السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بارقـــة أمل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حالة من الكآبة تملكتني الأسبوع الماضي، حينما شاهدت بعيني بيوت الأقباط في "نزلة البدرمان" بمحافظة المنيا تحرق، وطفلة صغيرة: "إيفون بشري"، تُلقَى من سطح منزلها لتصاب بكسور وترقد في المستشفى بين الحياة والموت، ورجال الأمن الذين معهم أسلحة وأجهزة لاسلكية يختبئون مثل الفئران خلف الزارعات، يشاهدون بيوت الأقباط وهي تحترق دون أن يحرّكوا ساكنا!.
هذه الصورة أصابتني بحالة من الحزن الشديد، ولكنها ليست صورة كاملة، إذ أن هناك على الجانب الآخر صورة مضيئة تبعث على الأمل والرجاء، وهي صورة السيد عمرو موسى، والاقتراع على مواد الدستور الجديد، المادة تلو الأخرى، وعزف السلام الوطني الذي أبكى العديدين وبعث الأمل في عودة الوطن الذي سرق لعام كامل، كادت فيه مصر أن تصبح في خبر كان،  وعلى أفضل الأحوال إمارة في الخيمة القطرية.
أكبر انتصار للدستور المصري، المادة 244، التي نصت على ضرورة تمثيل عادل للمهمشين، وهم: المرأة والشباب والأقباط، إنها ثورة وإنه انتصار لإرادة شعب وإصراره على التغيير، وكلمة حق وهي: إن الإقباط الذين عانوا سنوات طويلة من الحرمان والتهميش لوقت قريب، ومن صور التهميش كتعيين وكلاء النيابة بنسبة 1 % والكليات الحربية التي تشمل أقل من 1 % منهم.
المادة 244 هي انتصار للإرادة المصرية التي أثبتت - عبر هذه المادة - التحرر من التيار الإسلامي الذي كان مسيطرا ومهيمنا على لجنة الصياغة التي تحكّم فيها أربعة أفراد مقابل ستة أفراد.
لقد كانت معركة انتصرت فيها أخيرأ مصر، بكل تأكيد إن المادة 244 جاءت انتصارا ليس للأقباط فقط، و إنما لمصر كلها، وهذا العمل لم يكن ليتم إلا بتعضيد إخوتنا المسلمين الذين آمنوا بقضية الأقباط المهمشين منذ عقود مضت، وقد حاول العديدون من الأقباط أنفسهم - تحت رداء الوطنية - رفع شعارات لرفض التمييز الإيجابي، إلا أن قضية الأقباط العادلة وجدت من شركاء الوطن آذاناً مصغية وقلوباً مفتوحة لإصلاح الغبن الذي عانى منه الأقباط.
أتذكر في عام 2008، كتبت مقالاً بعنوان "التمييز الإيجابي"، ثم أعدت نشره بعد إضافة الواقع الحالي، أتذكر جهاد كل الأقباط في مصر وخارجها، مطالبين بالتمييز ومفنّدين ادّعاءات العديدين من الرافضين للتمييز الإيجابي وحججهم الواهية بأن "الكوتة" تقلل من قيمة الأقباط أنفسهم، وآخر يدّعي أن التمييز سيكون فقط للقطاع المقرّب من الكنيسة، ولكن الواقع أكد أن الحقوق تنتزع ولا تطلب.
فالشكر موصول، والتقدير لمجهودات أعضاء لجنة الخمسين، وعلى رأسهم السيد عمرو موسى، وإذ نشكر الأقباط الذين يعملون جاهدين من أجل مصر وقضاياهم، وخاصة المؤمنين بحقهم في العيش والمشاركة العادلة،  وتحية وتقدير لكل من ساهم في هذا الدستور، خاصة من شاركوا حتى النهاية، وتحيا مصر، ودائما يرتفع علم مصر رمزا للانتماء إلى ترابها الحرّ.