الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

تعويم الجنيه يثير الجدل بين الخبراء.. مؤيديون: سيقضي على المضاربة بالدولار في السوق السوداء.. ومعارضون: مخاوف من زيادة الدين العام وإرهاق موازنة الدولة.. ومصيلحي: قرار انتظرناه طويلا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قرر البنك المركزي المصري، صباح اليوم الخميس، تحرير سعر صرف الجنيه المصرى والتسعير وفقًا لآليات العرض والطلب، وإطلاق الحرية للبنوك العاملة النقد الأجنبى من خلال آلية الإنتربنك الدولاري، ما أثار الكثير من التساؤلات حول مدى فاعلية هذا الإجراء على المدى القصير والمتوسط وتأثيره على الاقتصاد عامة والمواطن الفقير على وجه الخصوص.
وتعويم سعر صرف الجنيه، هو أسلوب في إدارة السياسة النقدية، ويعنى أن يترك البنك المركزي سعر صرف عملة ما ومعادلتها مع عملات أخرى، يتحدد وفقًا لقوى العرض والطلب في السوق النقدية، وتختلف سياسات الحكومات حيال تعويم عملاتها تبعًا لمستوى تحرر اقتصادها الوطني وكفاية أدائه.
وهناك نوعان لتعويم العملة، الأول هو "التعويم الحر" ويعني أن يترك البنك المركزي سعر صرف العملة يتغير ويتحدد بحرية مع الزمن بحسب قوى السوق والعرض والطلب، ويقتصر تدخل البنوك المركزية في هذه الحالة على التأثير في سرعة تغير سعر الصرف، وليس الحد من ذلك التغير.
ويتم الاعتماد على هذا النوع من التعويم في عملات الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة، مثل "الدولار الأميركي والجنيه الاسترليني والفرنك السويسري"؛ لكن لا يكون مجديًا أو يمكن الاعتماد عليه في حالة مثل الحالة المصرية التي تواجه العديد من الأزمات الاقتصادية، اقتصادها نتيجة للتفاوت الكبير بين صادراتها ووارداتها.
والنوع الثاني من التعويم هو "التعويم المدى"، ويقصد به ترك سعر الصرف يتحدد وفقا للعرض والطلب مع تدخل البنك المركزي كلما دعت الحاجة إلى تعديل هذا السعر مقابل بقية العملات، وذلك استجابة لمجموعة من المؤشرات مثل مقدار الفجوة بين العرض والطلب في سوق الصرف، ومستويات أسعار الصرف الفورية والآجلة، والتطورات في أسواق سعر الصرف الموازية.
ويعني ذلك أنه في حال زيادة الطلب على الدولار في سوق النقد الأجنبي، فإن معدل سعر صرف الدولار يميل نحو الارتفاع، وإذا ما انخفض الطلب على الدولار فإن معدل سعر صرفه يميل نحو الانخفاض، ويعني ذلك أن معدل سعر صرف الدولار سوف يخضع لموجات الطلب والعرض، وترتفع وتنخفض وفقًا لقاعدة العرض والطلب.
وفي حالة مصر ومع تعويم الجنيه مقابل الدولار، فإن المستهلك المصري هو المتضرر الأول من ذلك، حيث تستورد مصر أكثر من 70% من إجمالي استهلاكها من جميع السلع والمنتجات، ومع قيام الحكومة بتعويم الجنيه، فإن ذلك سوف يتسبب في موجات صعبة من ارتفاعات الأسعار، وبالتبعية سوف ترتفع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية
وأكد الدكتور محسن عادل، الخبير المصرفي، أن ما تم ليس تعويما ولكن تحريرا للأسعار، والبنك المركزي حتى يضمن السيطرة على السوق والحد من المضاربات اتخذ العديد من الإجراءات خاصة في مجال فوائد شهادات الاستثمار، مشيرا إلى أن البنوك سوف يتم السماح لها ابتداء من اليوم العمل حتى الساعة التاسعة مساء وفي العطلات والإجازات للحد من اتجاه المتعاملين للجوء للسوق السوداء خاصة بعد أن أصبح السعر في البنوك أعلى من الأسعار الموجودة في السوق السوداء وهو أكثر ربحا للمواطنين، وهي خطوة للحد من تلاعب تجار العملة بالأسعار، مؤكدا أن ما حدث خلال الاسابيع الماضية من تغير سعر الدولار في السوق السوداء كل عشرة دقائق لم تشهده مصر من قبل، لهذا كان يجب اتخاذ موقف حاسم وسريع، لافتا إلى أن هذا القرار من شأنه التأثير على الأسعار والعطاء الاستثنائي الذي سيعلنه البنك المركزي اليوم قرار ممتاز لأنه سيقضي على المضاربات والطلب المبالغ فيه على الدولار، حيث إن ذلك من شأنه جذب سيولة جديدة للقطاع المصرفي وزيادة التدفقات النقدية في البنوك المصرية، مؤكدا أن قرار تحرير سعر الصرف سيوفر فرصة إيجابية للسوق الرسمية والبنوك لامتصاص حصة كبيرة من معروض النقد الأجنبى، ومنافسة السوق الموازية بقوة، ولكنه ربما يتحول بسوق الصرف كلها، رسمية أو موازية، إلى سوق سوداء، بمعنى انتقال أثر المضاربة من شركات الصرافة إلى البنوك، مع رغبة كل بنك في امتصاص حصة من النقد الأجنبى، وتنمية محفظته الدولارية، خاصة مع ضمانها لهامش الربح الذي تقرر وفق خريطة عملائها وحجم عملها داخليًّا وخارجيًّا وما يمكنها استغلاله من مغريات للمستثمرين ورجال الأعمال من حدود ائتمان وملاءات للاعتمادات المالية، إضافة إلى أنه سيؤمّن للدولة الحصول على احتياجاتها من الدولار بشكل أسهل من الفترة السابقة، عبر الاستفادة بتقنين تداول الدولار وما يوفره من إحصاء كامل للمعروض منه في السوق المحلية، وهو ما يُقلّل من عجز ميزان الحساب الجارى.
