الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

اقتصاد

اتفاق "أوبك" ينهي تراجعات النفط القياسية خلال 2016

منظمة أوبك
منظمة "أوبك"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت أسواق النفط خلال العام الذي يوشك على الانتهاء العديد من المحطات والعثرات، وخابت كل التوقعات بشأن الأسعار وأحجام السوق، لكن يبدو أن العام يتجه إلى نهاية أفضل حالا من بدايته، مع تمكن الدول المنتجة للبترول من داخل "أوبك" وخارجها من التوصل لاتفاق نهائي لخفض معدلات الانتاج آملين في الحد من تخمة المعروض.
لكن بداية العام لم تكن سهلة في ظل الانخفاض القوي الذي سجلته أسعار النفط خاصة في الربع الأول من العام في ظل الاختلال الكبير في ميزان العرض والطلب؛ حيث زيادة العرض تتجاوز وبشكل كبير النمو في معدلات الطلب، كما لايزال إنتاج الدول غير الأعضاء في "أوبك" يسجل ارتفاعات.
كانت الأسواق العالمية قد بدأت تعاني من تخمة المعروض في منتصف عام 2014 ولكن التراجع الأقوى للأسعار لم يسجل حتى منتصف يناير 2016 حين هوت الأسعار دون 30 دولارا للبرميل، للمرة الأولى منذ ديسمبر 2003، ما يعنى أن أسعار النفط قد فقدت أكثر من 70% من قيمتها منذ منتصف 2014.
ووجدت الدول المنتجة للنفط من داخل أوبك وخارجها نفسها في مأزق، ما دفع بالجميع للبحث عن سبل لكبح السوق، وجاءت مبادرة تخفيض مستويات الإنتاج بتوافق مبدئي في العاصمة القطرية "الدوحة" بين روسيا والسعودية وهم أكبر منتجين في العالم في فبراير الماضي.
ولكن المبادرة لم تر النور بعد فشل اجتماع الدوحة في أبريل الماضي مع تمسك السعودية بضرورة مشاركة جميع الدول في مبادرة تخفيض الإنتاج، وخاصة إيران التي كانت تصر على الوصول بمعدلات إنتاجها لمستواها قبل فرض العقوبات الدولية عليها.
وفي أعقاب ذلك سجلت الأسواق معدلات إنتاج قياسية حيث تجاوز إنتاج روسيا، أكبر منتج في العالم في الوقت الحالي، 11 مليون برميل يوميا لأول مرة منذ فترة قيام الاتحاد السوفيتي، كما بلغ إنتاج السعودية معدلا قياسيا عند نحو 10.7 ملايين برميل يوميا، وتجاوز العراق 4.7 ملايين برميل يوميا، وبلغ إنتاج إيران نحو 3.7 ملايين برميل يوميا بعد رفع العقوبات الدولية عنها، بينما تخطى إنتاج أوبك الإجمالي 33.6 مليون برميل يوميا لأول مرة في عدة سنوات.
من الجدير بالذكر أن معدل الإنتاج العالمي من النفط يقدر في عام 2016 بما يزيد عن 96 مليون برميل يوميا، بينما يقدر معدل الطلب العالمي بحوالي 94.4 مليون برميل يوميا، أي بفائض قدره 1.6 مليون برميل يوميا على الأقل.
ودفع المشهد بوكالة الطاقة الدولية إلى التحذير أن تؤدي التوقعات بشأن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي إلى تراجع الطلب على النفط خلال العام المقبل، مقارنة بالعام الجاري، وقالت الوكالة إن الطلب العالمي على النفط سينمو بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا في عام 2017 مقارنة ب 1.4 مليون برميل يوميا خلال عام 2016، بعد أن وصل سعر خام برنت إلى أكثر من 52 دولارا للبرميل في يونيو الماضي، انخفض بنسبة 14.5 في المئة في يوليو، مع ارتفاع المعروض العالمي من النفط بحوالي 800 ألف برميل يوميا خلال يوليو، تزامنا مع ارتفاع إنتاج دول منظمة أوبك بشدة.
لكن أسعار النفط قفزت بحوالي 5 في المئة في الأسبوع الثاني من أغسطس، بعد تصريحات لوزير النفط السعودي خالد الفالح حول تحرك قريب لتخفيض الإنتاج المفرط.
وارتفع سعر خام برنت بنسبة 4.2 في المائة، ليصل إلى 45.90 دولارا للبرميل، وارتفع الخام الأمريكي بنسبة 4 في المئة، ليصل إلى 43.37 دولارا.
