الأربعاء 19 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الإخوان.. بين كيري وكيسنجر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا شك في أن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين يسودها الكثير من اللبس والغموض، حيث تحكم الولايات المتحدة الآن رؤيتان متضاربتان ومتداخلتان بشأن التعامل مع النظام السياسي الجديد في مصر، الأولى تتحفظ على الانفتاح في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، ويعبر عن هذه الرؤية قطاع ليس بالقليل من الخبراء والمتخصصين وبعض العاملين في الإدارة الأمريكية الحالية، أما الرؤية الثانية، فترى أنه لا مناص من التعامل ودعم الإخوان في القاهرة، ويعبر عنها الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري وبعض العاملين في المراكز البحثية وثيقة الصلة بعملية صنع القرار في البيت الأبيض، والتي استطاعت جماعة الإخوان المسلمين في التواصل معهم مباشرة عقب اندلاع الثورة المصرية في يناير 2011.
ويرى الفريق الأول، أن إدارة أوباما تتعامل بشكل خاطئ مع جماعة الإخوان، ويجب ألا تضع البيض كله في سلتهم، خاصة وأن الثورة المصرية لم تستقر بعد، وما زال الشارع غاضبًا من الإخوان الذين أثبتوا بأنهم غير مؤهلين لحكم البلاد، بالإضافة إلى أن الإخوان ينقضون عهدهم بشكل سريع، فإذا استقرت لهم الأوضاع ربما ينقلبوا على الإدارة الأمريكية، ويأتي على رأس هذا الفريق وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، والذي توقع بأن يصل الصراع السياسي الحالي في مصر إلى مواجهة حتمية، وتصفية حسابات بين الجيش و“,”الإخوان“,”، وأن الجيش و“,”الإخوان“,” هما المستفيدان الوحيدان من ثورة يناير، ويؤكد كيسنجر “,”أن هناك نوعين من الثورات، ثورات ديمقراطية، وأخرى تاريخية، وثورة مصر من النوع الثاني، التي لا تترك في أعقابها إلا الدمار، ولم يستفِد منها إلا العسكريون والإسلاميون، فالشباب الذين دعوا للثورة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لم تكن لديهم خطة واضحة لما بعد الثورة، وفي نهاية الأمر سيندلع صراع بين الجيش وجماعة الإخوان“,”.
أما الفريق الثاني، فيرى أن الجماعة ستقوم بدور كبير ـ وأفضل من النظام القديم ـ في حماية المصالح الأمريكية في مصر والمنطقة، خاصة بعد النجاح منقطع النظير في أول اختبار لها بعد اجتياح إسرائيل لقطاع غزة، حيث عملت بكامل طاقتها لتوفير ضمانات الهدنة بين الطرفين، وفي الواقع، ومن وجهة نظر هذا الفريق، لم يستطع مبارك أن يقدم أفضل من هذه الشروط خلال الـ 30 عامًا السابقة، فعلى الرغم من مرور ما يقرب من ستة أشهر، لم يُطلق صاروخ واحد على إسرائيل، وأصبح العالم العربي والأوروبي يتعامل مع دولتين في فلسطين، حماس والسلطة، فلم تعد هناك فلسطين واحدة، وهذا ما اشتكى منه رئيس السلطة الفلسطينية. وعلى الرغم من أن الأجواء مهيئة تمامًا الآن للنظام المصري بأن يقوم بمصالحة وطنية حقيقية بين الفرقاء في فلسطين إلا أنه ساهم، بوعي أو بدون وعي، في تعميق الخلاف والهوة بين الطرفين بدلاً من تحقيق المصالحة الوطنية.
وبناء عليه، ترى الإدارة الأمريكية الحالية بأن شرعية الانتخابات المصرية القادمة، تحتاج إلى شروط أقل بكثير مما تطلبه المعارضة، وأن على واشنطن أن تعترف بنزاهتها وشرعية أي حكومة تسفر عنها هذه الانتخابات، وعندما تكرر سؤال على الإدارة الأمريكية الحالية مفاده “,”إن كان الرئيس المصري محمد مرسي يسمع ويفعل ما يقوله الأمريكيون“,” يكون الجواب على الشكل التالي: “,”نحن نقول ما نريد قوله.. والحوار مفتوح مع الرئيس وجماعته.. إما التزامهم بما نقوله لهم.. أو سيكون هناك أمر آخر“,”.
وفي غاية الأمر، هناك عدة تساؤلات تدور في ذهن الكثير من المصريين حول مدى استقلالية القرار الوطني، ومدى تخلص الرئيس وجماعته من التبعية للولايات المتحدة، وماهية طبيعة العلاقات الإخوانية الحمساوية من ناحية، والعلاقات الإخوانية الإسرائيلية من ناحية أخرى.
أعتقد أن الأمر الآن بِيَد الدكتور محمد مرسي، هو الوحيد المخوَّل والقادر على الإجابة عن كل هذه التساؤلات بشفافية، فهل سيفعل..؟ أم كالعادة لن يجيب على شيء في ظل وضع أمني ونفسي سيئ يعيشه المصريون حاليًا.