كما أنه سيؤدي إلى انخفاض الأسعار مؤكدا أن الأمر الآن في يد التجار وأراهن على حسهم الوطني وعلي الغرف التجارية للخروج سريعا بالإعلان عن مبادرة بعدم ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وهو أمر ليس بجديد عليهم؛ لأنه تم بالفعل خلال اليومين الماضيين، وهو ما إدى إلى انخفاض سعر الدولار بسرعة.
وطالب الخبير المصرفي بعمل قائمة سلع استرشادية من قبل اتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات وإلزام التجار والصناع بالعمل بهذه القائمة.
وحذر عادل من ارتفاع تكلفة الدين العام نتيجة استيراد السلع المدعمة وبالتالي ستزداد تكلفة الدعم على الدولة وليس المواطن وهو ما سيؤدي إلى زيادة الدين العام على الدولة، وهو ما يمثل تحديات في وجه متخذي القرار في الحكومة المصرية.


ومن المتوقع استقرار سعر الدولار بين 11 و13 جنيهًا، وهو ما سيزيد من عجز الموازنة العامة، إضافة إلى ضغطه على معدل التضخم عبر رفع عبء الاستيراد وبالتبعية إما سيقود إلى اتجاه انكماشى للاقتصاد نوعًا ما، ما يزيد التضخم ويرفع معدلات الفقر ويؤدى لتآكل مدخرات المواطنين والإضرار بالعاملين وقيمة الدخل الحقيقى لهم، أو سيتمكن السوق من التماسك عند معدلاته الاقتصادية الحالية، متحمّلًا الأعباء المترتبة على زيادة معامل التحويل النقدى بين الجنيه وسلة العملات الأجنبية، وهو ما يعنى تراجع معدل الادخار وتقلص المحفظة الائتمانية للبنوك، وهو ما سيؤثر بقوة على قدرتها على تمويل المشروعات وتوفير القروض الاستثمارية والتجارية، وبالتبعية سيقود إلى تراجع مستوى الاقتصاد وتراجع مستويات المعيشة وزيادة نسب الفقر أيضًا.
لافتا أن قرار تحرير سعر الصرف قد لا ينتج عنه مزيدا من النقد الأجنبى نظرا لرغبة الأفراد في الاحتفاظ بالأرصدة الدولارية والمكاسب الرأسمالية لتغيير سعر الصرف أكبر من أسعار الفائدة، ولكى يكون القرار فعالا لابد من مرونة الجهاز الإنتاجى فهناك العديد من العقبات التي تعترض زيادة الإنتاج في مصر ولابد من تواجد إجراءات مكملة لتنشيط المناطق الاقتصادية وإزالة العقبات أمام المستثمرين بهدف إعادة الثقة وفعالية القرار، ومعالجة مشكلة الركود وتباطؤ الاقتصاد الحالى لخلق فرص عمل وكذلك لم يكن التعويم مناسبا نظرا لعدم وجود تقارب بين العرض والطلب على العملات وحتى لا تحدث طفرة كبيرة بين العرض والطلب. 
وأكد الدكتور على مصيلحي، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن هذه الخطوة تأخرت وكان يجب أن تتخذ منذ فترة، وهذا قرار صائب تماما؛ لأنه ليس هناك اختيار للانتظار لاتخاذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه لأنه بمثابة قتل مع سبق الاصرار للاقتصاد المصري، مشددا على أن البرلمان ليس جهة تنفيذية حتى يجبر الحكومة على اتخاذ مثل هذا القرار، مطالبا البنك المركزى بالاتفاق مع الشركات الدوليه في مصر على توفيق أوضاعها وجدولة استخدامها للدولار في عمليات الإنتاج واستيراد مستلزمات الإنتاج.
وطالب مصيلحي الوزراء المعنيين بضبط مسالة الاستيراد ولا يكون الأمر تطوعيا من قبل بعض التجار والصناع وأن يكون الأمر إلزاميا خاصة فيما يتعلق بالسلع غير الأساسية والكمالية، وضبط الاستيراد لفترة تتراوح بين 3-6 أشهر خاصة فيما يخص السلع الترفيهية؛ لأننا جميعا أصحاب مصلحة في ضبط الاقتصاد المصري، وعلينا تحجيم الطلب على الدولار وهو أمر في ايدي الحكومة فقط؛ لأن الأمر اليوم لا يتحمل إلا الصراحة والوضوح وتكاتف جميع الأجهزة المعنية في مواجهة الظروف الحالية ووضع رؤية يتم العمل على أساسها.