وفي اجتماع غير رسمي في الجزائر في الثامن والعشرين من سبتمبر الماضي، اتفق أعضاء منظمة أوبك، التي تضم ثلاثة عشر دولة، مبدئيا على خفض الإنتاج الإجمالي للمنظمة إلى ما بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا، على أن يتوصلوا إلى اتفاق نهائي في اجتماع أوبك الرسمي بنهاية نوفمبر 2016 في العاصمة النمساوية "فيينا"، حيث تحدد نسب التخفيض التي ستتحملها كل دولة.
وقفزت أسعار النفط نحو 6%مدعومة بحالة التفاؤل التي أعقبت التوافق في اجتماع الجزائر، وارتفع سعر خام مزيج برنت 5.9% ليبيع عند 48.96 دولار للبرميل، وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 5.3% ليصل إلى 47.45 دولار للبرميل.
لكن انتعاش الأسواق لم يستمر طويلا، في ظل مطالبة عدد من الأعضاء بإعفائهم من الاتفاق المزمع بتخفيض الإنتاج، والحديث بأن روسيا ستتجه لتثبيت الإنتاج بدلا من تخفيضه.
وأخيرا عقد اجتماع أوبك في "فيينا" في الثلاثين من نوفمبر الماضي، ونجح أعضاء أوبك لأول مرة في ثماني سنوات أي منذ عام 2008 في إقرار اتفاق لتخفيض إنتاج المنظمة لإعادة التوازن للسوق العالمية، بينما الاتفاق المشترك للدول من داخل أوبك وخارجها هو أول اتفاق عالمي يجري التوصل إليه منذ 15 عاما.
وينص اتفاق أوبك التاريخي بأن تخفض المنظمة إنتاجها بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، ويدخل الاتفاق قيد التنفيذ ابتداء من يناير 2017 ولمدة ستة أشهر، على أن يتم التجديد لستة أشهر أخرى، كما وافقت الدول المنتجة للنفط من خارج "أوبك" يوم السبت الماضي على خفض الإنتاج بمقدار 558 ألف برميل يوميا.
وجاءت حصص الدول في تفاصيل الاتفاق كالآتي، حيث تعهدت روسيا وهي أكبر المنتجين من خارج أوبك بخفض إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميا، ووافقت المملكة العربية السعودية على تحمل خفض 486 ألف برميل يوميا، ويتحمل العراق 210 آلاف برميل يوميا.
أما إيران فستثبت إنتاجها عند 3.797 مليون برميل يوميا مقارنة بـ 3.975 مليون برميل قبل الاتفاق..
الجدير بالذكر أن طهران وقعت في السابع من ديسمبر الجاري اتفاقا مبدئيا مع شركة (رويال داتش شل) النفطية الكبرى لتطوير حقول غازية ونفطية رئيسية، كما سبقتها شركة توتال النفطية الفرنسية خلال نوفمبر الماضي في التوقيع على اتفاق مبدئي قيمته 4.8 مليار دولار لتطوير حقل فارس الجنوبي البحري، في أول اتفاق من نوعه منذ رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران في يناير الماضي، كما أعلنت إيران في منتصف نوفمبرعن تدشين ثلاثة حقول نفطية جديدة بإجمالي إنتاج يزيد على 220 ألف برميل يوميا.
وخلال الأيام القليلة التي أعقبت اتفاق أوبك، ارتفعت أسعار النفط العالمية ليتجاوز مزيج برنت مستوى 55 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 16 شهرا، حيث وصلت الزيادة المسجلة بعد ثلاثة أيام في أسواق التداول العالمية إلى 19% لمزيج برنت العالمي، و16% للخام الأمريكي.
وتتوقع أوبك في تقريرها الشهري، أن يصل إجمالي الطلب خلال 2017 إلى 32.6 مليون برميل يوميا، متخطيا سقف الإنتاج الذي حددته المنظمة لأعضائها ضمن الاتفاق الجديد، كما توقعت المنظمة أن ارتفاع الطلب بجانب اتفاق تخفيض الإنتاج سيؤديان إلى انخفاض المخزون العالمي بوتيرة سريعة وإعادة التوازن للسوق خلال النصف الثاني من 2017.
وبالحديث عن مصادر الطاقة المستدامة والتباين الواضح في برودة فصل الشتاء عاما بعد عام، تتجه الأنظار إلى الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي للطاقة، حيث تستهدف العديد من الدول تنويع مصادر الطاقة لديها آخذة في الاعتبار التغيرات المناخية وتأثيرها على المدى الطويل، إلا أن أسعار الغاز الطبيعي تراجعت خلال العام بشكل حاد وربما تكون قد شهدت معدلات تراجع أكبر من أسعار النفط.
