تمرد" بكثير، قائلا: "آخر إحصاء لتوقيعات الحركة حتى 20 يونيو كان11 مليونًا و400 ألف توقيع، حيث إن هناك قطاعًا عريضًا من المصريين وقع على استمارة "تجرد"، وحتى الرافض لأداء الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، وقع لـ"تجرد"، لأنهم يؤيدون الشرعية واستقرار الدولة، حتى لو كان أداء الرئيس لم يعجبهم إعجابًا تاـمًـــا.
ومثلما قامت بدور رئيسي في ثورة 25 يناير 2011، عادت الشبكات الاجتماعية لتلعب دورًا رئيسيًا في الاحتجاجات الواسعة التي ملأت طول مصر وعرضها خلال ثورة 30 يونيو، وانتهت بإعلان الجيش المصري، نزولًا على رغبة الأغلبية، عزل الرئيس مرسي وإدارة مرحلة انتقالية، فقد ذكرت حركة "تمرد" التي أشعلت فتيل مظاهرات 30 يونيو أن 3 ملايين مواطن من أصل 22 مليونًا قيل إنهم وقعوا استمارة سحب الثقة من الرئيس المصري "المعزول"، قاموا بالتوقيع الكترونيًا على الاستمارة عبر موقع الحملة الرسمي على شبكة الإنترنت.
من جهة أخرى، ظل حساب الرئيس المصري (المعزول) على شبكة تويتر نشطًا حتى الساعات الأخيرة من حكمه، وتم نشر تغريدة عليه تقول إن الرئيس يرفض أي إجراء ضد الشرعية، قبل دقائق من القائه كلمة "أخيرة" للشعب في الساعات الأولى من صباح الأربعاء (3 من يوليو 2013)، وهي التغريدة التي لاقت اهتمامًا فاق الوصف باعتبارها كانت أول تصريحات من الرئيس منذ اندلاع التظاهرات.
من جهتها، نشطت القوات المسلحة المصرية حسابها على شبكة الفيس بوك، وظل الحساب يرسل تحديثات بالموقف أولًا بأول، لدرجة أنه أصبح المصدر الموثوق الأول للأخبار، قبل القاء البيان الرسمي للجيش عبر التليفزيون المصرى.. ناهيك عن تدفق التغريدات والمنشورات من كل الأطياف السياسية طوال أيام ثورة الثلاثين من يونيو، لدرجة أشعرت المواطن المصري أن تويتر والفيس بوك تم ابتكارهما لخدمة أغراض السياسة المصرية فقط.
وقد أدى النجاح غير المسبوق في تاريخ الإنسانية لحركة تمرد في سحب الثقة من الرئيس محمد مرسي وإزاحة حكم الإخوان المسلمين بل وتقويض دعائم تيار الإسلام السياسي في مصر إلى نشوء حركات تمرد شبيهة في دول عربية وإسلامية أخرى مثل تونس والبحرين والمغرب والسودان وتركيا.
ففي تونس، كشفت حركة تمرّد التونسية، الأربعاء 3 يوليو عن نجاحها في حشد الآلاف من الإمضاءات، تمهيدًا لاحتجاجات شعبية هدفها إسقاط الحكومة الحالية والمجلس الوطني التأسيسي وتصحيح مسار الثورة، على حد تعبيرها.. وصرَّح القائمون على الحملة بأنه تم الوصول إلى أكثر من 175 ألف توقيع حتى أمس الثلاثاء، من عدة ولايات، حيث كان نصيب العاصمة تونس نحو 25 ألف توقيع، وفي الوقت نفسه يجري الإعداد لحراك شعبي على الميدان ينطلق من المناطق الفقيرة والمهمّشة باتجاه المدن المركزية، لكنها لم توضح متى سيتم ذلك وبأي طريقة (16).
وفي المغرب، أطلقت صفحات باسم حركة تمرد المغربية، أصبحت بعضها تستهدف إسقاط النظام، بعد أيام فقط من إعلان أنها تستهدف رئيس الحكومة الذي هو في نفس الحين رئيس حزب العدالة والتنمية الإسلامي عبد الاله بنكيران، وقال مدير صفحة حركة تمرد المغربية، على موقع الفيسبوك، إن الحركة تأتي في سياقها الوطني والإقليمي، حيث إنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال نفي وجود علاقة تأثير وتأثر بين المغرب ودول الجوار، من قبيل مصر وتونس.
وفي البحرين، حذرت وزارة الداخلية البحرينية من الاستجابة لما وصفتها "بالدعوات التحريضية لحركة تمرد" التي تدعو لإسقاط النظام عبر النزول في مظاهرات كثيفة في 14 أغسطس 2013.. وفي السودان دشن حزب الأمة القومى السودانى بزعامة الصادق المهدى حملته لجمع التوقيعات الهادفة إلى إسقاط نظام الرئيس عمر البشير، والمسماة بـ"مذكرة التحرير"على غرار حركة (تمرد) المصرية.
.. وهكذا، استخدمت الشبكات الاجتماعية كآلية لحشد الجماهير ودعوتهم إلى الثورة يوم 25 يناير، وقد استفادت الحركات والجماعات التي دعت إلى ذلك بخبرات سابقة من أهمها الدعوة إلى إضراب السادس من أبريل 2008، كما تمت الاستفادة بعدم كفاية العمل على الإنترنت والشبكات الاجتماعية لتحريك الواقع على الأرض.. ومن هنا، فقد قام بعض النشطاء بتوزيع آلاف الدعوات في مناطق الشرابية والوايلي وباب الشعرية بالقاهرة والمحافظات للمشاركة فيما سموه الانتفاضة الشعبية يوم 25 يناير، أما في ثورة 30 يونيو فقد تراجع دور هذه الشبكات بشكل ملحوظ حيث اعتمدت "حركة تمرد" على آلية الحشد الشعبي من خلال جمع التوقيعات على استمارات الحركة، وهو ما يعود بالثورة المصرية إلى توظيف آليات الثورات الشعبية كما حدث في ثورة 1919، إلا أنه لا يمكن إغفال أن "تمرد" قامت بإطلاق موقع خاص بها جمعت عليه 2 مليون توقيع الكتروني علاوة على قاعدة بيانات لكل الموقعين على استماراتها.