السبت 06 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

احذروا.. الندية لا التبعية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
النهج المتبع لدى الغالبية العظمى ممن أدلوا بدلوهم فى الحديث عن زيارة الرئيس المصرى إلى واشنطن منذ الإعلان عنها انصب فقط فى مدى أهمية هذه الزيارة لمصر، وكأننا بدونها لن نقوى على الاستمرار، وصل فى بعض الكتابات إلى أن مصير القاهرة قائم على هذه الزيارة، وما تسفر عنه من نتائج.
هذه الأحاديث فى رأيى تضرب العمق الذى تنتهجه الإدارة المصرية فى تعاملاتها الخارجية، فلو تأملنا بيان المتحدث الرسمى باسم الرئاسة السفير علاء يوسف حين قال عن الزيارة «لتبادل الرؤى حول القضايا التى تشهدها المنطقة»، فكلمة تبادل الرؤى هنا تستخدم بمعنى مباشر وصريح لا يقبل اللبس بأن العلاقات قائمة على الندية، وليس التبعية كما يصورها البعض فى كتاباته، والندية تعنى أن الطرفين كليهما فى حاجة إلى الآخر، وإن كان للقاهرة مصالح تسعى لتحقيقها من هذه الزيارة، واشنطن أيضا لديها أهداف إن لم تزد لن تقل».
إذًا دعنا لا ننظر فى هذا المقال عن الاستفادة المصرية ونركز على هدف أمريكا من لقاء السيسى، وما تريده الولايات المتحدة، أولا تعتبر هذه الزيارة الرسمية لرئيس مصرى إلى الولايات المتحدة منذ عام ٢٠٠٤، وهو ما يعنى أن أمريكا فقدت طوال هذه السنوات قوة إقليمية لا يستهان بها فى الشرق الأوسط، وبالتالى تأثرت المصالح الأمريكية فى المنطقة بشكل كبير، وصلت فى السنوات الأخيرة إلى أنها لم تعد اللاعب الرئيسى ودخلت قوى دولية فرضت نفوذًا وسيطرت بشكل أصبح يهدد واشنطن فى عقر دارها، لذا رأت الإدارة الأمريكية الجديدة أن المرحلة المقبلة لابد من إعادة وضعها الطبيعى فى الشرق الأوسط، ووقف تمدد القوى الدولية الأخرى روسيا والصين، ولكى يتحقق ذلك يجب أن تحسن علاقاتها مع أصحاب القرار فى الإقليم وأهمها القاهرة، إذًا فإن أمريكا هى من تسعى لذلك. 
ثانيًا - إدارة ترامب تسعى بجدية لمكافحة الإرهاب الذى بات يهدد المجتمع الأمريكى نفسه، ومع ضغوط الرأى العام الغربى وإدراكه بأن قياداتها ضلع رئيسى فى تنامى ظاهرة الإرهاب فى الشرق الأوسط وأن ناره باتت وشيكة منهم أصبح لدى واشنطن قناعة بضرورة إنهاء هذا المسلسل الذى بدأ مع المشروع الامريكى «الشرق الأوسط الجديد»، ولأن مصر طبقًا لنفس القناعة الأمريكية هى الدولة الأكثر وضوحًا فى محاربتها للإرهاب فلا بديل عن التعاون، وتقديم كل التسهيلات لها خاصة بعد نجاحها فى القضاء على العديد من البؤر الإرهابية التى تستعصى على دول عظمى يساعدها فى ذلك أن مصر فى ظل الإدارة الأمريكية الجديدة أصبحت ليست لديها مخاوف من إدارة ترامب، خاصة أن الأخير رحب بنهجها وطريقتها فى مكافحة الإرهاب.
ثالثًا - الإدارة الأمريكية تولى أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع مصر فى كل المجالات من منطلق كونها بوابة للقارة الإفريقية، ومع تراجع الدور الأمريكى فى القارة السمراء، وتنامى قوى إقليمية أخرى فمن مصلحة واشنطن أن تكون فى وئام مع مصر خاصة بعد عودة القاهرة لدورها الطبيعى فى إفريقيا كلاعب أساسى وصانع قرار.
رابعًا -أنّ الزيارة ستعزز العلاقات الثنائية بين الدولتين، وتفتح مجالات التعاون بينهم خاصة فى المجال العسكرى بعد أن انتهجت مصر سياسة تنويع مصادر التسليح، وهو ما أثر بالسلب على الشركات الأمريكية 
خامسًا – أمريكا تعى أن مصر ركيزة أساسية لأى تحالف إقليمى يهدف إلى بناء كيانات اقتصادية، ومع دخول مصر فى أكثر من كيان اقتصادى فكان حتمًا على واشنطن أن تسعى لكسب ود القاهرة حتى لا تتأثر مصالحها الاقتصادية فى المنطقة لذلك تهدف من الزيارة إعادة هيكلة الاستراتيجية الاقتصادية معها للتسهيل على الشركات الأمريكية وزيادة استثماراتها بالسوق المصرية، فالولايات المتحدة يهمها تعزيز النهوض الاقتصادى فى مصر على المدى المتوسط والطويل، إذ يوجد اعتقاد لدى قطاعات عديدة بالكونجرس بأنها ستعد شريكًا اقتصاديًا لواشنطن.
أخيرًا – الجميع فى الولايات المتحدة أصبح يعلم أن مصر واحدة من أعمدة الاستقرار التقليدية في الشرق الأوسط، وشريك يعتمد عليه لعقود، وهو ما يستدعى تطوير العلاقات الثنائية بين الدولتين وإعادتها إلى مستواها السابق.