وكانت أسعار الغاز الطبيعي قد وصلت بنهاية العام الماضي في أميركا الشمالية أقل من دولارين للمليون وحدة حرارية بريطانية، بينما هوت أسعار الغاز الطبيعي المسال بمقدار الثلثين في عامين.
وعانى سوق الغاز أيضا من أزمة تخمة المعروض، خاصة بعد دخول إنتاج أستراليا من الغاز الطبيعي المسال بأحجام هائلة إلى السوق، وتوقعات وكالة الطاقة الدولية أن يتباطأ نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي إلى نسبة 1.5 في المئة في المتوسط حتى عام 2021.
وعلى الرغم من تزايد الفجوة بين العرض والطلب، يستعد منتجو الغاز لتشغيل 6 مصانع إسالة جديدة في أستراليا وروسيا والولايات المتحدة في عام 2017.
ويتوقع بأن يتضاعف حجم تجارة الغاز الطبيعي عالميا بأكثر من أربع مرات، في حالة دخول تلك المشروعات حيز التشغيل، في الوقت الذي تشير فيه التقديرات إلى أن السوق يشهد وفرة في المعروض تقدر بحوالي 60 مليون طن متري.
وبعد أن سجلت الأسعار أدنى مستوياتها في عدة أعوام خلال فبراير الماضي، عادت أسعار الغاز الطبيعي إلى التوازن مدعوما، بدخول فصل الشتاء وزيادة برودة الطقس التي ساعدت على الحد من تخمة المعروض.
ووفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، انخفض مخزون الغاز الطبيعي بمقدار 42 مليار قدم مكعب في الأسبوع المنتهي في 2 ديسمبر الجاري، مما ساعد على دفع الأسعار إلى أعلى مستوياتها منذ ديسمبر 2014، وتوقعات الأرصاد الجوية بموجات برد، ساهمت في دعم ارتفاع الطلب بعد موسم الخريف الذي شهد زيادة سريعة في المخزونات.
وفي بورصة نيويورك التجارية، تتداول عقود الغاز الطبيعي تسليم يناير بالقرب من 3.777 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، فيما يأمل المحللون بأن يسجل 4 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بنهاية العام واستمرار درجات الحرارة في الانخفاض خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية.
كان العام حافلا أيضا بالنسبة للذهب والفضة، كليهما ملاذ آمن للبنوك المركزية حول العالم وللمستثمرين للتنويع في محفظتهم الاحتياطية وكخط دفاع أمام تقلبات العملة.
وقرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في ديسمبر 2015 رفع سعر الفائدة لعملة الدولار الأمريكي، وهي الخطوة التي تسبب تراجعا في سعر الذهب والفضة، واستمرت حالة الترقب خلال العام الجاري لرفع الفائدة مرة أخرى خاصة في ظل إشارات اقتصادية أمريكية قوية، رغم التقلبات الحادة في البورصات تزامنا مع قلق المستثمرين حول آفاق نمو الاقتصاد العالمي، وجاء القرار المرتقب أمس الأربعاء برفع معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتتراوح بين 0.5% و0.75%.
كما لاقى الذهب والفضة بعض المقاومة في ظل تراجع أسعار النفط العالمية ما أضطر الدول المنتجة والمصدرة لبيع مخزوناتهم من المعادن لتعويض خسائرها.
فيما ساهمت حالة عدم اليقين السياسي التي ضربت الأسواق العالمية في أعقاب قرار أغلبية البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي في تحقيق الذهب أعلى مكاسبه منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، حيث سجل خلال التداولات 1358.20 دولارا للأوقية مسجلا أعلى سعر منذ مارس 2014، خاصة بعد وصول الإسترليني لأدنى مستوياته في 31 سنة، لتبلغ مكاسب الفضة نحو 14% و7.8% للذهب.
واستفاد المعدن النفيس من حالة الغموض التي صاحبت سباق الرئاسة الأمريكية، ومن بعدها حالة التفاؤل بعد انتخاب ترامب ووعوده بزيادة الإنفاق واستعادة الاستثمارات الأمريكية بالخارج وفرض قيود حمائية لدعم الاقتصاد الأمريكي.
ومن المتوقع أن يواصل الذهب والفضة صعودهما خلال العام القادم مع بدء بريطانيا في إجراءات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي وتسلم دونالد ترامب للسلطة والترقب لنتائج اتفاق أوبك ومردوده على الأسواق العالمية.